23 ديسمبر، 2024 3:13 م

عندما تقع البلاد في براثن الجهل والاستعمار والفساد .. العراق ضحيّةً

عندما تقع البلاد في براثن الجهل والاستعمار والفساد .. العراق ضحيّةً

في خطابه الموسوم (المشاريع الشيطانية التي أعدّت للمنطقة الإسلامية والعربية) والذي صدر بتاريخ 5/5/2013 أستشرف سماحة المرجع اليعقوبي صورة طبق الاصل من الاحداث التي نشهدها اليوم على الساحة العراقية والتي شهدت منعطفا خطيرا بسقوط الموصل وعدد من المحافظات الاخرى بيد تنظيم داعش الارهابي في 10/6/2013 وما نتج بعد ذلك من مجازر وحشية ارتكبت بحق المدنيين والعسكريين العراقيين .

وبالعودة على خطاب المرجعية الرشيدة (المشاريع الشيطانية) فان المرجع اليعقوبي وفي معرض حديثه عما يمكن ان تنتجه سيطرة “الفئة الضالة” وما يمكن ان ترتكبه عند احكام قبضتها على الارض فأنه شخص وبوضوح حالة الفوضى والترهيب التي تمر بها اليوم المدن العراقية الواقعة في قبضة “داعش” الجهل والتخلف وحالة التحريض على العنف الطائفي التي حفلت بها تصرفات خوارج العصر الداعشيين ولخص سماحته تلك الرؤيا الاستباقية للاحداث في معرض حديثه عن الاساليب والوسائل الشيطانية التي كانت تطبخ في دهاليز غرف التخطيط الظلامية العالمية “ومن أقذر الوسائل وأخبثها وأخطرها إشعال الحرب الطائفية وإثارة الفتن بين المسلمين وتغذية التعصّب واستفزاز المشاعر والعواطف الدينية بالأفعال الدنيئة التي لا يقوم بها حتى أشد الوحوش ضراوة وبطشا”

 وفي ذلك الخطاب والرسالة التحذيرية للمرجع اليعقوبي وجه سماحته نداءً الى كل الاطراف الدينية والسياسية العليا في العراق لتتحرك بالتاثير على المنظمات الاسلامية والدولية والاتحاد الاوربي لتقوم بممارسة الضغوط تجاه الدول الراعية للجماعات الضالة الارهابية ماديا ولوجستيا والمتحكمة بها لوقف ذلك الدعم واجبارها على الالتزام بالمعايير والقيم الانسانية في قتالها .

كما دعا المرجع اليعقوبي الى فضح جرائم الارهابيين اعلاميا وايصال صور تلك الجرائم الى المجتمع الغربي لبيان حقيقة المنظمات الارهابية التي ترعاها وتدعمها حكوماتهم وتحذيرهم من انقلاب السحر على الساحر كما حدث في 11 ايلول عام 2001 في الولايات المتحدة من اعمال ارهابية استهدفت برجي التجارة العالمي في نيويورك .

وفي نهاية ذلك الخطاب وجه سماحة المرجع شعوب المنطقة وحكوماتها بآليات التعامل مع تلك المخططات بما يساهم في افشالها والتقليل من الآثار والمخاطر المترتبة على حصولها وكان ختام رسالته تحذيرا للشعوب وتشخيصا لسلوكيات عصابات الارهاب ومن يقف ورائها من لاعبين ولخص المرجع اليعقوبي نصيحته بقوله “على الشعوب أن تكون مستعدّة لكل الاحتمالات، لأنّ أغلب اللاعبين على الساحة ليسوا من العقلاء فيحتمل منهم كلّ سيء”.

اليوم وبعد ان حصل المحظور ووقع الفأس بالرأس كما يعبرون أثبتت الايام صدق ما حذر منه المرجع اليعقوبي من حدس استباقي للتطورات الخطيرة وتبين ان الجهات الدينية والسياسية العليا في العراق لم تلتفت اما تكبراً وتعنتاً واما لعدم الاهلية او جهلاً لتلك التحذيرات والتشخيص الدقيق لمجريات الاحداث ولم تعي الاليات التي دعا لها سماحة المرجع ووجه بالمباشرة الى العمل بها ومع ان المرجعية الرشيدة لم تكتفي بالتفرج ازاء الاحداث وعلى الرغم من انها كانت السباقة ايضا في وضع آليات الخروج من المأزق الذي حصل من خلال بيانها وخطابها الذي صدر بعد سقوط الموصل بيوم ووضعت خلاله للمتصدين الدينين والسياسيين حلولا آنية لايقاف التدهور وحلولا استراتيجية لتجاوز الأزمة بل وتحويل تلك الاحداث الضارة الى تطورات نافعة وبناءة تمهد لفتح صفحة جديدة من عملية بناء الدولة العراقية الا ان الاهمال والاقصاء للخطاب اليعقوبي الايجابي والبناء كان معد له مسبقا من قبل دهاقنة الدين من الاحبار والرهبان ومن دهاقنة السياسية المتاجرين بدماء العراقيين والناهبين لخيراته والمتلاعبين بمقدراته.

وفي كلمة لسماحة المرجع اليعقوبي مع مدرسة اشبال المنتظر القرآنية بتاريخ (24/9/2014) وعنونها سماحته (بالمعارف القرآنية نواجه المخططات الشيطانية) استغرب من التخبط والتيه الذي أوصل المتصدين فيه البلاد والعباد الى طريق مظلم وحملهم مسؤوليتها نتيجة الممارسات الكارثية التي حفلت بها سياساتهم المبنية على الصراعات السياسية المحمومة والتي جاءت لتكمل مسيرة حكم البعث الاجرامية على صعيد تدمير المؤسسات وتجهيل الناس مع استمرار التراجع والتردي في القيم والمنظومة الاخلاقية واستمرار نزيف انهار الدم العراقي .

واشار المرجع اليعقوبي الى انه حذر من المشاريع الشيطانية التي تستهدف العراق والمنطقة ووضع الحلول الكفيلة بتجاوزها الى ان أحد من المتصدين لم يستمع للخطاب والرسالة ولم يتم التعامل بجدية مع فحواها نتيجة الى قصور المتصدين عن التفكير بعمق ووعي مع الاحداث والاكتفاء بردود الانفعالية والتمسك بالقشور عند دراسة مجرياتها وهذا التشخيص المرجعي يبين ان بوصلة تعامل السياسيين مع تطورات الوضع بقيت في خانة المعالجة العسكرية ولم تتسع لتعالج الموضوعات الشائكة التي كانت ولا تزال الشرارة التي يوقدها الانتهازيين والظلاميين لاشعال فتيل الحروب والنزاعات المستمرة على الساحة العراقية .

اما على الصعيد العسكري فبين المرجع اليعقوبي اسباب الاخفاقات والمجازر التي يتعرض لها افراد قواتنا الامنية الى (خيانة وفساد) القيادات العسكرية واعتبر ان ذلك يمثل (احتلالاً حقيقياً) ودافع سماحته عن الاتهامات التي توجه لافراد الجيش العراقي وتتهمه بالانهزامية والاستسلام للعدو وفي توضيح لحقيقة ما تعانيه المؤسسة العسكرية  من خلل قال سماحته ” ان ابناء الجيش العراقي ليس لهم ذنب وجاءوا للتضحية وتأدية الواجب الا انهم وقعوا تحت امرة قيادات خانة ومتآمرة وهذا هو الاحتلال الحقيقي حيث تدمر القيم والمبادئ” ، واشار المرجع اليعقوبي كذلك الى سياسة الهروب من المشاكل والاحداث لا تكون بمعالجة تلك المشاكل وانما بتعميق تلك المشاكل من خلال افتعال واستحداث مشاكل اكبر واشد قسوة لنسيان المشكلة السابقة وضرب مثالا قريبا على ذلك (جريمة سبايكر) وضحاياها الالفين او الثلاثة الاف من الجنود ومعرفة المسؤولين عن تلك المجزرة والظروف التي وقعت بها وبينما كانت الصيحات تتعالى للكشف عن تفاصيل احداثها تأتي جريمة (الصقلاوية والسجر) التي يذهب ضحيتها المئات من الجنود والضباط ايضا .

اما اسباب استمرار التردي في الاوضاع  فلخصها المرجع اليعقوبي بقوله “ان المشاكل التي يمر بها العراق بحاجة الى حلول متعددة ولا تقتصر على الحل العسكري فقط وينبغي معرفة اصل هذه الازمة ومعالجته علاجا جذريا بدلا من القفز على هذه المشاكل والهروب منها الى الامام دون القضاء عليها بشكل نهائي” ، ويبدوا ان تلك الحلول لن ترى النور في ظل الفوضى العارمة المختلقة والصراع السياسي المستمر والذي يشهد بين الحين والأخر تنازلات من هذا الطرف او ذاك على حساب ارواح العراقيين واستمرار في تقاسم نهب ثرواتهم من اللاعبين الصغار ومن يقف خلفهم من اللاعبين الكبار من خارج الحدود ، ولذلك فأن توقع ظروفا اسوء مما يمر به العراق احتمالا واردا جدا ومنطقي في ضوء عدم الانصات لخطابات المرجعية الرشيدة المتضمنة تشخيصا وعلاجا للازمات المتناوبة والمستمرة وفي ظل عجز الجهات العليا المتصدية دينيا وسياسيا عن ايجاد الحلول للازمات والاكتفاء بالمواقف الترقيعية والتي هي في الاعم الاغلب لا تتسم بالجدية والمنطقية وانما تخضع لنقاط التفتيش لمصالح السياسيين وتحرص على مراعاة مشاعر اللاعبين الثانويين والرئيسيين الصغار والكبار وبالتالي الاتجاه والمسير في نفق اكثر ظلامية وفوضوية ودموية وهو ما نسال الله تعالى ان يجنب العراق وشعبه شروره ومرارته .