23 ديسمبر، 2024 10:15 ص

عندما يكون الإلحاد دولة /ح5 نموذج الصين الشعبية

عندما يكون الإلحاد دولة /ح5 نموذج الصين الشعبية

نكمل حديثنا في الحلقة الخامسة من هذه السلسلة من خلال طرح نموذج الصين الشعبية كدولة إلحاد.
الصين:
الصين أو جمهورية الصين الشعبية هي الدولة الأكثر سكانًا في العالم مع أكثر من 1.338 مليار نسمة. تقع في شرق آسيا ويحكمها الحزب الشيوعي الصيني في ظل نظام الحزب الواحد. تتألف الصين من أكثر من 22 مقاطعة وخمس مناطق ذاتية الحكم وأربع بلديات تدار مباشرة بكين وتيانجين وشانغهاي وتشونغتشينغ واثنتان من مناطق عالية الحكم الذاتي هما هونغ كونغ وماكاو. وعاصمة البلاد هي مدينة بكين.
انتهت العمليات القتالية الرئيسية في الحرب الأهلية الصينية في عام 1949 حيث سيطر الحزب الشيوعي الصيني على البر الرئيسي للصين وتراجع حزب الكومينتانغ إلى تايوان. في 1 أكتوبر 1949 أعلن ماو تسي تونغ جمهورية الصين الشعبية. أطلق على البلاد أيضاً اسم “الصين الشيوعية” أو “الصين الحمراء”.
أسفرت الخطة الاقتصادية والاجتماعية المعروفة باسم ( القفزة الكبرى إلى الأمام) عن مقتل ما يقدر بنحو 30 مليون شخص. وفي عام 1966، أطلق ماو وحلفاؤه الثورة الثقافية والتي استمرت حتى وفاة ماو بعد عقد من الزمان. أدت الثورة الثقافية بدافع الصراع على السلطة داخل الحزب والخوف من الاتحاد السوفياتي إلى حدوث اضطراب كبير في المجتمع الصيني. في عام 1972 وفي ذروة الانقسام بين الصين والاتحاد السوفيتي التقى كل من ماو وتشو أن لاي بريتشارد نيكسون في بكين لإقامة علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة. في السنة نفسها تم قبول جمهورية الصين الشعبية لدى الأمم المتحدة بدلاً من جمهورية الصين للحصول على عضوية الصين في الأمم المتحدة والعضوية الدائمة في مجلس الأمن.
بعد وفاة ماو عام 1976 وإلقاء القبض على عصابة الأربعة المسؤولة عن تجاوزات الثورة الثقافية، انتزع دنغ شياو بينغ السلطة بسرعة من خليفة ماو هوا جيو فينج. على الرغم من أنه لم يصبح رئيسا للحزب أو الدولة شخصياً، إلا أن دنغ كان في الواقع القائد الأعلى للصين في ذلك الوقت وقاد البلاد لإصلاحات اقتصادية هائلة. خفف الحزب الشيوعي في وقت لاحق الرقابة الحكومية على حياة المواطنين الشخصية كما منحت الأراضي للعديد من المزارعين في عقود استئجار مما رفع بشكل كبير من الإنتاج الزراعي. شهد هذا التحول في الأحداث مرور الصين في مرحلة انتقالية من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد مختلط مع بيئة سوق مفتوحة على نحو متزايد وهو نظام يطلق عليه من قبل البعض  “اشتراكية السوق” أو رسمياً من قبل الحزب الشيوعي الصيني “الاشتراكية ذات الخصائص الصينية”. اعتمدت جمهورية الصين الشعبية دستورها الحالي في 4 ديسمبر 1982.
موقف الصين من الحريات العامة وحقوق الإنسان واضح وسجلها مليء بالانتهاكات في مجالات شتى.
 
الموقف من الدين:
على الرغم من نتائج استطلاعات الرأي المختلفة فإن الجميع يتفقون على أن الأديان التقليدية مثل البوذية والطاوية والديانات الصينية الشعبية هي المعتقدات السائدة. وفقاً لعدد من المصادر فإن عدد معتنقي البوذية في الصين يتراوح بين 660 مليون شخص تقريباً، أي 50% من الشعب، ومليار شخص أي 80%،في حين تشكل الطاوية 30% أي 400 مليون شخص. لكن بسبب إمكانية أن يعتنق الشخص الواحد اثنين أو أكثر من هذه المعتقدات التقليدية في وقت واحد وصعوبة التمييز الواضح بين البوذية والطاوية والديانات الصينية الشعبية، فذلك يجعل أتباع الأديان أكبر من تعداد السكان الحقيقي. بالإضافة إلى ذلك فإن اتباع البوذية والطاوية لا يعتبر بالضرورة دينياً من جانب اتباع الفلسفات من حيث المبدأ حيث أنهم يتجنبون النواحي اللاهوتية.
يتراوح تعداد المسيحيين اليوم تقريباً بين 40 مليون (3%) و54 مليون (4(% وفقاً لاستطلاعات مستقلة، وتشير تقديرات أخرى إلى كون عدد المسيحيون في الصين حوالي 70 مليون، في حين تشير التقديرات الرسمية بوجود 16 مليون مسيحي فقط.
بالنسبة للمسلمين يصعب الحصول على إحصاءات دقيقة، لكن التقديرات تشير إلى أن تعداد المسلمين في الصين يتراوح بين 20 و30 مليون شخص 1.5% إلى 2% من السكان.
وهناك أيضاً أتباع للهندوسية والدونغبية والبونية وعدد من الأديان والمذاهب الجديدة .
بعد الثورة الصينية عام 1949، بدأت الصين فترة من حكم الحزب الشيوعي الصيني . الحكومة الشيوعية ولفترة كبيرة من تاريخها المبكر، وبتأثير من الماركسية ظلت تعتقد بأن الدين سوف يختفي في نهاية المطاف، ووصفته بأنه يرمز للإقطاع وللاستعمار الأجنبي.
ويرى الحزب الشيوعي الصيني بأن الاعتقاد الديني يتنافى مع عضويته لذا لم يكن يسمح لقبول المؤمنين بالأديان في صفوفه.
وخلال الثورة الثقافية، حولت لجان الطلاب الحراس -المعروفة باسم الحرس الأحمر- المباني الدينية للاستخدام العلماني أو دمرتها.
بالنسبة للمسلمين فقد تم فرض نظام الزواج المختلط عليهم، وتم غلق المساجد ومنع الحج وحرق المصاحف والكتب الدينية، وتم تغيير أسماء المدن والأقاليم ، وتفيد بعض المصادر بإنه تم قتل مليون مسلم إيغوري في سنة 1949 عند ضم إقليم تركستان الشرقية إلى جمهورية الصين الشعبية، ولا زال المسلمون خاصة في هذا الإقليم يعانون من التهميش وضياع الحقوق.
خففت الحكومة الصينية موقفها المتشدد من الدين في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، وتضمن دستور سنة 1978م حرية الدين مع عدد من القيود، وتم البدء ببرنامج لإعادة بناء المعابد والمساجد التي دمرت في الثورة الثقافية.
وهناك توافق عام في الآراء حالياً على أن الأديان وجدت طريقها من جديد إلى المجتمع الصيني  على مدى السنوات العشرين الماضية بحسب ما نشره موقع (البي بي سي) في سنة 2007
http://news.bbc.co.uk/2/hi/asia-pacific/6337627.stm
ولازالت الحكومة الصينية تشدد إجراءاتها على بعض الممارسات الدينية ولا تسمح بحرية كاملة في ذلك وتتسامح بمقدار معين مع المؤسسات الدينية المرخص لها حكومياً فقط ، وهذه الحالة واضحة كما في موقفها من حركة فالون غونغ التي تم حظرها على سبيل المثال، وكما في منعها المسلمين في ولاية تركستان الشرقية غرب البلاد من الصيام في شهر رمضان الماضي (سنة 2014) كما أوردت ذلك الخبر عدة مواقع إخبارية .