18 ديسمبر، 2024 9:05 م

عندما يمسك بالقلم جاهل و بالبندقية مجرم وبالسلطة خائن يتحول الوطن الى غابة لاتصلح للعيش

عندما يمسك بالقلم جاهل و بالبندقية مجرم وبالسلطة خائن يتحول الوطن الى غابة لاتصلح للعيش

اكثر ما يزعج الأنظمة الفاسدة والشمولية هو وعي الشعوب واكثر ما تسعى اليه تلك الأنظمة هو تجهيل الشعوب وذلك لسهولة التحكم بعقولها وتحريكها كيف تشاء وافقارها على مبدأ جوع كلبك يتبعك. والتأريخ يخبرنا بأن الملوك الجبابرة الذين استعبدوا الشعوب مثل الفراعنة وغيرهم تألهوا لانهم وجدوا جماهير تخدمهم بلاوعي ولا ادراك. فالدكتاتوريات والأنظمة الفاسدة مثل نظام المحاصصة العراقي انما تصنعها الشعوب بسكوتها ثم ما تلبث ان تثور عليها بعد حين عندما ترفع عن نفسها غشاوة التجهيل والتظليل. في هذا العصر اصبح تظليل الشعوب مثلاً بالطائفية وفق مبدأ فرق تسد شيئاً من الصعب تطبيقه بسبب الانفتاح الذي وفرته وسائل الاتصالات الالكترونية الحديثة والتي جعلت الشعوب مفتوحة بعضها على البعض بأكثر من وسيلة واحدة. فلم يعد الزمن وجود إذاعة واحدة او محطة تلفاز واحدة بحيث يكفي حركة بسيطة لأحداث انقلاب في السلطة او السيطرة على عقول الناس من خلالهما. ولهذه الأسباب تعمد السلطات الفاسدة والشمولية لتجنيد عدد كبير من الكتاب المدفوع لهم خاصة من الجهلاء لتظليل الناس ومن المجرمين المرتزقة لدفعهم للقيام باغتيال وقتل معارضيهم حتى ولو بالكلمة. بعض هؤلاء السلطويين هم انفسهم يصفون اتباعهم بالجهلة ولعلهم يستشعرون ارادتهم في تحقيق ذلك او رغبة منهم في تحقيقه.

ان السلطة الفاسدة تسخر اللاهوت والفلسفة والقانون لخدمة مصالحها بحيث تحاول ان تجعل ذلك كله قيود تكبل بها الشعوب وتمنعها من التحرر من تلك القيود. فهي تحسن التملق للسلطة الدينية وتسعى لتكون هي الراعي لتلك السلطة والحافظ لها والمدافع عنها لتوهم الناس وسلطتها الدينية بانها هي التي تحافظ على القيم بينما في الواقع هي أساس الفساد من حيث تشعر او لا تشعر. ومن صفات هؤلاء الفاسدين والطائفيين هو انهم يتربصون الفرص والمتربص للفرص لابد ان يسعى لأحداث الخلاف بين مكونات المجتمع حتى تتاح له اكثر الفرص لتحقيق اغراضه ومصالحه ومصالح اسياده لأنه غالبا ما يكونون خونة. فاذا اختلف أصحاب الحق أصبحت فرصة للمبطلين واذا اختلف العراقي الشيعي مع السني او الكردي مع العربي أصبحت فرصة لغير العراقي لكي يحقق ما يريد ويكون عند ذاك الخاسر الوحيد هم أبناء الشعب الواحد والرابح هم الخونة وأسيادهم مهما كانوا. هؤلاء الحكام الفاسدون لا يؤمنون بمبدأ المساواة فيحقق عدم الايمان بالمساواة لهم مبدأ فرق تسد مما يجعلهم يحولون البلد التي يحكمونها الى طبقة ثرية متنعمة قليلة قادرة على شراء غيرها وطبقة فقيرة كثيرة تصل الى درجة بيع نفسها مما يوفر فرصة للطبقة الثرية الفاسدة والتي تحكم الطبقة الفقيرة من التلاعب بها وتجنيد قسم منها كمرتزقة بقلم او ببندقية من اجل لقمة العيش. ويتولد عن ذلك ممسك بالقلم جاهل و بالكاتم قاتل مأجور وبالسلطة عميل خائن وفاسد فتتحول البلاد الى غابة لا تصلح للعيش كما تشير الى ذلك وثائق المنظمات الدولية.

ان الفرق بين الطغاة والمقسطين هو ان الطغاة عندما تثور عليهم الشعوب يقمعونها ويتمسكون بالسلطة ولو بقتل الشعب بينما المقسطين يعاملون شعوبهم برأفة وعدل وقسط ولا يتمسكون بالسلطة الا لخدمة شعوبهم. وهذا يفسر تماما تمسك أحزاب السلطة العراقية بسلطاتهم ونفوذهم ولو على دماء وقتل واغتيال الشباب العراقي الرافض لهم حتى وان دفعوا باتباعهم للقيام بالضد من الشباب المنتفض او لإزاحته كما يسعون لذلك بعد فشل المحاولات الأخرى. فعندما يتحول المرء الى طاغية يتولد لديه شعور سيكولوجي يوحي اليه بأنه هو السيد او أنه خليفة الله في الأرض وأنه ولي أمر الاخرين وغيره هم خدم مطيعون لكلامه ما عليهم الا التنفيذ وحسب ويعطي نفسه القاب مثل القائد والأمين وغيرها من القاب. هذه الصفات يشترك واشترك بها جميع الطغاة في كل العصور كما تشير سير حياتهم. من هنا ينبثق المدافعون عن الطغاة وبذلك يحصل الفرق بين الاحرار والعبيد فالأحرار يدافعون عن الفكرة بغض النظر عمن قالها اما العبيد فيدافعون عمن قال الفكرة ولا يهمهم ما تكون تلك الفكرة. ومن هنا تبرز فكرة الخطوط الحمراء التي يضعها أولئك العبيد لمعبودهم ذلك الطاغوت المقدس والذي حصل على قدسيته أولا واخرا منهم. ومن الخطأ ان ينسب تقديس الأشخاص لله سبحانه وتعالى فذلك عيسى بن مريم كلمة الله وقول الحق لم يكن طاغوتا ولا محمد ولا نوح ولا إبراهيم ولا اهل البيت بل كانوا جميعا مضطهدون وكان الله يقول لرسوله انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ليس لك ذلك لان الله اذا شاء جعلهم كلهم مؤمنين. الاستبداد والطغيان هو من فعل البشر وليس من فعل الله ولكن الطغاة يستخدمون كل شيء بما في ذلك الدين وقيمه من اجل تبرير طغيانهم واثرائهم.

الأحزاب العراقية منذ عام ٢٠٠٣ قادت العراق في كل شيء الى الخراب وهذا يجعل عصيان كل فرد من الشعب العراقي حقاً من حقوقه بل واجباً شرعيا ووطنياً عليه. فاذا كانت الأحزاب وحكوماتها وبرلمانها يقودك للخراب والفشل والفساد فلابد ان تعصي ذلك لأنه يؤدي الى المزيد من الضعف والتقهقر وتسليم الامر للخارج. وهذا العصيان هو نوع من أنواع الحرية والانعتاق وهي حق من حقوقك والايمان بالحرية كحق والحياة كحق لبلدك هي من اقوى الأسلحة ضد الطغاة. ان الذي يأخذ حق شخص آخر من الحرية هو ليس حراً نفسه بل ظالم والظالم والمظلوم كلاهما قد جرد من انسانيته الثاني بسبب الأول والأول بسبب نفسه. والحرية تأخذ بالارتقاء اليها فهي لا تهبط الى الشعوب بل الشعوب عليها ان ترتقي الى الحرية والانعتاق.

ان عراق ما بعد عام ٢٠٠٣ اجتمع فيه الفقر والجهل والمرض والخراب والفشل والفساد والقتل والعمالة والأحزاب الطائفية واذا اجتمعت هذه الكوارث في بلد دمرته وجعلت اهله اذلة. في بلد كهذا يصبح فيهم القوي يسرق الملايين ولا يحاسبه احد بينما اذا سرق الضعيف قوت يومه يقيموا عليه الحد! في بلد كهذا لابد للحق ان ينتصر …… ولكي ينتصر الحق لابد من تضحيات وإصرار وعزيمة وتصعيد سلمي ولكن فعال كالريح تمتد في كل مكان فتذهب بالزبد فتجعله جفاءً واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ….

ودمدمت الريح بين الفجاج ……. وفوق الجبال وتحت الشجر