تعرفتُ على صديقي الأستاذ محسن النامس مصادفةً في العاصمة بغداد، عام 2006 تقريبًا. وربما هي القلوب الصافية التي جمعتنا، فاستمرت علاقتنا إلى يومنا هذا.
نعم، إنّ الرجال معادن، لا تعرفهم إلا في أيام الشدائد، وقد أثبتت لي الأيام أن أبا عارف هو من أولئك الرجال النادرين.
رغم كل الظروف التي مرت بها محافظة نينوى، كنتُ أتابع أخبار هذا الرجل أولًا بأول، وهو كذلك كان متابعًا لحالي. كان نعم الصديق، ونعم الأخ. يحمل من الأخلاق الحميدة ما يفتخر به كل من عرفه: أصدقاؤه، أقرباؤه، ومحبيه.
كنت أزوره بين الحين والآخر في مقر عمله عندما كان مديرًا لشركة تصنيع الحبوب – فرع نينوى. وفي كل لقاء، كانت تتجدد المحبة والمودة، وأجد أمامي جبلًا شامخًا من الطيبة، لا تهزّه الرياح.
رغم صعوبة الظروف، استطاع هذا الرجل أن يؤمّن رغيف الخبز لكل العوائل في نينوى، وكان فخورًا بخدمة أهلها من أقصاها إلى أقصاها. حرصه في عمله، ومتابعته الدقيقة لإيصال مادة الحنطة إلى المعامل، والإشراف على طحنها وتوزيعها من خلال وكلاء المواد الغذائية، كل ذلك كان دلالةً على كفاءته ونزاهته.
ومن باب “الرجل المناسب في المكان المناسب”، اختارته وزارة التجارة ليشغل منصب المدير العام للشركة العامة لتصنيع الحبوب، وهي الجهة المسؤولة عن أهم مادة غذائية في العراق: الخبز.
ما زالت تربطني بالأستاذ محسن النامس علاقة طيبة، يزينها التواضع والبساطة، ولم ألتقِ يومًا بشخص إلا وكان يذكره بالخير، ويحدثني عن خصاله الطيبة.
نعم يا أبا عارف،
من يزرع الطيب، لابد أن يحصده. والحياة، مهما طالت، قصيرة. لكن ذكر الطيبين، ومواقف الرجال، هو ما يسجله التاريخ في صفحاته التي لا تُمحى.
كرمك، يا أخي العزيز، لم يأتِ من فراغ. فقد قالت العرب: “أشجع الرجال هم الكرماء”. وأنا أعرف الكثير عن عطائك، ومساعدتك للفقراء والمحتاجين.
ان الصداقة ليست نزهة قصيرة، ولا جلسة اجتماعية عابرة، بل هي معرفة عميقة بنوايا الصديق وطيبة قلبه. ولن أنسى دعوة زواج أخيك مؤخرًا، ومشاركتنا بفرحتكم ورغم تعكر الاجواء حين ألمّت بك وعكة صحية أوجعت قلوبنا، والحمد لله على شفائك.
ما زلنا على تواصل أخوي نقي، ليس بالكلمات والمكالمات فقط، بل عبر سواقي القلوب التي لا تكذب أبدًا.
تحياتي لك، أيها الأستاذ الفاضل،
وأتمنى لك أعلى المراتب والمناصب، فأنت أهلٌ لها، وقد أثبتَّ جدارتك. وإنّ اختيار الدولة لك لم يكن من فراغ، بل لأنك حقًّا الرجل المناسب في المكان المناسب.