17 نوفمبر، 2024 6:45 م
Search
Close this search box.

عندما يمرض القائد

عندما يمرض القائد

زارني صديقاً ذات يوم  في نهايات القرن الماضي، وكنا في حديث ممتع وامام التلفزيون ، وكان ملك الاردن السابق  ( رحمه الله ) يصارع مرضاً عضال ويعاني من مضاعفات مرض اللمفوما وما يرافقه من تردي مناعه المريض  وازدياد احتمالات الالتهابات البكتيريه  ، واخيراً وكنهايه طبيعيه لتردي المناعه لهؤلاء  للمرضى اللذين يعانون من  مرض سرطان العقد اللمفاويه وفي مراحله المتقدمه  ( والملك مثله مثل كل المرضى ) وصلت الالتهابات البكتيريه الى دمه  واصبحت درجه حراره الملك في صعوداً ونزول وبينما نحن نقلب القنوات التلفزيونيه العربيه والاجنبيه لتصيد الاخبار الساره التي نادراً ما نجدها، جلب انتباهنا  ان كل الاذاعات التي شاهدناها تتحدث عن ارتفاع درجه حراة الملك الاردني و ان طائره  اسعاف طبيه  بكامل طاقمها الطبي الخاص وصلت الى  مطارعمان  ووضعت تحت تصرف  الملك  المريض وحاشيته (ويبدو ان الطائرة تعود الى ملك مريض من الدول المجاوره) لتنقلهم الى امريكا للعلاج  متى ما يشاء ، فعند ارتفاع  درجه حراره  المللك قرر  وحاشيته السفر السريع وبالطائرة  الاسعاف والذهاب الى امريكا للعلاج المبكر وقبل فوات الاوان وبعد وصول الملك وطائرته واسعافاته  الاراضي الامريكيه يبدو ان روحه  فارقت الدنيا فعادوا به على عجل  وقيل  لنا  هذة المرة بالاخبار وحسب توصيات وتوجيهات الملك من انه يرغب ان يموت على ارض الوطن الحبيب ( ايباه كلش حبيب ) .
ومن المفارقات ان ملك العراق فيصل الاول ابن عم الملك حسين  وبينهم رابطه الحامض النووي القويه غير ان قصه مرض الملك فيصل وتعامله مع العلاج تختلف
فعند ما مرض الملك  فيصل الاول في بغداد  استدعى الاطباء العراقيين والاجانب لتشخيص مرضه وشخصوا  له مرضه ( التهاب الزائده الدوديه) واجريت له عمليه  في بغداد ولاول مرة  تجري عمليه لاستئصال الزائده الدوديه  في مستشفيات بغداد ( ونال الملك فيصل شرف الاولويه  في العلاج من بين العراقيين ) واصيب  الملك بمضاعفات الالتتهابات البيكتيريه ولم يكن البنسلين قد اكتشف بعد ، وادت المضاعفات الى وفاته  الملك  فيصل الاول في بغداد وعلى ارض الوطن فهو لم يغادر  بغداد وانما  فضل  ان  يجلب العلاج والاطباء الى بغداد وعلى الرغم من بدايه تشكيل كليه الطب وتخرج النفر القليل من الاطباء العراقيين فضل البقاء والعلاج بين اهله وناسه وفي وطنه ولا اظن ان ملك العراق ومن ورائه بريطانيا العظمى فقيرة الى درجه انها لاتستطيع نقله جواً للعلاج في لندن عاصمه العالم ومركز الامبراطوريه التي لاتغيب عنها الشمس ، ويبدو ان الحكام اللذين جائوا بعد ذلك الملك لحكم العراق الحديث لم يمتلكو القليل من حكمه اول ملك على العراق ، فالرجل حتى في مرضه وموته وضع لُبنه من لبُنات بناء الثقه في الكادر العلمي والطبي في العراق ، فاستقدام الدكتور سندرسن باشا والرعيل الاول من الاطباء العراقيين كان يمثل الحرص على البلد وعلى هيئاته العلميه  وبناء جسور الثقه بها  وتشجيعها .
اين ذهب هكذا نوع من الرجال ؟
ماذا حل بالعراق فجعل قادته  السياسيين والدينيين يحملون المعاول للانقضاض عليه بالكلمه غير المسؤله  ، وبالرائ السقيم  ، وبالممارسه السيئه !!!.
فقادتنا العظام  ومن كل المشارب السياسيه والدينيه يهرعون اليوم  الى لندن والمانيا وامريكا للعلاج والتداوى والمساج .
هل يستغفلون  هؤلاء ( القاده)  اهل العراق بتصرفاتهم هذة  ؟ 
هل يدركون ان بسلوكهم هذا يقولون للعراقيين وهم صادقون فيما يقولون هذة المرة :
 نحن افضل من  كل المواطنين  العراقيين  المرضى والصاحين  ، 
نذهب الى العلاج اين ما نريد ، 
ونستطيع ان ندفع من جيوب  ابناء شعبنا الابي كل ما يستدعي علاجنا ،
نحن من يستحق المكافئه على الرغم من اننا لم نقدم لكم وطناً امناً  .
وبتصرفاتهم هذة فأن لسان حالهم يقول : 
ان الطب بالعراق متدني ولايستحق ان نضيع وقتنا للعلاج  في العراق وما وزارة الصحه والكادر الطبي ما هي  الا مؤسسه نضحك بها على ذفون البسطاء من ابناء شعبنا  الغيارى والمغفلين .
ولا اعتقد ان يختلف اثنان من العراقيين اليوم على ان رساله القاده السياسيين  والدينيين من خلال هكذا  ممارسات  واضحه للجميع  فهم يقولون وببسيط العباره ياناس لاتثقو بقدرات ابناء الوطن  الطبيه ولا تصدقوا ان حال الطب في العراق بخير  فها نحن مثلكم الاعلى نذهب الى المانيا  وامريكا وبريطانيا لابسط انواع العلاج الدوائي والطبيعي والمساجي  ويذهب  معنا جيش من الحمايه في الفنادق المجاوره  وجيش من الاطباء وجيش من المعينين والمعينات اعانهم الله  وجناح  خاص في المستشفى يسهر على علاج ولي الامر ، لايعرف احد مبالغ و فواتير هذا العلاج الا الله والمالكي.

أحدث المقالات