ألا يجب ان نتوقف كثيرا عندما تتضمن جملة لمغني شعبي سعدون يقول فيها مقسما “.. إلا أخرب الفن “.. فهو يقولها بكل عفوية وبساطة، كون الرجل لم يتلقى تعليما أكاديميا كافي لتطوير مهاراته الفنية؟!
وقع الفن العراقي خلال السنوات الماضية بأخطاء عديدة.. فغابت المهنية عن المادة الفنية في جميع المجالات كحال باقي القطاعات الأخرى ، وسمحت بعض المؤسسات الفنية والنقابات ونتيجة لعدم وجود رقابة حقيقية ، بمرور شخصيات دفع إدائهم الفني لتدمير الذوق العام، من خلال مايقدموه من فن هابط بعيدا عن رسالة الفن ومحددات الذوق العام .
خطاب الكراهية والتحريض المبطن ودسم السم بالعسل ، كان حاضر في كثير من تلك الأعمال التي تنتسب زورا للفن حسب ادعائها.. فخلال فترة التظاهرات التي شهدتها البلاد قامت “دكاكين،” الأنتاج الفني بأنتاج مئات الأناشيد والأغاني التي تحرض على العنف والتخريب لتغير مجرى المظاهرات السلمية الى تخريبي وجرها الى العنف والتصادم تنفيذا لأجندات مشبوه.
تعمدت قنوات فضائية أيضا بتخصيص ساعات من بثها لمشاهد تمثيلية لاتمت للفن والذوق العام بصلة، من خلال تشجيع الشباب على المجون والفجور وأستخدام الالفاظ النابية والشتم والأيحات الجنسية المبطنة بل والصريحة.. والتي لا تناسب الأسرة العراقية المعروفة بالتزامها الديني والأخلاقي .
حسابات سياسية ومعارك مدفوعة الثمن وتلميع شخصيات معينة ، في أبشع مظاهر “الفن العراقي الحديث” في عراق مابعد التغير فعلى مدى عقدين لم نعد نشاهد فنا راقيا يهذب الذوق ويربي الأطفال الا بالقدر اليسر في بعض الفضائيات العراقية حتى أن أغلب الفنانين الكبار اما جلس في منزله يترقب او أنجرف مع موجة الفن الهابط .
تنازلت نقابة الفنانين طوعاً عن دورها الكبير في التوعية والتثقيف والتعليم والتربية ومراقبة الأعمال الفنية ، وتراجع دورها بشكل كبير ومخيف، وتحول الفن من منبر للثقافة والتربية، الى حملة للإساءة والبذاءة والسقوط في الفعل والقول، من خلال تجاهل كبار الفنانين ميثاق الشرف الفني المبني على تهذيب الذوق العام وأيصال رسائل الأمل والأيجابية والتفاؤل في الحياة، ومنع بث روح اليأس والاحباط بين فئات الشعب وهم بذلك وارتكبوا تجاوزات بحق الفن والفنانين..
تصريح “.. إلا أخرب الفن ” ليكشف ليسقط الأقنعة عن وجوه النقابة ويوجه لها الضربة القاضية، ويكشف عورتها وسقوطها في التحدي القائم مابين الفن والتخريب.. والذي لازال مستمرا.