18 ديسمبر، 2024 8:42 م

عن أزمة النظام الايراني

عن أزمة النظام الايراني

هل يمکن للنظام الايراني أن يتصدى للأزمة الحالية التي تواجهها بطريقة تختلف تماما عن الطريقة التقليدية التي تصدت بواسطتها للأزمات السابقة التي واجهتها طوال العقود الاربعة المنصرمة؟ إجبار النظام الايراني على قبول قرار وقف إطلاق النار في الحرب التي ساهم بإطالتها مع العراق لثمانية أعوام وکذلك إجباره على الجلوس على طاولة التفاوض فيما يرتبط ببرنامجه النووي وتوقيع الاتفاق النووي، هذان المثالان اللذان يجسدان واقع الدور الذي دأب هذا النظام على تمثيله حيث يظهر تعنتا وتشددا غير عاديا في البداية ثم يجنح بعد ذلك للإستسلام والرضوخ للأمر الواقع.
مايجب أن نلاحظه هنا ونأخذه بنظر الاعتبار، هو إن الظروف والاوضاع التي يواجهها النظام الايراني خلال أزمته الحالية مع الولايات المتحدة الامريکية تختلف الى حد بعيد مع ظروفه وأوضاعه خلال الحالتين السابقتين اللتين أوردناهما آنفا، إذ أنه في أضعف حالاته ويعاني من الکثير من الازمات والمشاکل المتراکمة عليه، رغم إن أهم وأکبر مشکلة تواجهه تتجسد في موقف الشعب الايراني منه والذي قد توضح تماما بعف الانتفاضة الاخيرة التي قادتها منظمة مجاهدي خلق وتمخضت عنها الاحتجاجات الشعبية ونشاطات معاقل الانتفاضة ومجالس المقاومة، بما يدل إن هناك حالة مواجهة متواصلة ضد النظام تجسد عمق الرفض الشعبي ضده مع إن أکثر شئ يزعج النظام ويجعله يشعر بصداع مستمر هو إن کل تلك النشاطات الاحتجاجية تجري على هدى وضوء توجيه وقيادة مجاهدي خلق.
هذا الرفض الشعبي الخطير والذي صارت الاوساط السياسية والاعلامية الاقليمية والدولية تأخذه بنظر الاعتبار، يأتي متزامنا لأوضاع إقتصادية أدنى من وخيمة، إذ أن هذا الاقتصاد المصاب بنوع من الکساح على مشارف الانهيار وبحاجة ماسة لحقنه بمنشطات من الصعب جدا توفيرها، ناهيك عن إن النظام يعيش ظروف عزلة غير مسبوقة، کما إن تحالفاته مع بلدان يعول عليها نظير روسيا والصين وترکيا، فإن لکل واحدة منها ظروفها وأوضاعها الخاصة ومن الجهل المفرط المراهنة عليها، بل وحتى إن إحتمال أن يقلب أي طرف منهم أو ثلاثتهم على حد سواء ظهر المجن للنظام الايراني، أمر وارد خصوصا وإن الدول الثلاثة لم تجعل تحالفها مع هذا النظام استراتيجيا وإنما تکتيکيا وهذا أمر مهم جدا يجب أخذه بنظر الاعتبار.
وعودة أخرى ولکن حاسمة للسٶال الذي طرحناه في بداية المقال: هل يمکن للنظام الايراني أن يتصدى للأزمة الحالية التي تواجهها بطريقة تختلف تماما عن الطريقة التقليدية التي تصدت بواسطتها للأزمات السابقة التي واجهتها طوال العقود الاربعة المنصرمة؟ فإن التصور بأن هناك من طريقة جديدة قد يستخدمها النظام في ضوء ماقد شرحناه، إنما هو ضرب من الوهم خصوصا بعد إعلان المرشد الاعلى للنظام من إنه لاحرب ولامفاوضات والذي يعني تهرب مکشوف من المواجهتين السياسية والعسکرية على حد سواء!