لم يكن للمرجعية الدينية في العراق، مصلحة مع احد لا من قريب ولا من بعيد، ولا تقوم على ذكر احد في شيء ليس فيه، ولا تعمل على تجميل صورة شخص معين، فهي غير محتاجة لأحد بعد الله، ولا تحتاج مديح او شكر او ثناء احد، لكنها لا تخشى احد في قول الحق الذي لا يرغب في سماعه الكثير.
لم تكن هناك مصلحة للسيد السيستاني عندما قدم تعزية بوفاة السيد عبد العزيز الحكيم قال فيها:
“تلقى سماحة السيد السيستاني (دام ظله)، ببالغ الاسى والاسف نبأ وفاة فضيلة العلامة حجة الاسلام السيد (عبد العزيز الطبطبائي الحكيم)، طاب ثراه الذي انتقل الى جوار ربه الكريم، بعد عمر حافل بالعطاء، في سبيل خدمة دينه ووطنه، وخلاص شعبه من الظلم والقهر والاستبداد، وإن سماحة السيد (دام ظله) اذ يعزي جميع محبي الفقيد السعيد، وعارفي فضله ومكانته- ولا سيما اهله الكرام واسرته الشريفة…”
اما المرجع الديني الكبير الشيخ بشير النجفي فقال في نعيه “لقد كان المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم (قدس سره) رمزاً للثبات في أحلك الظروف وكان صبوراً متفانياً في خدمة الإسلام والمسلمين عامة وخدمة الشعب العراقي المظلوم خاصة”.
إشارة المرجعية الى دوره الكبير الحافل بالتضحية والعطاء، في مواجهة الظلم والاستبداد الذي لحق بالشعب العراقي، وخدمته العظيمة للدين والإسلام, ومساهمته في إيصال القضية العراقية الى المجتمعات الدولية، في الماضي والحاضر، الا ان الاعلام حاول تغييب ذلك الدور الريادي له، وتشويه الحقيقة الناصعة التي طالما غيبت عن اذهان كثير من الناس.
هناك من يتجاهل ذلك الكلام في حق الفقيد رضوان الله عليه فيظلمونه حقه، لذلك ترى ان السيد السيستاني يدرك ذلك الامر، فابتدأ بتعزية محبيه وعارفي فضله, ثم من بعدهم أسرته وذويه، فحتماً هناك فضل كبير للفقيد يجهله عامة الناس، والا ما تطرق السيد السيستاني لذكره، الفضل كبير لآل الحكيم يعجز المنصفون عن ذكره، فضل لا يدانيه فضل، تضحيات عظيمة وكبيرة قدمتها تلك العائلة الكريمة.
لم تكن المرجعية وحدها، تعرف تلك المكانة وذلك الفضل للحكيم، فكل منصف يعرف ذلك ويتحدث به، بعيداً عن الحزبية والطائفة والقومية، فقد طرح مشروع الأقاليم عندما كانت وسيلة لحماية العراق من الضياع، قبل ان تصبح أداة للتقسيم، وطالب باللجان الشعبية تحت سلطة الدولة لحماية المناطق السكنية من الاعتداءات الارهابية, ومن نمو الخلايا الارهابية داخل المدن السكنية، قبل ان تصبح مليشيات خارج إطار الدولة.
جلست ذات مرة مع عضو برلمان من احد الاحزاب التي لا تنسجم مع رؤيا ال الحكيم، ولها مرجعية مستقلة خاصة بها، قال بالحرف الواحد “لا يمكن لأحد ان يساوم على وطنية السيد (عبد العزيز الحَكِيم)، وأننا متى ما اشتدت بِنَا المحن لجأنا له، وانه والله كان صمام أمان للعملية السياسية، وهو الوحيد الذي كان يهابه الجميع، ويعامل الجميع بأبوية خالصة”.
من هو قريب من السيد (عبد العزيز الحكيم) يعرف جيداً ما تحدثنا به، ويعرف مكانته وقوة كلمته, وحسن ادارته وحكمته, وطريقته في التعاطي مع الامور الطارئة، لكن الاعلام المغرض زيف الحقيقة وألبسها ثوب الكذب والتدليس، كي لا يطلع عامة الناس على حقيقة ذلك الشخص، ولكي لا يكون له تأثير قوي داخل المجتمع العراقي، فمنهم من يخشى من ضياع السلطة من بين يديه, وآخرين يخشون نفاذ كلمته داخل المجتمع فيؤدي ذلك الامر الى تقويضهم وتحجيمهم والحد من تماديهم في حق ابناء الشعب العراقي، رحم الله السيد عبد العزيز الحكيم.