يحكى ان فرس عربي اصيل، كان لا يعتلي ظهره سوى الأبطال
في احد الأيام سرقه لص وباعه لفلاح بأبخس الأثمان
الفلاح لا يعرف عن الخيول شيء، كل الذي يعرفه انه حيوان يؤدي اعمال معينة في الحقل، لذلك وضعه مع باقي الحيوانات في حضيرة متهرئة
لذلك اول شيء فعله، انزل سرج الفرس، وربط عليه محراث، ليحرث به ارضه، لقد اشتراه لهذا الغرض
لكن الفرس يأبى ذلك، فهذا ليس عمله ولا مكانه
اما الفلاح فلم يكن امامه الا ان يعاقب الفرس بالضرب وقطع العلف عنه.
السؤال هنا
من المذنب الفرس الذي لا يقبل بأن يعيش الواقع، ومصر ان يعامل معاملة الملوك
ام الفلاح الذي يجهل كيف يتعامل مع الأشياء الأصيلة؟.
بعد العام2003 حدث تماماً مثلما حصل مع الفرس الأصيل والفلاح
فقد ضاع الرث مع السمين، والنزيه مع الفاسد، وكلاً يدفع بالأتجاه الذي يخدمه، ولغاية الأن لا نعرف من السبب
لكل جهة مبرراتها، التي تجعلها تعتقد بأنها على صواب، لذلك يحاول كل طرف من الأطراف ان يعاقب ويحاسب الطرف الأخر
ان سبب كل الذي يحصل في البلاد هو عدم وجود الأشخاص الحقيقين في مكانهم الصحيح.
الشعب لغاية الأن لا يستطيع ان يمييز بين رجل السياسة الوطني، وبائع الكلام الذي يضع لهم الشمس بيد، والقمر بيد اخرى.
الشعب لا يعرف لغاية الأن ان للسلطة التشريعية دور يختلف عن دور السلطة التنفيذية
وعندما ينتخب للبرلمان في الحقيقة هو يصوت لرئيس الوزراء، وليس لأختيار نائب يمثله
لذلك تجده يختار السيء في قائمة معينة، فقط اكراما للشخصية التي يريد ان يراها تعتلي كرسي الرئاسة
حتى اغلب المرشحين للبرلمان، عندما تسألهم عن برنامجهم الأنتخابي، يقول نبني جسور، نبني قصور، نوفر الكهرباء وغيرها من الأمور التي ليس للبرلمان فيها اي علاقة
احيانا كثيرة المرشح لا يعي دوره، ولا يعرف ما هو المطلوب منه، وفي احيانا اخرى المرشح يعرف جيدا ما سوف يكون مطلوب منه في البرلمان، لكنه يخاطب الشارع بما يريد سماعه.
جهل الناخب، وخبث الفاسدين الطارئين على السياسة، جعل هناك من يعتلي الصدارة وهو ليس اهل لها، في حين من يستحقها تقوقع وركن الى زاوية بعيدة عن المشهد.
من اجل ان يعودوا الصالحين للصدارة، هناك خيارين
الأول ان يتنازلوا عن مصداقيتهم، ويتعلمون الكذب، كما يفعل الطارئين، وهذا صعب ومستحيل على من تربى على الصدق والأخلاق الفاضلة
الثاني ان الشعب يعي حقيقة الذي يجري، فيغير وجهته بأتجاه الصادقيين والوطنيين
وهذا صعب جداً، ان لم يكن مستحيلاً، على اقل تقدير لهذا الجيل
لكن يبقى الأمل بالمنطقة الرمادية التي ترغب بالأنتخاب، وفي نفس الوقت تخاف ان تتندم لخيارها الخاطئ، كما في المرات السابقة
هذه الطبقة ان انتفضت وقررت ان تشارك، ووضعت صح على القائمة الوطنية، فأنها حتما ستغير الكثير، وستكون اللبنة الأولى في البناء الصحيح