كلما يقترب موعد الانتخابات تتكشف أقنعة السياسيين وتظهر حقيقتهم، ويتضح تباين القول من الفعل ، ليثبتوا لنا مرة أخرى سوء اختيارنا وزيف إدعاءاتهم .
حديث رئيس الوزراء نوري المالكي المطول مع إحدى وسائل الإعلام الذي لم يأت بجديد سوى مقطع لا يتعدى الدقيقتين ، أوضح لنا تفاصيل الخارطة التي تسير وفقها الأمور في العراق أمنياً وسياسياً ، ولا أعرف أن كان المالكي يقصد بهذا الجزء من حديثه التسويق لنجله ربما لمرحلة مقبلة ، لكنه أثبت بنفسه أن ذوي النفوذ يتحكمون في كل مفاصل الدولة حتى داخل أكثر المؤسسات تأثيراً في صنع القرار ، وأن ما يحدث من خروقات أمنية وهروب لقياديي الجماعات المسلحة من السجون ، وتفشي كل أشكال الفساد في المؤسسات العامة ليس وليد الصدفة ، وإنما يسير ضمن إطار ممنهج تحت أنظار ومسامع الحكومة وربما الدولة بكل سلطاتها .
سأقتبس عن المالكي كلاماً بتصرف ورد في المقطع المذكور من حواره “شخص يملك عقارات في المنطقة الخضراء وشركة أمنية غير مرخصة و100 سيارة دخلت العراق عن طريق التهريب ومئات الأسلحة ومطلوب للدولة بمبالغ ضخمة ، قام أحمد “نجل المالكي” باعتقاله لأن القوات الأمنية تتخوف من الإقدام على ذلك بسبب نفوذه الواسع” ، هناك تساؤلات عدة ترد في ذهني وربما أذهان الكثير منكم ، لماذا لا تستطيع القوات الأمنية اعتقاله؟
وما معنى التخوف من نفوذه الواسع ؟!
وأي قانون يسمح لنجل رئيس الحكومة الذي لا يملك أية صفة وظيفية ولا يتصدى لأي منصب رسمي باعتقال شخص مطلوب ؟؟ .
أين دور رئيس الحكومة في محاسبة القوات الأمنية التي يقول إنها تتخوف من اعتقال المطلوبين؟
كل هذه التساؤلات يجب أن نضعها نصب أعيننا وأن نبحث عن إجابة لها بعيداً عن عواطفنا ومواقفنا السياسية ، يجب أن نعي ما يجري من حولنا وأن نوسع مديات إدراكنا لفهم “اللعبة القذرة” التي مارسها السياسيون معنا وما زالوا ، فالحديث عن دولة القانون واللوائح والأنظمة لا يطبق إلا على المواطن البسيط ، فيما يتمتع أصحاب العلاقات المشبوهة بصلاحيات لا يملكها حتى من يتسنمون مناصب رفيعة ومن يتذكر قضية وزير الاتصالات محمد علاوي واستقالته المثيرة للجدل سيفهم ما أقصده.
ما تحدث به المالكي يجب أن لا يمر مرور الكرام ، وعلينا أن نقف برهة من الزمن لنعرف كيف تسير الأمور في هذا البلد ، وأين نقف نحن اليوم مما يحدث وأي “عهر” يحمله السياسيون بعدم احترامهم لوعودهم الانتخابية التي قطعوها على أنفسهم أمام ناخبيهم.
كلام المالكي لم يكن الأول لمسؤول أو سياسي يدل على قلة احترام للشعب ، واستخفافا بالقوانين التي يتبجحون بتطبيقها هم قبل غيرهم ، وأعتقد إنه لن يكون الأخير إذا ما أستمر الحال على ما هو عليه من دون أية مساءلة .