حين يصح القول في الامتحان يكرم المرء او يهان.. تبدو مقاربة ذلك بامتحان الوقوف أمام صناديق الاقتراع نموذجا لتحديد مسارات دورة برلمانية أخرى.
المفارقة الأولى.. ان ازدواجيات المواقف تصاحب المقترع حتى لحظة الاختبار في نوع الاختيار… ومع صخب الحديث عن الإصلاح الشامل وكل ما فيه من ازدواجيات الطرح السياسي في حملات انتخابية مبكرة.. تبدو ان تلك الوقفة لن تحسم نوع الاختبار الشعبي لجمهور المقترعين في لحظة الاختبار.
المفارقة الثانية.. ان مفوضية الانتخابات في كل جهودها القانونية والتثقيفية.. لم تلمس عصب العزوف الشعبي عند الاغلبية الصامتة والامكانيات المتاحة لتحشيدهم امام صندوق الاقتراع المقبل.. وايضا مجلس النواب بقانون الانتخابات السابق او الحالي.. لم يتعامل مع الفارق بين شرعية قانونية للمشاركة ومشروعية الاغلبية الشعبية في نسبة أصوات من يحق لهم الاقتراع.. والتفاوت بين كلا الحالين تقع مسؤوليته الأولى على عاتق مفوضية الانتخابات.. وحتى اليوم لم تظهر اي خطة عمل أو برنامج تطبيقي من ادراج المفوضية بهذا الاتجاه.
المفارقة الثالثة.. كل من يضع نفسه على مقاعد الاغلبية الصامتة.. او من يدعو المقاطعة لصناديق الاقتراع.. لم يقدم خطة البدائل المتاحة لمواجهة هيمنة اقلية من أحزاب مفاسد المحاصصة وامراء عوائل الأحزاب على نتائج الانتخابات.. ولن يكون ما يطلق عليه العرس الانتخابي.. الا مجرد مصروفات مهدورة فحسب.
لذلك لابد من خطة بدائل متعددة الأطراف. تبدأ في ذات الأحزاب لفهم المتغيرات الداخلية قبل الخارجية.. واعادة تقييم المواقف واتجاهات العمل لفتح الأبواب امام مشاركة واعية من الشباب في قيادة الدورة البرلمانية المقبلة.
وهذا يتطلب قرارات جريئة وبرامج اكثر تمسكا بالقانون والدستور لصياغة مدونة سلوك انتخابية جديدة تلزم الأحزاب بالكشف عن الذمة المالية ومصادر التمويل الانتخابية.. وتعظيم العقوبات على اي توظيف للشعارات الطائفية واستغلال الدين في البرامج الانتخابية… لعل أبرزها استخدام المنبر الديني في الدعاية لهذا الحزب او ذلك المرشح.
كنا يتطلب مراجعة مطالب الاغلبية الصامتة.. وهي معروفة للجميع في العدالة والانصاف لتوزيع الثروة الوطنية ما بين المنفعة العامة للدولة والمنفعة الشخصية للمواطن الناخب.. في عراق واحد وطن الجميع.
فهل من مدرك او من عاقل يتفهم هذه الضرورات وتلك المتغيرات.. وان الايام تداول ولم تكن لك بالأمس حتى تصل لغيرك في الغد. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!