17 نوفمبر، 2024 2:26 م
Search
Close this search box.

عندما يكثر الحديث عن الله .. تكون النتائج سلبية

عندما يكثر الحديث عن الله .. تكون النتائج سلبية

بعدما تشوهت القوانين الكونية عند نزو العوامل الأرضية عليها , ماجت رائحة المهبل الشيطاني فتولدت شياطين مصبوغة بلون الجنس البشري , تتزاحم على لفظ الجلالة ( الله ) , تحاول تبرير كل الأعمال وفق السياقات السماوية , تترنح أمام الواقع تنهزم عند الحقيقة , لا تصمد أمام العمل ، تضحي بالعقل على حساب الجهل و المعرفة على حساب الطقوس و العبادة على حساب العادة .
تترنح قوانين الله على شفاه الناس ، يتعاملون مع اللفظ و يهملون الواقع ، الواقع الذي يقهر الطبائع و النواميس و يخزي الشعور الإنساني الجميل .

اعتقد ان الامم التي تكثر فيها الدعوة لعبادة الله ، هي اكثر الامم بعداً عن الله ، لانها تريد تسويق الله لكي تتحايل على عباده ، ولو كانت هذه الدعوات الإيمانية في بلادنا العربية و الاسلامية صادقة في فحواها و حركتها ، لما وصل المجتمع الى هذا الانحطاط و العزلة و القتل و الارهاب .
هناك خلل في المنهج العام عندنا بقي لسنوات طويلة لا يستطيع احد المساس به او مناقشته او مفاتشته ، انها الدوغمائية الدينية التي تحرم البحث في الأشياء لئلا يستفيق الناس فينتبهوا .

الواقع القائم ينبأ ان بعض الناس قد استفاق و القادم سيكون اكثر وعياً وجرأة و تفتيشاً عن كل المربعات التالفة في بناء الوعي الإنساني .
عدت من العراق حديثا سجلت ذاكرتي و قلمي اشياءً مثيرة و كثيرة سأحاول الاختصار و تبيان ان مقولتي الاولى ( الامم التي تكثر فيها الدعوة لعبادة الله هي اكثر الامم بعدا عن الله )

في العراق معظم الناس تتكلم بقوانين الله ، و يدعون للتمسك بها و يحاولون اجترار اكثر عدد لمعرفة هذه القوانين ، لكني مقتنع ان معظمهم لا يعرفون الله و لا قوانينه و احكامه . دليلي على قولي هذا القصة التالية :

في احدى المناطق الجنوبية تعاقد مقاول بناء مع الحكومة لبناء مبنىً ضخم على ضفاف الهور أطلقوا على البناء فيما بعد اسم ( المرسى )
شرع هذا المقاول ( المسيحي ) الغريب عن المنطقة جغرافياً و اجتماعياً و دينياً ، شرع في مشروعه الكبير و بدأ في إنزال بعض من المواد الأولية للبناء ، جاء له مجموعة من المنطقة من الذين يتحدثون كثيرا بقوانين الله ، طلبوا منه أموالاً مدعين ان ملكية الارض قبل ما يقارب الألف عام كانت لهم  !
استجاب الرجل على مضض لانه يخشى ان احد هؤلاء الذين يعرفون الله يستخرج قانوناً إلهياً فيفتي بقتله لانه مسيحي !
لم يكمل الرجل إنزال جميع مواد البناء حتى اقدم عليه بعض من الأهالي يفرضون عليه قوانين قبلية ( الگوامة ) مفاد هذه القوانين لا يمكنك العمل مالم ترضي جميع الأطراف ، قالوا له نريد منك مواد البناء الطابوق الإسمنت الحديد الرمل و غيرها ، قال لهم ساخسر في عملي و ( سينهجم بيتي )
لكن الناس الذين لا يسقط الله من السنتهم اصروا على موقفهم و تراخى المقاول المسيحي الغريب عن أهله و اطفاله .
بدأ الرجل بالعمل الذي تعاقد عليه و بدأ الأهالي ببناء بيوتهم من كد و تعب و شقاء و أموال المقاول ( المسيحي )
لم يكتمل بناء المرسى بعد حتى اكتملت أبنية قريبة منه معتمدة على سرقة أموال و مواد لم تعرق فيها جباههم .
بعد حين اكمل الرجل عمله بعد توقفات عديدة كان الابتزاز فيها قوياً و الإرهاق عنيفاً ، بعد ان أنهى عمله اقدم عليه مجموعة من المنطقة قالوا له :
والله يا استاذ انت خوش ولد ( رجل جيد ) أحببناك كثيرا ، لكن عندك نقص واحد لو تسويه تصير تمام ، قال لهم ما هذا الشيء ؟ قالوا له تصير مسلم شيعي !
قال لي اكثر من شخص ، ان الرجل أجابهم بطريقة فيها الم و حزن قال : الاسلام الذي تمثلونه أنتم لا ارغب فيه أبدا .

هذه قصة حاولت ان اختصر بعض مآسيها و ألمها ، لكن شفيعي بها ان المجتمعات اذا بلغت غاية في التلوث و الانحدار و الانحطاط ، صارت تتكلم بالدين و تعاليمه ، لا تعبأ بتعاليمه و سلوكياته .

أحدث المقالات