من الواضح تماماً أن العرب كقيادات قد وضعت نفسها في مأزق كبير من خلال الأوضاع المزرية التي نشرتها بين شعوبها فهي لاتستطيع اليوم أن تخرج من واقعها المؤلم وفي نفس الوقت لاتستطيع ان تبقى على ماهي عليه لأنها مهددة كقيادات بالأنهيار وكشعوب بنشر الفوضى العارمة نتيجة لسياسات يغلب عليها الطابع التنفيذي لأجندات خارجية وقوى دولية تتحكم في تلك القيادات !
معروف ايضاً أن العرب وعبر التأريخ الحديث كانوا يفضلون أن يكونوا تحت وصايات دول كانت قد أحتلتهم ومزقت وحدتهم وقسمتهم الى دويلات ومنذ ذلك التأريخ والعرب يلعبون أسوأ الأدوار بحق أنفسهم وشعوبهم وأوطانهم ومستقبلهم . إنهم يلعبون دور التابع الذليل والمحلل لخطايا ومخططات وجرائم أعدائهم العاملين على تدمير مصالحهم وطموحاتهم المسـتقبلية .
ولم يتعض العرب من سياسات الدول التي استعمرتهم وأستغلت ثرواتهم بل راحوا يتلذذون وهم يلبون طموحات تلك الدول المستعمرة وعلى هذا ورغم استقلال العرب منذ مدة ليست بالقريبة يعززون دور التابع ويعملون على تأمين حاجات تلك الدول حتى لو كانت على حساب شعوبهم وأوطانهم ولذا لم يشهد الوطن العربي تطوراً بمعنى التطور رغم الموارد المالية والثروات التي تختزنها الأراضي العربية لكننا نجد أن اغلب القيادات العربية تصرفت مع الموارد المادية والثروات على أنها ميراث لعوائل الحكام فتقوم بتحويل أغلب تلك الأموال الى بنوك خارجية تدعم فيها اقتصاديات تلك الدول وليستمر الحال وتنتشر معه حالات التخلف وسوء الخدمات المعلوماتية وغياب تام للتطور حتى اذا وصلنا الى نهايات القرن العشرين نجد ان الدول العربية قبلت دور من يثير الفوضى لحساب امريكا التي خططت لمشاريع فوضوية ليس اقلها مايسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير ومن ثم الفوضى الخلاقة التي انتهت الى ما اسمته الربيع العربي وهو في حقيقته فوضى عارمة تجتاح دول عربية كثيرة من ليبيا وتونس والصومال والسودان ومصر والعراق.
ومن المؤسف له حقاً ان الدول العربية وبخاصة دول الخليج العربي لعبت دوراً غريباً مع العراق حين قبلت ان يكون لها الدور الأكبر في تدميره رغم أنه درع واقي يحمي العرب من حدودهم الشرقية العربية ومن طموح ايران في التوسع وزيادة النفوذ وبهذا يكون العرب كمن ينتحر بأرادته أو يكسر أجنحته وعندما يحين موعد الطيران يتفاجأ بأنه بدون أجنحة وتلك مفارقة غريبة !
معروف ان العراق الذي خاض حرباً ضروس لثمان سنوات كان يدافع عن الحدود الشرقية للوطن العربي حسب الشعارت والخطط التي كانت معلنة في ذلك الوقت بدليل أن العرب وخاصة دول الخليج قد سخرت كل جهودها لدعم نظام صدام في مواجهة أيران لكنها سرعان ما انقلبت بالضد لتتحول الى دول معادية للعراق من خلال السماح لأنطلاق العدوان الأمريكي من أراضيها . وبعد انهيار صدام كان الأمل معقود في ان يشارك العرب في بناء عراق جديد لكنهم تصرفوا بشكل خاطي حين عملوا على التصرف بتمييز بين العراقيين وتركوا شيعة العراق ليتعاملوا معهم بشكل مختلف فالكثير من الدول العربية لم تسمح لهم بالدخول الى اراضيها ولم تمنح الكثير منهم تأشيرات دخول وهي بذلك تتصرف بطائفية جعلت الكثير من الشيعة يلجأون الى ايران لتكون ملاذ لهم وهي بذلك ترتكب خطأ ستراتيجي لأن الشيعة في العراق هم عرب وقد أستشهد الآلاف منهم أثناء الحرب الأيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي .
العرب وهم يتصرفون بهكذا تصرفات يكونوا قد جهزوا أنفسهم لأنتحار حقيقي وهم يكشفون ظهورهم دونما أحداً يدافع عنهم وذلك عمل لايمكن ان يمر عليهم بسلام بعد أن حولوا شرائح مهمة من الشعب العراقي من شعب شقيق الى شعب يحمل الحقد ضدهم …
وسيكتشف العرب أنهم كانوا يتصرفون بطرق غير صحيحة وبعد أن كان العراق في الواجهة ضد مخططات الأسنعمار تحول بفعل تواطؤ العرب الى بلد مخرب خالي من المؤسسات وخالي من النظام !!
[email protected]