23 ديسمبر، 2024 2:55 ص

عندما صمت زرادشت … و تكلم محمد جواد ظريف.!

عندما صمت زرادشت … و تكلم محمد جواد ظريف.!

في روايته العظيمة هكذا تكلم زرادشت ..  يقول الفيلسوف الألماني نيتشه .. إن على الحكمة أن تكون مثل الشمس تشّع على الجميع . وأن يكون بوسعها أن تقذف ولو بشعاعٍ باهت على أكثر الأنفس حطّة وإتضاعاً .

الحكمة التي نفتقر إليها نحن كعرب في التعامل مع التهديدات التي تحيق بنا رغم إن الكثير منها قد خلقناها بأيدينا .. بتفرقنا .. بانفعالاتنا .. بنزوات الغضب التي تتحكم بأفعالنا .

منذ اندلاع الأزمة اليمنية  وعمليات ( عاصفة الحزم ) ساد الأوساط السياسية والثقافية  وحتى الشارع العربي انقسام  كبير بين مؤيد  للعمليات العسكرية وبين مُعارض لها  وانقسم الشارع الى معسكرين كل معسكر يتهم الأخر أما انه عميل لإيران أو للمملكة العربية السعودية … وهذا يعود بالأساس إلى تراكم المشاكل والاختلافات بيننا نحن كعرب لعدم امتلاكنا القدرة والإرادة  لحلها كوننا لا نمتلك الحكمة المطلوبة ولا كيفية التصرف بهدوء .

ولنا أن نقارن مابين  وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي يمثل الواجهة للسياسة الإيرانية الخارجية  وبين السياسة العراقية في زمن النظام السابق وسياسة المملكة العربية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز … رغم إن المقارنة لا تعجب الكثير منا وخصوصاً  ممن لازالوا يعيشون أوهام وأحلام الماضي .

نتذكر جيداً تصريح الرئيس العراقي الراحل صدام حسين على شاشات التلفاز عن إحراقه لنصف إسرائيل رغم علمه من يقف خلف إسرائيل .!! هذا التصريح  الدال على نقص الحكمة .. التصريح الذي جلب الدمار للعراق وشعبه .. ثم  اتبعه بغزوه للكويت .. كان يتحدث وكأنه لوحده غير مدرك لما يفعل ويقول .. هل من المعقول أن يتصرف قادة العرب بهكذا سطحية وعنجهية .

تم ما قامت به السعودية من إعلانها الحرب على اليمن بحجة محاربة الحوثيين هو أيضا دليلٌ دامغ على إصابة السياسة السعودية ايضاً بداء نقص الحكمة الذي يعاني منه  كل العرب … هل حقاً عجزت السياسة السعودية عن أيجاد حل للمعضلة اليمنية أم إن جلالته وفخامته وسيادته لا يستطيعون تجرع طعم التنازل للطرف الأخر .. ثم ماهو الأمر المستحيل الذي أراده الحوثيون  وعجز الساسة العرب عن التفاوض معهم من اجله  لتجنيب الشعب اليمني ويلات هذه الحرب  المدمرة .

 الكل منفعل إعلامنا العربي البائس الذي لا يعرف كيف يكذب ولايعرف كيف يُظهر الحقيقة لمشاهديه..لااعلم لما هذا الإصرار على التصرف بانفعالية  .. الم يصلنا ولو قليلاً من ذلك الشعاع الباهت .. أكاد اجزم انه لو أمطرت السماء حكمة لهرول العرب مختبئين خوفاً من أن تبتل رؤوسهم بقليل منها كي لا يصابوا بدائها و تنسيهم شرقيتهم وجاهليتهم التي توارثوها من عنتره ابن شداد الى قادة تحالف عاصفة الحزم .!!

 جميعنا شاهدنا  وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وهو يتلو مسودة بيان الاتفاق النووي وإصراره على إلقاءه باللغة الفارسية  لإيصال صفعة الى حكامنا العرب ناقصي الحكمة عسى أن تُصحيّهم من سباتهم .. ورسالة الى الشعب الإيراني بأن حكمتهم التي ورثوها من كل حكماء بلاد فارس .. من زرادشت الى محمد جواد ظريف قد انتصرت .
         [email protected]