17 نوفمبر، 2024 11:43 ص
Search
Close this search box.

عندما يتكلم الجندي المجهول – 13

عندما يتكلم الجندي المجهول – 13

الحلقة رقم – 13 –
— ليلة القبض على البريء —
كان يوماً ثلجياً. لأول مرة في حياتي أشاهد القطن ألأبيض يتساقط من السماء. أصابني الذهول وأنا أنظر لذلك المنظر الثلجي الساحر. كنت حائراً لاأعرف مالذي أفعلهُ في تلك ألأمسية. دون وعي أخرجتُ كافة ملابسي القذرة ورحتُ أغسلها في ذلك الجو الصقيعي . نشرتها على ألأسلاك الشائكة المخصصة لنشر غسيل ألأسرى البائسين. وقفت عند عتبة الباب الحديدي أتطلع الى الملابس وهي تتحول الى قطع ثلجية كأنها رقائق معدنية خفيفة. جاء المساء وغابت الشمس ودخلنا القاعات بناءاً على أوامر الحرس. أُضيئت ألأنوار الخافته داخل القاعه وتسلق البائسين أسرتهم فقد إزدحم المكان داخل القاعة. كان سريري في الطابق الثالث ملاصقاً للسقف المتجمد. كان زميلي باسم أو أبو رشا يجلس الى جانبي على سريره الملاصق لسريري. لأول مره أخذت أنظر اليه بطريقه غريبة ، ِعرفتُ أنها الساعات ألأخيرة معه. كان باسم رجلاً مثقفأً مؤدباً الى أعلى درجات ألأدب والكياسه. نزعتُ نظارتي الطبية وحاولت أن أجد لها مكاناً مناسباً كي لاتسقط وتتهشم. دون وعي أخرج مسماراً من جيبه..ولاأدري كيف إحتفظ به ولماذا كان يحتفظ به وراح يدق المسمار في المنطقه القريبة من السقف. أخذ مني نظارتي وعلقها بهدوء. تمددت على فراشي القريب من فراشه وكأنني أحاول إستمداد قوه خفيه من روحه المستقرة. نظرت الى السقف وشعرت أن نظراتي تنفذ داخل الجدران الصخرية ..أو كأنني أستقرأ المستقبل المجهول. شاهدت خطوطا وهميه إرتسمت في ظلام داكن خلف أروقة الزمن الممتد على طول المساحات الشاسعه خلف المجهول. دون أن يلتفت اليّ ….وقد تمدد هو ألأخر…قال بهدوء” أنا خائف من المستقبل. لقد تحول المستقبل بالنسبة لي الى ظلام أبدي. هل نعود يوما ما الى أرض الوطن ونمارس حياتنا كباقي البشر الآمنين؟”. لم أنتبه الى كلامه الوهمي فقد كنت ساهما في محيط قلقي وإضطرابي. دون أن أجيبه على سؤاله قلت بصوت هامس” باسم..هل تعتقد أننا سنمضي هذه الليله دون أن يحدث شيئاً ما؟ إسمع لقد علقتُ ملابسي على ألأسلاك الشائكة..إذا حدث لي شيئاً ما..خذ الملابس وأحتفظ بها في حقيبتك لحين عودتي. حافظ على نظارتي وعندما تعود الى أرض الوطن إحملها الى بيتنا..إنها أمانه عندك”. إستدار اليّ مضطرباً. كان ينظر اليّ بوجهه الشاحب وكأنه ينظر الى جثه هامده ملقاة على قارعة الطريق. قال بتلعثم:

…” ماذا تقصد؟ لماذا تتكلم هكذا؟ هل أنت على مايرام؟”. كان يطرح علي تلك ألأسئلة بذهول ملحوظ. قلت له بصوت واهن:

…” إسمع أشعر أن هذه أخر ليلة أقضيها هنا معك.غداً سوف يبقى هذا السرير الذي أرقد عليه خاوياً. حاول أن تتذكرني بين فترة وأخرى.لاتنسى ألأيام والليالي التي قضيناها سوية. لقد كنت بالنسبة لي أخاً عزيزاً وصديقاً وفياً. لايمكن أن أنسى تلك اللحظات التي كنت تقص فيها لي قصة ” أطفال القطار السريع” حقا إنك قاريء جيد وقاص من الدرجة ألأولى. لقد جعلت دموعي تتساقط بسبب الطريقة الساحرة التي كنت تلفظ فيها الكلمات. لاأنسى تلك اللحظة التي قدمت لي فيها سيكارتك الوحيدة التي كنت تحتفظ بها في محفظتك المتواضعة عندما قلت لك بأنني في أمس الحاجة الى سيكارة ألأن ولكن من أين أستطيع الحصول عليها. لقد كانت تلك اللحظات التي كنت تسير فيها الى جانبي ونحن نذرع القاعة الثلجية في الساعة الثانية عشرة ليلاً يوم 11/12/1991 عندما كنت أنا حرس قاعة في الليل وقلت لي بأنك تريد أن تشاركني عزلة ذلك الليل والجميع نائمون . كنا نتحدث أحاديثاً طويلة مختلفة عن الكتب وألأفلام والحياة بصورة عامة” . نظر الي بطريقة غريبة وقد ظهر على وجهه قلق ملحوظ وهو يقول:

…” أشعر بالخوف من طريقتك في الحديث معي بهذه الصورة. ماذا تشعر ألأن ؟ هل أنت مريض؟”. قال ذلك وهو يحاول البحث عن سيكارتين كان قد وضعهما تحت وسادته. قلت مبتسماً:

…” لاتهتم إنها هلوسة الوداع. إنس الموضوع..أنا أمزح معك”. إستلقيتُ على ظهري وحاولتُ أن أُغطي رأسي بالبطانية ذات الرئحه الكريهه والتي كان قد إستخدمها آلاف ألأسرى قبلي..وقبل أن أسحب البطانية حدثت ضوضاء وحركة غير طبيعية في القاعة. جاء ” كريمي” الجندي المرعب الشكل. كان رجلاً طويل القامة. كان ألأرشد العراقي يقف الى جانبه [ ومن لايعرف معنى كلمة ألأرشد..هو الرجل العراقي من بين ألأسرى المكلف بتنسيق العمل ما بين ألعراقيين والجانب ألأخر]. وقف كريمي ينظر الى كافة ألأسرّه وبدون تردد أخرج ورقه صغيرة من جيب بدلته العسكرية وراح ينادي بصوت مرعب ذاكراً أسماء كثيرة. والغريب أنه كان ينادي إسماً وهمياً فعلى سبيل المثال كان هناك أكثر من ” أحمد..وأكثر من كاظم، وحينما صرخ بعضهم” أحمد من ….وكاظم من.. وحسين ..من…” قال كل شخص يسمع أسمه بدون ذكر أسم ألأب والجد فليخرج”. وخرج مايقرب من الثلاثين شخصاً. كان ينظر الى كل شخص يقترب منه ويقول له ماأسمك؟ وحينما يُجيبهُ يأمره بالخروج الى ساحة السجن الثلجية. حينما جاء دوري وقلت له إسمي ظل يحدقُ ويدقق النظر في وجهي وأخيراً قال ” …إخرج معهم..” كان يسير أمامنا وأحد الحراس المدججين بالسلاح خلفنا . سرنا من القاعةِ التي كنا نسكن فيها الى المقر الرئيسي للمعسكر في جو مظلم بارد جداً. لم أكن أرتدِ سوى السروال والقميص الخاص بالسجن. كان جسدي يرتعش من شدة البرد.

سرنا خلف ” كريمي” صامتين كأننا نسير في موكب جنائزي. بسرعة البرق نظرتُ الى ملابسي المتجمده فوق ألأسلاك الشائكة. كانت الملابس الوحيدة التي لاتزال معلقه على ألأسلاك فقد حمل كل ألأسرى ملابسهم الى داخل القاعة. قلتُ مع نفسي ” وداعاً أيتها الروح المعلقة هناك بلا حراك. وداعاً ياباسم. وداعاً يازمن الرفقة والصحبة في ليالِ الغربة والضياع”. إشتدت الرياح كثيراً وإزدادت برودة الطقس الى درجة لاتطاق. وصلنا غرفة ضابط ألأستخبارات القريبة من المقر الرئيسي. جاء جندي أخر وصرخ بصوت مرعب ” عودوا جميعاً ما عداك” كان قد وضع يده على كتفي وكأنه كان يريد التأكد من أنني لن أعود معهم. بقيتُ واقفاً وحيداً عند الركن ألأمامي ألايمن لتلك الغرفة التي كان يجلسُ فيها ضابط ألأستخبارات. جاء جندي أخر من ألأحواز يتكلم العربية وقال بهدوء” تفضل بالدخول.” كان هناك رجلاً يرتدي الملابس المدنية يجلس الى طاولة صغيرة ومصباحاً صغيراً يتدلى من السقف. وقفتُ أمامه ووقف الجندي الى جانبي. رفع المسؤول نظراته اليَّ ” ياالهي إنه نفس الشخص الذي شاهدتهُ — عندما كان قاسم الزاهدي …سامحه الله – يقف الى جانبهِ في ذلك اليوم المشؤوم. نظر اليِّ لحظاتٍ سريعة ثم أشار برأسهِ دون أن يتفوه بحرفٍ واحد. أخرج الجندي قطعة من القماش السميك من جيبهِ وربط عيناي بأحكام وقيد يداي الى الخلف ومسكني من ذراعي اليسرى وأقتادني الى خارج الغرفة. كنتُ أتعثرُ في مشيتي لأنني لم أعد قادراً على رؤيةِ أي شيء . كانت برودة الطقس تنفذُ الى عظامي. كان يحاول تهدئتي بعض الشيء وهو يسحبني من يدي كي لاأسقط على الأرض. حاولتُ أن أكون طبيعياً وأنا أسير الى جانبهِ بَيْدَ أن الخوف من المجهول كان قد سيطر على قلبي تماماً. قبل أن نصل الى الغرفةِ الأخرى طلب مني أن أقف لحين عودتهِ. سمعتهُ يتحدث الى أشخاص آخرين بلغةٍ لا أفهم منها أي شيء. وبسرعة البرق سمعتُ هدير محرك سيارة . توقفت السيارة بالقرب مني. سحبني شخص آخر دون أن ينبس ببنت شفة.

أحسستُ بوجود عدة أشخاص معي داخل السيارة. سمعتُ صوت أسلحتهم وهم يضعونها الى جانبهم. كنتُ في المقعد الخلفي من سيارة اللاندكروز. جلس ثلاثة أشخاص الى جانبي وقبل أن تنطلق السيارة دفعني أحد الأشخاص وأجبرني على الأستلقاء على جانبي الأيسر. قلتُ مع نفسي وأنا مُقيد اليدين ومعصوب العينين ” ياإلهي؟ هل أنا خطر الى هذه الدرجة؟”. كان الجميع داخل السيارة صامتين وكلما حاولتُ إتخاذ وضعاً مريحاً دفعني أحدهم بأخمص بندقيتهِ مُعتقداً أنني أحاول الأنقضاض عليهم وتمزيقهم. ظلت السيارة تشقق عُباب الليل والبرد والصمت والظلام نحو مسرحٍ مرعب تم ضمي اليه دون مبرر سوى أنني أتحدث اللغة ألأنكليزية . كان هدير محرك السيارة هو الصوت الوحيد الذي يصل إلى مسامعي. برودة الطقس الثلجي تنفذُ إلى عِظامي من خلال النافذة المفتوحة. آلاف الأفكار المرعبة تغلفُ ذهني وقلبي وأنا مستلقٍ في وسط السيارة ، لا أعرفُ إلى أيِّ جهةٍ أنا سائرٌ في هذا الليل مع هؤلاء الذين ينتمون إلى تاريخٌ غريب وفئة بشرية تختلف عني في كلِ شيء. بين فترةٍ وأُخرى كان صوت إحدى السيارات السريعة يصل إلى أُذُني كطيفٍ قادمٌ من المجهول. دون وعي رحتُ أقرأ مع نفسي مقتطفات من القرآن الكريم كي أطرد عن روحي شعور الوحشةِ والرهبةِ والخوف من المجهول. الغريب أنني شعرتُ فجأةً بشعورٍ مريح ولم أعد أشعر بوجود المدججين بالسلاح بالقربِ مني. أحسستُ أنني أمتلكُ العالم في تلك اللحظة. شرع الجندي الجالس قرب السائق يعبث بجهاز المذياع وفجأة سمعتُ صوت – راديو مونتِ كارلو – كم تمنيتُ أن يُبقي المؤشر على تلك المحطة ولكنهُ أزالها بسرعةِ البرق. حينما بدأ المذيع – مهيار حيدر – يتحدثُ عن أشياءٍ مختلفة في هذا العالم. عرفتُ أنه لا يُريدني أن أسمع أي شيء بالعربية – وذلك لإ حترازاتٍ أمنية -. تلك اللحظات القليلة جداً قذفتْ في ذاكرتي ملايين الذكريات التي كانت لها دوراً إيجابياً للتفاعل مع ذاتي والخوض في أعماق الرغبةِ للهروب من ذلك الزمن الجهنمي الذي كنتُ أمرُ فيه. عادَ كل تاريخ حياتي أمامي في تلك الدقائق – مرحلة الصبا والشباب، واستحضرتُ كافة ذكرياتي مع تلك ألإذاعة التي كنتُ أستمعُ إليها بإفراط منذُ عام 1973 إلى لحظة مغادرة البيت عام 1991م. الغريب أن صورة القرية البسيطة التي كُنتُ أعيشُ فيها يوماً ما قد جاءت إلى ذهني في تلك اللحظات العصيبة.

عام 1973 كنتُ أمتلك جهاز مذياع صغير أُعلقهُ في كتفي أثناء الليل حينما أذهبُ إلى مقهى القريةِ الصغيرةِ . لا أذكرُ أنني كنتُ أستمع إلى إذاعةٍ غيرها في ذلك الزمن. كانت لي نشاطات كثيرة مع تلك الإذاعة بالذات. كنتُ أُراسلها مئات المرات ولطالما سمعتُ أسمي وعنواني يُذاع من خلالها. كانت تلك اللحظة التي سمعتُ فيها تلك الإذاعة قد مزقت قلبي وكدتُ أفقد صوابي. حاولتُ تعديل وضعي غير المريح بَيْدَ أن الجندي القذر الذي كان يجلس قربي دفعني بقوة محاولاً منعي من الحركة والبقاء على الحالةِ ألأولى وهي حالة الاستلقاء على جانبي. شعرتُ أن السيارة تسلكُ طُرقاً مرتفعة ثم تعود لتهبط طرقاً منخفضة. على حين غرّه توقفت السيارة وترجل الحراس. توقفت سيارة أخرى إلى جانب سيارتنا. سمعتُ حواراً دارَ بينهم لم أفهمه مطلقاً شعرتُ بالمرتفعات والمنخفضات التي كانت تقطعها العجلة العسكرية وكانت جلستي لاتقل مرارةٍ عن جلستي في السيارةِ الأولى. أحسستُ بقسوة الأيادي التي كانت تدفعني للتمدد داخل العجلة، لا أعرف لماذا يفعلون معي ذلك؟ هل أنهم يريدوا أن يبعثوا الرعب في قلبي ؟ هل يريدوا أن يقولوا لي بأنهم يقظين في حراستهم لي؟ أم أنها الحرب النفسية التي يحاولون تطبيقها على أسيرٍ لا حول له ولا قوة إلا التضرع إلى الله كي تسير الأمور بصورةٍ طبيعية؟ كانت بوادر الاقتراب من المدينةِ قد لاحت في أُفق نفسي فقد ازدادت أصوات السيارات وشعرت أن عجلتنا شرعت تتوقف بين فترة وأخرى بسبب الازدحام الشديد. آلاف الأسئلة كانت تدور في ذهني، لماذا يأتون بي إلى مركز المدينة؟ في أيِّ بقعةٍ من العالمِ أنا الآن؟ هل أنا خطرٌ إلى هذه الدرجة؟ توقفت السيارة ودخلت بنايةٍ لا أعرف إلى أيِّ جهةٍ تنتمي. أحستُ ذلك من خلال الحديث الذي دار بين السائق وأحد الأشخاص الواقفين في الباب الرئيسي لأحد المعسكرات. خمد محرك السيارة وترجل الحراس. بقيتُ مستلقياً داخل السيارة. أحسستُ أنني مخلوق لم يعد له وجود في هذا الكون، مجرد جسدٌ بشري تتصارعُ داخلهُ ثوراتٌ من الأفكار التي ليس لها أهمية في هذا الواقع المرعب. بعد فترة قليلة من الزمن سحبتني يد بهدوء دون أن يتفوه صاحبها بكلمةٍ واحدة. لَفّ ذراعهُ حول جسدي وراح يقودني بصمتٍ تام . قلتُ بالعربية ” إلى أين تأخذني؟ أين أنا الآن؟ لم ينبس ببنت شفه وكأنه أخرس تماماً. ظل يستدير بي إلى اليمين ثم إلى اليسار…يلتف حول أحد الأحواض المائية..يصعد درجاتٍ عديدة يهبط سلالم مختلفة الأنواع. حقاً أنها مسرحية هزلية تلك التي كان يُمثلها معي.أدركتُ أنه كان يريد أن يجعلني أظل الطريق، كان أحياناً يدور في نفس المكان. لم أطق معهُ صبراً فقلتُ بالعربية ” لماذا تفعل هكذا معي؟ أنا لا أعرف أين أنا الآن؟ هذه طريقة سخيفة للتعامل مع أشخاص خطرين أمثالي. لماذا لا تأخذني مباشرة إلى رئيسك؟” ولشدة دهشتي أجابني بلغةٍ عربيةٍ ركيكة ” كلام..لا..ممنوع…كلام”. لزمتُ جانب الصمت وعرفتُ أن الشخص الذي يرافقني يفهمُ قليلاً من كلامي.

أدخلني إلى رواقٍ طويل متوهجاً بإنارةٍ ساطعة فقد أحسستُ بالضوء دون أن أرفع قطعة القماش السميكة التي وضعوها فوق عيناي. بعد قليل وجدتُ نفسي في غرفةٍ تحتوي على خزاناتٍ كثيرة للملابس. رفعوا قطعة القماش عن عيناي ثم وقف أحد الجنود خلف ستارةٍ قريبةٍ وقال بالعربية الركيكة ” ملابسك..أخلع…إرتديها…هذه”. ومعناه – اخلع ملابسك وأرتدي هذه -. شعرتُ ببعض الإحراج لأنني لم أكن أرتدي ملابسي الداخلية ، لقد تركتها معلقة على الأسلاك الشائكة في ” برندك”. حينما فهم ما كنتُ قد أشرتُ إليه ألقى إليَّ ” لباساً داخلياً وفانيله”. بسرعة كبيرة خلعتُ ملابسي – ملابس الأسر- ألقيتها إليه ثم ارتديت البدلةِ الأخرى الخاصة بالسجناء وهي لباس رمادي اللون رُسِمَ عليهِ ميزانٌ للعدالة. كان يراقبني من وراء الستار وحينما أتممتُ عملية تغيير الملابس ألقى إليّ بالقناع السميك طالباً مني أن أضعهُ فوق عيناي بأحكام. دون وعي قلتُ له ” تواليت.. أحتاج تواليت”. قادني من يدي اليمنى وعند باب المغاسل وقف خلفي ونزع النقاب ثم دفعني إلى الداخل وأقفل الباب الحديدي من الخارج. وقفتُ مذهولاً فهذه أول مرة أُشاهد فيها ” مرافق صحية” نظيفة منذُ أن وطأت قدماي معسكرات ألأسر قبل سنه تقريباً. وبينما أنا أُطيل النظر إلى كل ركنٍ من أركان المكان سمعتُ صوت الجندي يصرخ ويستعجلني للخروج. حينما خرجتُ طلب مني الجلوس مواجهاً لأحد الجدران وقدم لي عشاءاً ” علبة مرق فاصوليا وقطعة من الخبز” . حاولتُ أن أتذوقهُ ولكنني لم أستطع. دفعتُ الطعام بعيداً وقلتُ له بطريقة الإشارة ” ماء.. أريدُ ماء فقط” . قدم لي قدحاً ” بلاستيكياً ” من الماء تناولتهُ بسرعةٍ كبيرة كما لو أنني كنتُ أخشى أن يستردهُ مني دون توقع. نهضتُ وسحبني من يدي وقادني في رواقٍ طويل. صمتٌ رهيب لم أسمع أي شيء وكأن هذا المكان لا ينتمي إلى عالم الحياة. وقفتُ أمام أحد الأبواب الحديدية بينما راح الجندي يفتحُ قفلاً كبيراً وبلهجةٍ عربية غير مفهومة قال ” أنت بيتي..أنت بيتي”.حاولتُ أن أفهم العبارة ولكن دون جدوى ، وفي نهاية المطاف فهمتُ أنه يريد قول ” هذه غرفتك..هذه غرفتك”.

جلستُ على الأرض مرعوباً مرهقاً لدرجة الهلاك من شدة التعب الجسدي والنفسي. لم أرفع قطعة القماش عن وجهي، شعرتُ وكأنني أجلسُ في قاعةٍ كبيرةٍ جداً ليس لها حدود. سمعتُ صوتاً من خلال الفتحةِ الصغيرةِ الموجودةِ في الباب الحديدي يقول :” قطعة القماش.أخلع “. وبأصابع مترددة أزحتُ الستار عن عيناي وكانت الصدمةُ الكبرى. شعرتُ أن الزمن توقف عن الدوران وأن الأرض تذوب تحت قدماي. كاد أن يُغمى عليّ من الصدمة. غرفة صغيرة جداً لا تتعدى المتر والنصف عرضاً والمترين طولاً. زنزانة جرداء لا يوجد فيها أي شيء سوى بطانية مكوّرة في أحد أركان الغرفة وبلاطها بارد جداً . جدران صفراء شاهقة الارتفاع لا توجد فيها نوافذ عدا فتحة صغيرة فوق الباب الحديدي المخيف يدخلُ من خلالها ضوء خافت لأحد المصابيح الخارجية. جلستُ كالتائه أدققُ النظر في كل زاوية من زواياها المتربة.

بقيتُ صامتاً صمت ألأموات، وكان قلبي هو الجزء الوحيد الذي ينبض بعنف وخوف لا يمكن تصديقه.شعرتُ وكأن كافة أعضاء بدني قد توقفت عن الحركة. إذاً هذا هو المكان الذي سأقضي فيه بقية عمري. زحفتُ نحو البطانية الوحيدة حينما دبَّ البرد القارص إلى جسدي وأحسستُ بخدرٍ في عظامي. لم أكن أعرف كيف أستخدم تلك البطانية ؟ هل أضعها فوقي كي أمنع البرودة من الوصول إلى وجهي والجزء الأعلى من جسدي أم أضعها تحت جسدي كي أمنع البرودة من التسلل إلى عظامي ؟ . بطريقةٍ تلقائية وضعتُ جسدي داخلها وتكورتُ في الزاوية اليسرى من الغرفةِ المرعبة. رحتُ أضغطُ بجسدي على الأرض في محاولةٍ لتوليد جزءاً من الدفيء الوهمي. بقيتُ أرتجفُ فترة طويلة من الزمن وبدون وعي بدأتُ أتلو مع نفسي سورة التوحيد مئات المرات كي أطرد عن قلبي شبح الوحدةِ والوحشةِ والرعب. حاولتُ أن أُشغل نفسي بقراءتها مرات ومرات كي أحافظ على سلامة عقلي من الضياع. كلما توقفتُ عن القراءة كي أريح فمي من الحركة كلما أزداد خوفي من المصير المجهول. اعتقدت أنني سأواجه حتفي هنا. دبّ التعب إلى جسدي رويداً رويداً ورحتُ في إغفاءةٍ قلقة وأنقطع اتصالي بالعالم الواقعي. وأنا بين اليقظةِ والنوم سمعتُ صوتاً مرعباً قادماً من جهة الباب الحديدي الضخم. كان الحرس لا يهتمُ للسجين فيما إذا كان نائماً أم مستيقظاً عند فتح الباب. كانت السقاطة الحديدية تُحدِثُ صوتاً مرعباً كصوتِ قنبلةٍ أو صوت انفجارٍ في مكانٍ قريب. لا أدري هل أنهم يفعلون ذلك عن قصد أم غير ذلك.

أحسستُ بدخول شخص يرتدي ملابس مدنية فقد رأيتُ حذائه والجزء الأسفل من سرواله. لم أستطع أن أرفع نظراتي إليه لسببين : أولاً : إن التعليمات تؤكد تحريم النظر إلى أي شخص يدخل . ثانياً: كنتُ قد ربطتُ قطعة القماش السميكة على عينيّ بسرعة لدرجة أنها كادت أن تسقط، ولو سقطت فأن عقوبتي ستكون شديدة. فاحت رائحة عطر من الشخص وكان يحمل مجموعة من المفاتيح في يدهِ فقد كان يُحركها بسرعة ويصفر لحناً . كان ينظر إليّ ببرود وكأن الأمر لا يعنيه مطلقاً. قلتُ له بالعربية بأن الغرفة باردة جدا ولكنه لم يهتم لكلامي وكأنه لم يسمع أي شيء. خرج بهدوء وأغلق الباب وأعتبر القضية بالنسبةِ له مجرد رقم آخر يُضاف إلى قائمة المعتقلين في مكان تواجده . فقدتُ آخر أمل في الحصول على غطاء إضافي أتقي فيه مرارة البرد القارص. كان ذلك الحرس هو المنفذ الوحيد الذي أستطيع من خلاله الحصول على شيء. عند الفجر فتح جندي طويل القامة الباب وقال بصوتٍ حاد ” إنهض للصلاة”. فرحتُ لهذا النداء فهذا يعني أنني سأذهب الى دورة المياه. قادني الجندي من يدي اليسرى كي لا أسقط على الأرض. كانت القطعة المشدودة على وجهي بأحكام تحجب الرؤيا تماماً. عند مدخل دورة المياه طلب مني الوقوف في مواجهة الجدار لحين خروج الشخص الذي دخل قبلي. بقيتُ أنتظر فترة من الزمن خلتها دهراً طويلاً.عندما تأخر الشخص صاح عليه الجندي وهو يضرب الباب بحذائهِ العسكري ” إستعجل”. عند خروج الشخص قادهُ الجندي الى زنزانتهِ وسمعتُ صوت إغلاق الباب الحديدي. عاد مسرعاً وسحبني من يدي وهو يقول ” أُدخل”.

في اللحظةِ التي أصبحتُ فيها داخل دورة المياه رفعتُ قطعة القماش ، شاهدتُ نفس المكان الذي دخلته ليلة أمس . أسرعتُ في قضاء ما جئتُ من أجله كي لا أسمحَ له بضرب الباب والصراخ بصوتهِ المرعب ” أخرج…أخرج..”؟ . عند باب الزنزانة قلتُ له بأن غرفتي باردة جدا والغريب أنه نظر إليّ بتأمل ثم أندفع إلى داخل الغرفة وعاد على الفور وقال بدمدمات لم أفهم منها شيئاً. سحبني من يدي في ممرٍ طويل آخر وتوقف وهو يقول ” أُدخل هنا هذه ستكون غرفتك منذ هذه اللحظة.” دفعني وهو يغلق الباب خلفي. حينما رفعت قطعة القماش وجدت نفس المساحة لغرفتي السابقة إلا أن هناك شيئاً جديداً. فراش أصفر يشبه – الموكيت – الذي نستخدمه في بيوتنا وبطانية إضافية ووسادة خضراء. فرحتُ جداً بهذا المكسب الجديد . توجهتُ إلى الجهةِ المعاكسة للقبلة ـ معتقداً أنها ألاتجاه الصحيح ـ وصليتُ وتضرعتُ إلى الله أن يساعدني في محنتي هذه. بعد الصلاة اضطجعتُ على البطانية أُفكرُ في حالتي البائسة وجاءت إلى ذهني العبارة التي تؤكد بأن الفتنة ُ أشد من القتل. لا أدري لماذا ظلت هذه العبارة ترن في أذني دقائق طويلة. حقاً أن الفتنة أشد من القتل. لقد “فتن” عليّ المدعو قاسم ألزاهدي سامحه الله وجعلني أسبح في محيطٍ من العذاب الذي لا ينتهي. لو أنهم قتلونني هناك في اليوم الأول الذي وطأت فيه قدماي تلك الأرض المنسية لكنتُ قد استرحت من عذابٍ طويل ومعاناة لا تنتهي. ولكن أن يُترك المخلوق البشري يسبحُ في ظلام الرهبةِ والخوف والضياع فهذا ما لا يطيقه الإنسان. بعد لحظات سمعتُ صوتاً يُعلِنْ من خلال الرواق الطويل كاسراً جدار الصمت الأبدي وظل يصرخُ عبارةً واحدة ” فطور صباحي….فطور صباحي “. جلستُ عند الزاوية لا أعرف ما الذي يتوجبُ عليّ فعله كي أتواصل مع ذلك النداء.

على حين غرّه انفتحت الفتحة الصغيرة المثبتة في الباب الحديدي . استدرتُ إلى جهة الجدار على الفور حسب التعليمات المكتوبة في ورقةٍ مطبوعةٍ ومعلقة على الجدار الداخلي للزنزانة وقد كُتِبَ عليها بثلاث لغات بما معناه ” عندما تنفتح الفتحة الصغيرة في الباب الحديدي فعلى السجين أن يستدير إلى جهة الحائط أو يضع قطعة القماش السميكة فوق عينيهِ كي لا يشاهد الشخص الذي يجلب الطعام أو المكلف بالحراسة ومن يخالف هذه التعليمات يُعَرّض نفسه للعقاب”. تطلع شخص ما نحوي لم أشاهد وجهه وحينما تأكد من استدارتي نحو الجدار فتح الباب الحديدي الذي أصدر صوتاً مرعباً وتقدم نحوي واضعاً قطعة من الخبز وفوقها ملعقة من المربى على الأرض وهو يقول بصوتٍ جاف ” فطورك الصباحي” . نظرتُ إلى الفطور الصباحي المأساوي غير مُصدقاُ ما وصلت إليه حالتي المزرية. تبادرت إلى ذهني آلاف الصور القديمة السعيدة وكيف كنتُ أتناول فطوري قبل سنة وفي هذا الوقت بالضبط. كنتُ أنهض من النوم من غرفتي الوثيرة الدافئة وزوجتي تعد الفطور الصباحي في المطبخ وبين فترة وأخرى تأتي لتقول لي بصوتها الحنون ” أنهض ..إنها السابعة والربع صباحاً ستتأخر عن الدوام..قم أيها الكسول……” وبخطى متثاقلة أتوجه إلى الحمام الدافئ ويتفجر الدش الحار وأبقى ربع ساعة أنعمُ بدفيء المياه الخالدة….وحينما أجلس أمامها عند المنضدة أجد أشياء كثيرة من أنواع الفطور الصباحي التي رزقنا الله بها”.

امتدت يدي وهي ترتجفُ وشرعتُ أتناولُ قطعة الخبز اليابسة وكانت تُصدِرُ صوتاً مسموعاً عند المضغ. لم أستطع إتمامها على الرغم من قلتها فقد اختفت شهيتي إلى الأبد. بعد قليل طرق الباب شخصٌ آخر وقدم لي قدحاً من الشاي الخفيف جداً مع قطعتين من ـــ القند ــ القند عبارة عن مكعب صغير من السكر الذي لم أُشاهدهُ إلا هنا في أرض الضياع. عند السابعة والنصف صباحاً سمعتُ أصوات أصفاد في الممر الداخلي لذلك الرواق الطويل ، هبطت روحي ونبضَ قلبي بعنفٍ شديد فصوت الأصفاد يُثير في نفسي رعباً مخيفاً. حينما سمعتُ صوت المزلاج الحديدي ينفصلُ عن الباب أدركتُ عندها أن ثمة شخص قادم نحوي. وضعتُ قطعة القماش السميكة حول عيناي وأحكمتُ وثاقها واستعديت للمواجهة. في اللحظةِ التي دخل فيها الجندي صرخ بصوتٍ مرعب ” إتهض .. لديك تحقيق”. قفزتُ ووقفتُ عند الجدار. قدمتُ يدي كي يأخذها الجندي ليقودني إلى غرفة التحقيق. كان الشخص المكلف بنقلي إلى غرفة التحقيق يدفعني تارةً ويسحبني تارةً أُخرى بطريقةٍ خاليةٍ من الرحمة. كنتُ أرفعُ قدماي عند حافةِ عتبةِ كلِ بابٍ نصلهُ. كانت هناك قواطع كثيرة وممرات لا تعدُ ولا تحصى..أما الهواء البارد فكان ينفذُ إلى عظامي من خلال النوافذ المنتشرة في الرواق الطويل وفي النهاية وصلنا إلى مساحةٍ مفتوحة وفضاءٌ ثلجي. شعرتُ ببرودة الثلج تحت قدماي. كانت قدماي تنغرزان في الثلج فينفذُ البرد خلال شرايين أقدامي فيحيل جسدي إلى كتلة من الثلج المتحرك. دخلنا إحدى الغرف الصغيرة. طلبوا مني أن أخلع كافة ملابسي. شعرتُ برعبٍ شديد. إعتقدتُ أنهم سوف يجلدون جسدي. وضعوا رقماً في عنقي ــ قطعة خشبية علقوها في رقبتي وراحوا يلتقطون لي صوراً عديدة. بعد ذلك إقتادونني إلى غرفة صغيرة تحتوي على عمودين من الحديد مثبتين في الأرض يصل طول العمود إلى عشرة سنتيمترات تقريباً قد يُستخدمن لأيصال الكهرباء للتعذيب أو ربما لشيء آخر. دون أن يسألني أحد عن أي شيء طلب مني الحرس بلهجة غاضبة أن أنهض وأجلس إلى أن يطلب مني التوقف.

كان ذلك نوع من التعذيب الجسدي والنفسي ، وحينما وصلتُ إلى الرقم عشرين شعرتُ بأرهاق وعطش لايُطاق. كان جسدي لايقوى على النهوض. جلستُ على الأرض الهثُ من التعب. وفي لحظة جلوسي على الأرض فتح الباب بعصبية وراح يصرخُ بصوتٍ مرعب ” من قال لك أن تتوقف عن الحركة؟”. حاولتُ النهوض والجلوس مرتين وفي المرة الثالة سقطتُ على الأرض وشعرتُ بحالةٍ من الغثيان. عندها سحبني إلى المغاسل كي أنظف فمي من القيءْ. نظرتُ إلى وجهي في المرآة فشاهدتُ وجهاً مخيفاً قد عصفت به أيام الرعب وساعات الغليان. كان وجهي شاحباً وكأنني شارفتُ على الهلاك. شعر لحيتي طويل فقد تعذر عليّ حلق لحيتي منذ أكثر من شهر وعيناي غائرتان إلى الداخل. لم أصدق ان شكلي أصبح هكذا؟ قادني الجندي إلى غرفةٍ أخرى. وجدتُ شخصين في إنتظاري ومنضدة وثلاث كراسي. في لحظة جلوسي على الكرسي المخصص لي ووجهي إلى الجدار وعيناي معصوبتان، قال المترجم بلغةٍ عربية غير جيدة” ” السيد العقيد سوف يسألك عدة أسئلة وإياك أن تكذب عليه وإلا سيكون عقابك شديد”.جلس العقيد خلفي قريباً جداً لدرجة أنني كنتُ أحسُّ أنفاسه قريبة من رقبتي. قبل أن يوجه لي أي سؤال سألني فيما إذا كنتُ أدخن أم لا؟ وحينما أجبته بنعم قدم لي واحدة . رحتُ أدخنها بنهم لأنني لم أدخن سيكارة منذُ يومين وكنتُ في أمسّ الحاجة لواحدة في تلك الدقائق العصيبة من تاريخ حياتي المجهول.­

بدأت الأسئلة تنهال عليّ من كلِّ حدبٍ وصوب. لم أكذب أبداً. كلما أجبتهُ عن إستفسار معين كان يطرح علي سؤال آخر. كنتُ كمن يدافع عن نفسه في ساحةِ حربٍ ليس لها نهاية. حاول بكل الطرق أن يبرهن لي بأنني رجل مهم في الدولة العراقية وأنني أنتمي إلى قبيلة الرئيس. حاولتُ بكل الطرق أن أُبرهن له بأنني لستُ الهدف الذي يحاول الوصول إليه وأنني لا أنتمي إلى أي شيء مما يقول. كان يتهمني بأشياء تجعلني أود الانفجار بضحكات هستيرية لاتنتهي ولكن هناك أشياء كثيرة تمنعني من فعل شيء كهذا. وأستمرت عمليات الهجوم من جانبه دقائق لاتنتهي في جحيمٍ من محاولات الدفاع المستميتة استخدمتْ فيها كل الوسائل المتاحة للدفاع عن النفس القلقة. عرض عليّ أشياء مغرية جداً تجعلني أكون ذو حظوة لديهم إذا ذهبت للعمل معهم. عند الحلقة الأخيرة من الأستنطاق أكد لي بأنني سأبقى في غياهب السجن حتى الموت إذا لم أعترف بالأشياء التي يتهمني بها. ترك غرفة التحقيق وتركني أسبح في محيط هائج مظلم لا أعرف إلى أين سيقودني التيار المهلك. أيقنت أنها النهاية بالنسبة لي …نهاية كل الأحلام التي كانت تراودني منذ أن أبصرتُ النور. سحبني الشخص المكلف بإعادتي إلى الزنزانة . سرتُ معه كجسدٍ بلا روح، مجرد هيكل بشري يتحرك نحو حتفه المؤكد في يومٍ لا يعرفه إلا الله سبحانه وتعالى. رفعتُ رأسي إلى السماء ولكنني لم أرَ إلا ظلاماً فقد كانت عيناي محجوبتان بقطعةِ قماشٍ أسود .

يتبع …..

أحدث المقالات