كوريا الشمالية:
جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، هي دولة تقع في شرق آسيا في الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية. تحدها من الجنوب كوريا الجنوبية ومن الشمال تحدها الصين ومن الشرق بحر اليابان. أما من الغرب، فيحدها خليج كوريا والبحر الأصفر. ويفصل بينها وبين كوريا الجنوبية المنطقة الكورية معزولة السلاح.
كانت الإمبراطورية الكورية تحكم شبه الجزيرة الكورية حتى التحقت باليابان بعد الحرب الروسية اليابانية عام 1905 التي انتهت بهزيمة روسيا القيصرية. وبعد الحرب العالمية الثانية 1945 تم تقسيم كوريا إلى منطقتي احتلال سوفيتية وأميركية، رفضت كوريا الشمالية الاشتراك في انتخابات الجنوب عام 1948 بإشراف الأمم المتحدة، الأمر الذي أدى إلى إنشاء حكومتين منفصلتين في الكوريتين المحتلتين. اندلعت بينهما الحرب الكورية عام 1950 بسبب التنازع على أحقية امتلاك شبه الجزيرة الكورية. وتوقف القتال بعد هدنة 1953 ؛ وبقي البلدان في حالة حرب رسمية ولم يتم توقيع معاهدة سلام بينهما، انسحبت كوريا الشمالية من جانب واحد من الهدنة في سنة 2009.
تعد كوريا الشمالية من دول أنظمة الحزب الواحد وتحكمها ما تسمى بالجبهة الديمقراطية لإعادة توحيد الوطن والتي تُعرف اختصاراً بالجبهة الموحدة، وهذه الجبهة تابعة لحزب العمال الكوري وهو حزب شيوعي.
أتبعت الدولة الكورية الشمالية الماركسية اللينينية حتى سنة 1972 حيث تم الإعلان عن فكرة زوتشيه (جوتشيه) وأصبحت العقيدة الرسمية لكوريا الشمالية، والمبدأ الرئيسي في هذه العقيدة (الأيديولوجيا) هو “الإنسان هو سيد كل شيء ومقرر كل شيء”، وأن جماهير الشعب هم سادة الثورة، أبتكرها الرئيس الكوري السابق كيم إل سونغ لتكون عنصر تمييز له عن غيره من زعماء الشيوعية بحسب الظاهر وكرد فعل لرفضه لسياسة الإصلاح الذاتي البيروقراطي المعتمدة في الاتحاد السوفيتي وكذلك كرد فعل على النزاع السوفيتي الصيني.
ركزت الحكومة الكورية الشمالية جهودها على تقديس شخصية الزعيم الكوري كيم إل سونغ-والذي يحكم حفيده كوريا الشمالية حالياً- وبشكل أقل منه خلفه كيم جونغ إيل، عبر سلسلة من الإجراءات والدعايات كذلك، وتم توظف الموسيقى والفن عموماً لتمجيد هذا الزعيم، وتم تسمية معالم كثيرة في البلاد باسمه، ويتم التحدث عنه بصفة “الرئيس الأبدي”، ويتم الحديث بمستوى معين وفقاً للصحفي “برادلي مارتن” بأنه يمكنه التحكم بالطقس وإنه من خلق العالم!!
ونقل عن أحد المنشقين قوله ان المدارس الكورية الشمالية تأله الأب والابن على حد سواء! وبعد وفاة كيم إيل سونغ، بث التلفزيون الرسمي مشاهد سجود وبكاء لتمثال من البرونز يمثله، وحدث الأمر نفسه عقب وفاة أبنه كيم جونغ إيل!
سجل الحكومة الكورية الشمالية في الحريات وحقوق الإنسان:
تتهم العديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية كوريا الشمالية بوجود واحدة من أسوأ سجلات حقوق الإنسان في أي دولة!
وتذكر تقارير منظمة العفو الدولية الكثير من القيود الصارمة المفروضة على حرية تكوين الجمعيات والتعبير والتنقل، والاعتقال التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، ويتم الحكم بالإعدام لأسباب عدة منها الاستماع إلى راديو كوريا الجنوبية!
يتحدث المنشقون الكوريون الشماليون عن وجود العديد من السجون ومعسكرات الاعتقال حيث يتعرض للسجن مدى الحياة السياسيون غير المرغوب فيهم. حيث يتعرضون للأشغال الشاقة والتعذيب والتجويع، والاغتصاب، والقتل، والتجارب الطبية، والعمل القسري، والإجهاض القسري. ووفقاً لمنظمة العفو الدولية فإن أعداد السجناء السياسيين في كوريا الشمالية قرابة 200000 (حوالي 0.85٪ من السكان) وضعوا في ستة معسكرات كبيرة للاعتقال السياسي، ويتم اعتقالهم بمجرد الاشتباه بكونهم ليسوا موالين للنظام، أو لانتقادهم القيادة أو لأسباب دينية!
ويتم ترحيلهم إلى معسكرات الاعتقال من دون محاكمة، وفي كثير من الأحيان مع عائلاتهم كاملة ومعظمهم من دون أي فرصة أن يطلق سراحه. ويقدر التحالف الدولي لوقف الجرائم ضد الإنسانية في كوريا الشمالية (ICNK) أن أكثر من 10،000 شخص يموتون في معسكرات الاعتقال في كوريا الشمالية في كل عام!
الموقف من الدين:
تمارس حكومة كوريا الشمالية السيطرة الكاملة على المجتمع وتفرض عبادة شخصية كيم إيل سونغ وكيم جونغ إيل، الذي يوصف بأنه دين السياسي. وقد وصفت عقيدتهم بأنها “الإلحاد الذي تقره الدولة” (كما جاء في ص44 من كتاب “تحرير أطفال الإله-التحالف غير المرجح لحقوق الإنسان العالمية لألين هيرتزكي).
الدستور الكوري الشمالي ينص على عدم السماح بالحرية الدينية، يمكن الاطلاع على نسخة منه على الرابط
http://www1.korea-np.co.jp/pk/061st_issue/98091708.htm
والأنشطة الدينية المجانية لم تعد موجودة في البلاد، كما ترعى الحكومة بعض الجماعات الدينية فقط لخلق وهم من الحرية الدينية.
وأيديولوجية زوتشيه التي تعد الأساس الذي تقوم عليه الدولة كما قلنا سابقاً تؤسس للتعصب القومي ، وتدعو الناس إلى رفض كل قادم من الخارج حيث ورد في أدبياتها “تجنب الإذعان الروحي للتأثيرات الخارجية”، وفسر على أنه يعني رفض الأديان الناشئة خارج كوريا!
وفقاً لشهادات من بعض الكهنة فإن عمليات القتل والخطف والاضطهاد مستمرة ضد الكهنة وأتباع الأديان، حيث تم قتل 166 كاهن وشخصية دينية في الأربعينيات وتم تهديم كل الكنائس القائمة، ولازال الحال مستمراً حيث تقدر منظمة الابواب المفتوحة إن هناك 50000 – 70000 مسيحياً محتجزاً في السجون أو المخيمات في كوريا الشمالية، كما ونقلت وكالة أنباء فوكس نيوز خبر إعدام علني لـ 80 شخص في تشرين الثاني 2013 بتهمة حيازة الإنجيل!
http://www.foxnews.com/world/2013/11/12/north-korea-publicly-executes-80-for-crimes-like-watching-films-owning-bible/
حالياً يمكن وصف غالبية السكان في كوريا الشمالية بانهم ملحدون وفقا للمعايير الغربية للدين،. ومع ذلك، فإن التأثير الثقافي من الديانات التقليدية مثل البوذية والكونفوشيوسية لا يزال موجوداً في الحياة الروحية الكورية الشمالية، وتعيش البوذية ظروف أفضل من باقي الجماعات الدينية في كوريا الشمالية وتحصل على بعض الدعم من السلطات.
وفقاً لموقع الاستخبارات الدينية
http://web.archive.org/web/20071013201130/http://www.religiousintelligence.co.uk/country/?CountryID=37
فإن الحالة الدينية في كوريا الشمالية حالياً كما يلي:
الإلحاد: 64.3٪ من عدد السكان، والغالبية العظمى منهم من اتباع فلسفة زوتشيه.
الكورية الشامانية: 16٪ من السكان.
الطريق السماوي(تشاندووزم): 13.5٪ من السكان.
البوذية: 4.5٪ من السكان.
المسيحية: 1.7٪ من السكان.
إلى هنا نكون قد انتهينا من استعراض نماذج لدول حكمها-ولازال يحكم البعض منها- الإلحاد، ورأينا بوضوح إلى مستوى وصلت هذه الدول من ترسخ عبادة الأشخاص من الاضطهاد وضياع حقوق الإنسان والحريات العامة، والدولة الغريبة المنعزلة عن العالم “كوريا الشمالية” شاهد أخير على كلامنا.
فهل بعد كل هذا نطمح أن يؤسس الإلحاد ومن يتخذه منهجاً دولة تحترم الإنسان ويمكن أن تقدم له الأفضل؟!