18 ديسمبر، 2024 7:46 م

عندما تصبح الديمقراطية لعبة بيد المتخلفين والفاسدين

عندما تصبح الديمقراطية لعبة بيد المتخلفين والفاسدين

الديمقراطية لعبة !! هكذا تسمى ..
هي ليست نظام ادارة للدولة ، بل هي آلية أختيار الادارة من قبل المجتمع .
الطيف السياسي الذي يتنافس على الوصول الى السلطة باسلوب ديمقراطي ، في بلد معيّن، قد يشتمل على الليبراليين وعلى الاشتراكيين بمختلف درجاتهم وعلى انصار البيئة وعلى قوى اليمين القومي المتطرف واليسار الخ…
من يقرر مَن مِن هذه الاحزاب والحركات سوف يفوز في الانتخابات؟
انهم افراد المجتمع الذين يحق لهم التصويت والذين يُفتَرَض توفر الوعي والادراك لديهم لتقرير ماذا يريدون .
شكل الادارة ( ماعدا الثوابت التي يُقرها الدستور) يحدده الفائزون بالانتخابات .
فالحزب الاشتراكي ،ادارته وسياساته تختلف عن تلك التي يتبناها حزب قومي يميني عنصري..
حزب ذو ميول دينية يتبنى سياسات تختلف عن تلك التي يتبناها حزب علماني..
من منها أصلَح لحكم البلاد ، هذا مايقرره الناس من خلال الاصوات.
ولكن ماذا لو كان الناس الذين يحق لهم التصويت جهَلَةٌ أو جياع أو كليهما وهنا الطامّة الكبرى؟
حدّثني صديق من بلد اسيوي كبير ،وهو استاذ محترم ، قال انه في بعض مناطق البلد الفقيرة يشتري المرشّحون اصوات الناخبين بسندويتش !!
وانه تصادف في أحدى السنوات ان احد رجال العصابات حصل على عضوية البرلمان بالمال ( شراء الاصوات) ، وبذلك حصل على الحصانة من الملاحقة القانونية ضد جرائمه !!
في الهند ، مثلاً، يجري استغلال الديمقراطية احياناً بشكل يخدم المصالح الحزبية الضيقة . فمثلاً عندما ذهبت شخصياً لزيارة منطقة القصر الرئاسي عام ١٩٩٦، وجدت ان سياجه الجنوبي مُختَرق من قبل الباعة الذين كسروا اجزاء منه لاقامة محلاتهم الصغيرة التي لايزيد عمقها عن مترين داخل حديقة القصر واتخذوها محلات للبيع وكذلك سكناً لعوائلهم..كان ذلك اختراقاً أمنياً خطيراً ، لذلك جاءت الشرطة لأخلائهم بالقوة ، ولكن الحزب المعارض نظّم مظاهرة حاشدة لدعم “هؤلاء الفقراء الذين عجزت الحكومة عن توفير العيش اللائق لهم”!!! مع ان الحقيقة ليست كذلك وكانت المظاهرة ذات نوايا غير نزيهة ..
قررت الحكومة تركهم كي لاتَسقُط !!
الاقتصادي الكبير امارتيا سين الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد ، لديه كتاب مهم عنوانه : التنمية حرية ..
يحاول فيه الاجابة على سؤال محيّر طالما شغل الكثيرين ، وهو : من يأتي أولاً التنمية ام الحرية ؟
انه يرى انه بدون حرية وبدون نظام ديمقراطي حقيقي ، لن تأتي التنمية ابداً..
المشكلة في نظري هي استحالة قيام ديمقراطية حقيقية مع وجود مجتمع معظمه جاهل ومغسول الدماغ ولايدري مايريد !!
حجج امارتيا سين مقنعة وقوية ، ولكن ماذا عن الجهل ؟
هل يمكن البدء بديمقراطية النخبة المتعلمة ومنع الجهلة والأميين من المشاركة ؟ومن يستطيع فرض هذا النمط من الديمقراطية ؟
المهيمنون على المشهد يستفيدون من مشاركة الجهلة والأميين !!