19 ديسمبر، 2024 12:08 ص

عندما يفقد السياسي دلالته

عندما يفقد السياسي دلالته

الاسم عند أهل النحو هو: ” ما يعرف به الشيء ويستدل به عليه “, وعند أهل الصرف: “هو ما دلَّ على المعنى في نفسه, غير مقترن بزمن”, وعند أهل بلدي أسماء, لم تشبه معناها يوماً, بل بعضها لا يوجد لها أصل.
مثل قصة (الكنغر) في أستراليا وسبب تسميته, عندما وصل المستكشفون من أوربا إلى القارة الأسترالية, جذب انتباههم هذا الحيوان الكبير, بأقدامه الخلفية القوية, وسرعته التي تصل إلى 60كيلومتر في الساعة, حينها سألوا من بعض السكان الأصليين لهذه القارة, عن اسم هذا الحيوان, فلم يفهموا لغتهم, فقالوا (كانجاو) فاعتقدوا الأوربيون أن هذا هو اسمه, في جوابهم كان معناه (لا ندري أو لا نعلم).
بيد أن العامية, بعضاً منها ذهب بأسماء بعض الأشياء إلى غير مدلولها, منها بعض المهن والمأكول والمشروب والمصنوع وأشياء أخرى, فعندما نذكر (الزبال) يتبادر لأذهاننا ذلك المنظف, مع العلم أننا الزبالون وهو المنظف, كما هو الحال في تسمية المظلة بالـ (الشمسية) والتي لا نستظل  بها من الشمس, بل نحتمي فيها من المطر.
ثمَّة أسماء أخرى ليست لها علاقة بالمنشأ, كالنومي بصرة الذي هو هندي المنشأ, ولأنه يأتي عن طريق البصرة سميَّ بهذا الاسم, وكذا الحبر الهندي الذي أصلهُ من الصين ومصر, وقلم الرصاص الخالي من الرصاص, المصنوع من (الغرافيت), لكن أول ما صنع من الرصاص وبقت التسمية إلى الآن, ودودة الحرير أو القز كما تسمى, هي في الأصل يرقة وليست دودة.
كل ما ذُكر ليس له ذنب بما يطلق عليه, بل هذه الأشياء والأشخاص قائمين بحد ذاتهم, ويؤدون واجبهم على أكمل وجه, عدا ذلك يُستثنى مصطلح (السياسي) فهو “مأخوذ من الفعل (ساس) أو هو مأخوذ منه (على خلاف النحويين)” وإصطلاحاً “يعني رعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية منها” وتعرف عند (ديفيد إيستون) ذلك المفكر والباحث السياسي الأمريكي: “بأن السياسة عموماً تعتبر دراسة تقييم الموارد في المجتمع, عن طريق السلطة.
الشيوعيون عرفوها بأنها “دراسة العلاقات بين الطبقات”, والواقعيون قالوا بأن “السياسة هي فن الممكن, أي هي دراسة وتغيير الواقع السياسي موضوعياً”, وليس مثلما هو شائع بأن فن الممكن هو الخضوع للواقع السياسي, وعدم تغييره بناء على حسابات القوة أو المصلحة.
للأسف !, ذهب السياسي عن معنى السياسة وأصلها, كذهاب صاحب المطعم الذي سماه بـ (دلِّع كرشَك)