قد يضطر الإنسان, للتنازل عن كثير من والأمور المهمة له, تحت تأثير ظروف معينة, وقد يتراجع عن مواقف إختارها, عندما يجد أن الضرر منها أكبر من النفع.. لكن دوما هناك حدود وخطوط, تمثل الحد الأدنى, وعندها يجب عدم التنازل, ولو كان الثمن الموت.
قد نختلف بيننا في ماهية الخطوط التي نقف عندها, فهناك من يتوقف عند تعلق الأمر بأمواله, وأخر يراها حياة من يحبهم, أسرته كانت أو غيرهم, بل وحتى حياة الناس الأخرين.. وهناك من يتوقف عند مواقف إختارها, ولن يتزحزح عنها لقناعات يعتقدها, وغيرهم يتوقف عند تاريخ وسجل ناصع يريد المحافظة عليه.. لكننا جميعا, سنتفق أن شرفنا, أيا كانت توصيفاتنا له, هو حد أدنى مشترك لن نتنازل عنه مطلقا.. على الأقل نظريا!
التجربة السياسية في العراق, أفرزت لنا نماذج لبعض الساسة, أقل ما يقال عنهم, أنهم بلا حدود دنيا.. فلا مال ولا حياة إنسان ولا شعبا حتى, ولا مواقف ولا تاريخ مشرف, يمكن أن يحافظ عليه ..فكلها قابلة للتنازل في سبيل تحقيق الهدف, والغاية تبرر كل الوسائل, فلا يهم كيف وبأي طريقة, فالمهم النتيجة.. والهدف المطلوب تحققه فقط؟!
ما حصل خلال الأيام الماضية من تنافس محموم, بين فريقين, لتشكيل الكتلة الأكبر, وصل وكما نقلت الأخبار, حد عرض نواب لأنفسهم بالمزاد العلني, لمن يدفع أكثر, والمشترون, شخصيات لها تاريخ جهادي, مشرف ولازال نديا لم يبلى بعد.. يشعرنا لا بالخيبة فقط, ولكن بالإنكسار من الداخل, واليأس الكامل من أي بصيص امل.
أن يفعلها باحث عن المناصب, ومن أستقتل وتنازل عن كل كرامة, في سبيل ولاية ثالثة, قد يفهم ويتوقع منه, فهو طالب سلطة.. لكن أن يفعلها من أثبتت المعارك ضد داعش جهاده, وتاريخه القديم في الهور, يشهد له بنضاله ضد نظام البعث, يجعل القضية عصية, على الفهم والإستيعاب والتقبل, فهل السلطة, مغرية لهذا الحد؟!وتستحق كل هذا التنازل, والتردي والإنحدار؟!
من يحاول شراء ذمم نواب, هو في الحقيقة لا يشتري شرف هؤلاء, فمن يبيع مواقفه لأجل المنفعة المادية, مالا كانت أو منصبا, هو بلا شرف أصلا.. لكنه كمشتري ضيع شرفه مجانا, ودون أن يقبض الثمن أصلا!