كعادتي في كل يوم كنت انتظر السيارة لتقلني إلى مكان عملي وإثناء وقوفي على رصيف الشارع لاحظت حشره صغيره تمشي عبور الشارع متجهه نحوي فبدأت اراقبها وأقول في نفسي : ستأتي سيارة وتدهسها . ولكن أمرا مثل هذا لم يحدث على رغم كثرة السيارات المارة حتى وصلت إلى حافة الشارع الذي أقف عليه . فقلت في نفسي إن حياة هذه الخنفساء مرهونة على إن ارفع قدمي وأدوس عليها . وبقيت أتباهى بقوتي وتدخل الشيطان ليدغدغ طموحاتي اللامتناهية ويوسوس لي بان روح هذه المسكينة رهن اشاره مني وانأ من يحدد لها إن تعيش أو تموت .. وانأ .. وأنا والحشرة تدبي وتدبي حتى عبرت من بين قدمي وأنا متشاغل بنرجسيتي التي نفخ الشيطان فيها فجعلها نارا تحرق كل شي وحرك غروري فجعله طوفانا يكتسح كل من يقابله .. كنت انظر إليها من برجي العاجي الذي بنته لي أمالي الكاذبة مستهزئا حتى وصلت ثقب صغير بين أحجار الرصيف ودخلت فيه لتحطم كل جبروتي وليرن جرس الضعف في دهاليز غروري ليجعله دكا . وليشعرني باني ورغم انفي مخلوق تافه حقير لا حول ولا قوه له إمام قوه جبارة حكمت سيطرتها الرحومة والرؤوفة بهذا الكون الذي عجزت مخيلة الإنسان على معرفة سعته وطاقته عندها شعرت كم أنا ضعيف وقاصر عقل فقد نجت الخنفساء بمثابرتها على السير وبحماية رب الأرباب وأنا الذي تكبرت تأخرت على عملي فاضطرت لان اصعد سيارة أجره التي كان مذياعها يصدح بقراءة آيات من الذكر الحكيم نزلت على مسامعي مذكرة بما فعلت : ( إن الإنسان ليطغى )