23 ديسمبر، 2024 8:34 م

عندما نصحت الجعفري والمالكي والجلبي فلم ينتصحوا

عندما نصحت الجعفري والمالكي والجلبي فلم ينتصحوا

كانت تربطني بالجعفري أخوة أيمانية أحسنت الظن بها كمتلازمة أخلاقية عقائدية تستمر مادام صاحبها لم يغير , أما عندما يغير من أحسنا الظن به , فهو يتحمل مسؤولية ذلك التغيير نحو ألآسوأ , ونحن من جانبنا علينا النصح , ولكن عندما يتعدى ألآمر جانب العلاقات الفردية ويتحول الى ألآخلال بالصالح العام , فلم يعد النصح كافيا , بل وحتى مجرد الرفض لذلك ألآخلال بالصالح العام وهي مصالح الناس والوطن لم يعد كافيا , وخطوات المواجهة لتغيير  الواقع الفاسد تصبح من مفردات ” ألآمر بالمعروف والنهي عن المنكر ” وعندئذ يكون الجهاد بالكلمة مقدمة عقلائية لها أبواب وفنون , وقد كتبنا وحاضرنا , وكانت لقاءاتنا التلفازية عبر الفضائيات التي أنتقدنا فيها العملية السياسية في العراق وطريقة كتابة الدستور وما فيه من ثغرات متعمدة , وطريقة ألآنتخابات المفصلة على قياس أحزاب المحاصصة التي أستأثرت بالسلطة فأساءت ألآثرة بشكل زاحم سوءات السلطة الظالمة عبر تاريخها ألآسود في العراق والمنطقة والعالم , وكان البعض يلومنا على تصريحاتنا المحقة لآنه لم يكن يعرف الى أين تتجه ألآمور , واليوم عندما تنطلق تظاهرات الشعب العراقي ومعها توجيهات المرجعية الدينية في النجف ألآشرف , فأن أرشيفا مطرزا بالصمود والمعارضة لذلك الفساد الذي أستشرى في مفاصل الدولة والمجتمع له رجاله الذين دفعوا ضريبة ألآقصاء المتعمد المصحوب بالتشهير والتسقيط , وعلى التظاهرات أن تراجع ذلك ألآرشيف لآنه ملك للعراقيين المخلصين بعيدا عن الطائفية والعنصرية والفئوية حتى لايشعروا أنهم يواجهون فراغا في الخيارات القيادية التي تشملها سنة الله تعالى القائلة : ” لو خليت قلبت ” ؟

نصيحتي للجعفري في 13|6|2003 كانت تقول : أن البلد أصبح محتلا , وأهل ألآحتلال وهم ألآمريكيون لن يتركوا فرصة لمن يدخل الحكومات التي سوف تشكل وأنما ستكون الحكومات حرقا لآوراق المشاركين فيها , فعلينا بناء على ذلك أن لاندخل القياديين في الحكومات وأنما نجعلهم يعيشوا مع الشعب يواكبوا همومه ويوجهوه بما يرضي الله وما يرضي عامة الناس وعامة الناس يؤمنون بالله لافرق بين المسلم والمسيحي في خط ألآيمان العام ألآ بما يفرقه الله وهو أعلم العالمين .

وقلت للجعفري وعلينا أن ندخل في الحكومات أصحاب الشهادات غير المعروفين وهؤلاء ستحرق أوراقهم , فيرجع كل ذي أختصاص الى أختصاصه , أما عندما ندخل القياديين في الحكومات وتحرق أوراقهم فأننا سنخسرهم في الدولة وفي المجتمع وهذه خسارة كبيرة لا يقدم عليها من يعرف الجيوسياسية وعلومها ؟

وأفترقنا أنا والجعفري , ألتزمت أنا ميدان الناس بالمحاضرات والتوعية الثقافية الوطنية , وأنغمس الجعفري في الركض وراء الكرسي وفتات السلطة ودخل مجلس الحكم وسجل فشلا ذريعا حيث لم يدخل معه مناوبا سوى المرافق له عدنان ألآسدي الذي لم يكن قياديا في حزب الدعوة ألآسلامية ورشحه لاحقا وكيلا أداريا لوزارة الداخلية ثم جعل منه المالكي قائما بأعمال وزارة الداخلية حتى سقوط الموصل ؟

بينما أدخل عبد العزيز الحكيم مجموعة من حواشيه مناوبين في مجلس الحكم وسلط عليهم ألآضواء فأصبحوا جزءا من فريق المحاصصة لاحقا وهم كل من همام حمودي وعادل عبد المهدي وباقر صولاغ , وجلال الصغير ومحمد تقي المولى ولم يقرب هادي العامري مسؤول فيلق بدر , وهذا لعب دورا في أنفصال فيلق بدر ” منظمة بدر ” عن المجلس ألآسلامي ألآعلى بعد وفاة عبد العزيز الحكيم , فالجعفري غدر بالدعوة والدعاة من أيام مجلس الحكم , ولذلك قال عنه أحد مستشاريه عندما أصبح رئيسا للحكومة بأن الجعفري رجل بلا أصدقاء ؟

والمالكي قبل أن يصبح رئيسا للحكومة كان يستمع للنصيحة على أقل تقدير فيما بيني وبينه فمثلا عام 2004 ذهب أغلب مسؤولي حزب الدعوة للحج ومنهم المالكي الذي كان على وشك الوصول للكويت فأتصلت به هاتفيا وقلت له : ليس مناسبا أن تذهبوا كلكم للحج وتتركوا البلد والناس وهم تحت أحتلال لايرحمهم ؟ فرجع الرجل وترك الذهاب للحج ؟

لكن عندما أصبح رئيسا للحكومة لم يعد يسمع نصيحة , وكتبت له ثلاث رسائل موثقة أحذره من ألآتجاه الخاطئ في الحكم ومن طريقته في تقريب الحواشي الفاشلين وسوء أدارته للحكومة , وطريقته الفاشلة في ألآسناد العشائري وفي المصالحة الوطنية وفي ترشيحاته ألآنتخابية التي لاتقوم على أسس ديمقراطية ولا على منهج أخلاقي سليم , وكان فاشلا في العلاقات الخارجية وفي السياسة الداخلية وجعل من نفسه وكرا للفاشلين والسراق وأحاط نفسه بمجموعة متملقة فاشلة أفسدت عليه كل علاقاته , فلم يعد يفي بمواعيده وألتزاماته فطمعت به أجهزة ألآمن الفاسدة وراحت تعمل على هواها ومزاجها حتى ضجت الناس ومنهم أهل الموصل , وكانت ظاهرة الهروب الجماعي من السجون دليلا على عجزه وفشل رؤساء ألآجهزة ألآمنية , وتوسع دائرة الفتنة الطائفية الوهابية في الفلوجة كانت بسبب سوء أدارته , والمالكي الذي لم يستمع نصائحنا ولم يجب على رسائلنا ذات البعد الوطني هو من أشترى الخسارة والفشل ووضع نفسه في موضع الشبهة والتهمة التي لايمكنه الدفاع عنها .

أما الجلبي , فلم أكن أعرفه شخصيا , ولكن بحكم أدارتي لبعض شؤون المعارضة في الخارج كنت أعرف عنه أمورا سياسية كثيرة ليست لصالحه , فهو لم يكن سياسيا وأنما هو أبن عائلة تجارية يقيم بعضها في لبنان وهو متخصص في الرياضيات ويقيم في أمريكا , وفي بداية التسعينات جمد حسابهم المصرفي في سويسرا , وعندما أستفسر رجال العائلة عن السبب قيل لهم أذا أردتم حساباتكم تفتح فتعالوا أعملوا معنا ؟ قالوا : نحن عائلة تجارية , قالوا لهم أبعثوا الدكتور أحمد الجلبي ليعمل معنا , وهكذا تم فتح حساباتهم بعد أن أفلس بنك مبكو في البقاع اللبناني وبنك البترا في ألآردن , وعندما عمل أحمد الجلبي مع ألامريكيين أقيم مؤتمر صلاح الدين عام 1993 وعندما دعيت للمؤتمر رفضت الحضور وعندما ألح علي من طلب مني الحضور قلت لهم أن هذا المؤتمر تصرف عليه أموال النفط العراقي في ميناء ينبع السعودي ومقدارها ” 200 ” مليون دولار أمريكي والشعب العراقي محاصر وهذه ألآموال أمواله وهي أحق أن تصرف عليه لا على مؤتمرات لافائدة من ورائها ثم قلت لهم أن هذا المؤتمر تحضره السي أي أي ألآمريكية والموساد الصهيوني وأنا لا أحضر مؤتمر تحضره هذه الجهات ومن يومها وضع ألآمريكيون خطا أحمرا علي ولذلك قال بريمر وماريا المنسقة ألآمريكية أنهم يحسبون لي مليون حساب وهذا الكلام يفهمه من يعرف دواخل وأسرار السياسة ومخابراتها وفي صلاح الدين شكل ما يسمى بحزب المؤتمر الوطني وكان مسعود البرزاني الذي لايرد طلبا للآمريكيين وأحمد الجلبي والمرحوم محمد بحر العلوم شكلوا واجهة لذلك المؤتمر ومانتج عنه ولكن من يومها أصبح الدكتور أحمد الجلبي رئيسا لحزب المؤتمر الذي تدعمه أمريكا ب ” 360 ” ألف دولار شهريا , ولان أحمد الجلبي لم يكن سياسيا تورط في العمالة لآمريكا وجمع حوله النكرات من شذاذ ألآفاق والعملاء الذين لم يكن لهم عمقا في الشارع العراقي ولذلك عندما دخل الجلبي العراق التف حوله الموتورون الذين سرقوا بنوك ومصارف بغداد ومنهم عميل مخابرات لدول المنطقة جعلوا منه حاكما لبغداد وهو لايعرف شيئا من السياسة وكان يلتقي بي في الخارج وهو لايملك عنوانا خاصا ولكني أعرفه متورط بالعلاقة بمخابرات دول المنطقة فكنت أتحاشى ألآنفتاح معه , ومرة أخرى لآن الجلبي ليس سياسيا وعندما زار الناصرية وهي موطن أجداده رماه الناس بالحجارة والطماطة الفاسدة فظن أنه حتى تكون له شعبية أن يرتبط بأيران فأرسل قسما من جماعته الى أيران بعنوان التدريب على ألآنتخابات ولكنهم دربوا على المخابرات وعندما علمت أمريكا حاصرت منزله في بغداد وقطعت عنه الراتب الشهري لحزبه ” 360 ” الف دولار , وأحمد الجلبي الذي فتح مكاتبا له في أكثر المحافظات العراقية ولكنهم لم يحصلوا له على كرسي واحد في ألآنتخابات مما أضطره لاحقا للدخول مع القوائم ألآخرى ختى حصل على كرسي واحد له وأخرها دخوله كفرد مع قائمة المواطن التابعة للمجلس ألآسلامي العراقي , وفي سنة 2007 طلب مني بعض معارفي أن يرتبوا لي موعدا مع الجلبي فقبلت ألآمر من باب ألقاء الحجة على الجلبي وعلى من معي , ولكني أبلغت من كان معي أنني أريد ألآنفراد بالجلبي أثناء اللقاء , وعندما جمعنا اللقاء في مكتب الجلبي راح يتحدث عن سقوط صدام ودوره في ذلك مع ألآمريكيين فقاطعته وقلت له : أن ألامور تغيرت واليوم تحيط بالعراق أخطار حقيقية منها ألآرهاب وأنت مطلوب رأسك والحديث له خصوصيات فقال لي : هل تحب أن نجلس لوحدنا ؟ فقلت له نعم , فجلسنا لوحدنا فقلت له : أنت فتحت مكاتب في المحافظات ولم يجلبوا لك صوتا واحدا وألآنتخابات تحتاج : فكر وجمهور ومال , ونحن عندنا الفكر ومعنا الجمهور ولكن ليس معنا المال , وأنت لاتملك فكرا ولا جمهورا ولكنك تملك مالا فأذا أردت أن تخدم الوطن أجعل مالك مع الفكر ومع الجمهور ؟ فقال : أول مرة أسمع بهذا التحليل وهذه الصراحة وأنت رجل الكل يعرف تاريخك وأخذ ورقة وسجل رقم هاتفي وقال : أنا أتصل بك ؟ وقلت للذين معي : هذا الرجل مرتبط بجهات لاتسمح له ألآتصال بالوطنيين من أمثالي ولكني أردت أقامة الحجة عليه وأطلعكم على واقعه الذي لايلتزم بالمواعيد والعهود , ومنذ ذلك الوقت لم يتصل بي الدكتور أحمد الجلبي ولم يسمع نصيحتي كما لم يسمعها الجعفري والمالكي حتى وصلوا الى ماوصلوا اليه من خيبة وخسران لآنهم لم يقدروا أهل العلم والرأي والخبرة ولم يقدروا الوطن الذي أواهم وتحدثوا بأسمه ظاهرا وعملوا ضده وضد أهله فلقوا جزاء ذلك عارا وستكون الملاحقات القضائية لهم ولمن خان فقراء الناس وغدر بهم ولمن جفا أخوانه وأوصل العراق الى هاوية ألآفلاس وجعل عصابات ألآرهاب تعيث فسادا به , هؤلاء سيكون حساب الله لهم أشد من حساب الناس.