23 ديسمبر، 2024 5:06 ص

عندما تتصالح الملفات…

عندما تتصالح الملفات…

في الأحياء الشعبية ـــ كمدينة الشاكرية سابقاً ـــ يخزن فقرائها فضلاتهم في حفر داخل الأزقة يطلقون عليها (البالوعات) وعندما تمتليء ولم تعد تتسع لفائضها تفرزه خارج سطحها فيمتليء الزقاق بأشيائها وروائحها الكرية, ما فجره السيد وزير الدفاع خالد العبيدي هو فقط ما فاض عن (بالوعة) فساد السلطة التشريعية.
اعترافات وزير الدفاع عكرت مستنقع فضائح مجلس النواب واوقعت اغلب اعضائه في فوضى اصطياد بعضهم وكاد الحق العام ان يثأر من ثلاثة عشر عاماً للفساد لولا سرعة المصالحة بين الملفات, المواطن العراقي المجروح في صميمه فاقد التفاؤل ورغبة الشماتة يضحك من نفسه اكثر مما تضحكه مشاهد الفضائح ويلعن زلته كلما تذكر ان فصول المهزلة كتبت بحبر اصواته.
رؤساء كتل الفساد الرئيسية الشيعية السنية والكردية ضاجعوا العملية السياسية في ليلة توافقية فأنجبت سلطة قضائية وبما ان الوليد على سر ابيه فكيف سيكون اذا كان على سر ثلاثة لصوص, اذن لماذا نستغرب اعفاء الأرهابي الفاسد سليم الجبوري خلال ساعة واحدة من قبل قضاء لا يستطيع انجاز قضايا المتهمين بجرائم ارهاب وفساد من الوزن الثقيل خلال اعوام بأنتظار تهريبهم او المساومة عليهم في عفو عام, أي هوية فساد يحمل وليد مركب الفساد رئيس القضاء مدحت المحمود؟؟؟.كمن يحلب نملة يتحدث البعض عن عملية سياسية وديمقراطية فتية وعراق جديد احياناً ثم ينشر غسيل الفساد والأرهاب على حبل “البعث الصدامي” الذي هزمت (700) من دواعشه اكثر من خمسة فرق عسكرية واحتلت ثلث العراق تقريباً بدون سفك دماء سوى الآلاف من ضحايا القتل والسبي والتدمير, بعدها ومن اجل المعركة اعلنت الهدنة مع الفساد وقمع كل من يتظاهر بمسائلة الفاسدين وتصالحت الملفات مع الملفات بعد فضيحة رئيس مجلس النواب الأرهابي سليم الجبوري واخذت سلطة القضاء دورها في رفع التهم عنه لعدم (توفر الأدلة الكافية!!!) واعادته الى رئآسة المجلس وفضيحة فساده مرفوعة الرأس.
الجميع ومن اجل المعركة يتوضؤون في الدم العراقي, يتصالحون ويتوافقون ويتحاصصون من خلف ظهر شهداء الحشد الشعبي وحشد العشائر والشرفاء من القوات الأمنية ومن داخل خيمة الأختراقات الأقليمية الدولية ينبطح رؤساء الكتل على وجوههم ليولد مجهولهم سلطة قضائية رئيسها مدحت المحمود المهجن بفساد ثلاثي الفساد يتصدر لعبة تحاصر شعباً مغلوب, انه سليل مثلث اربيل الموصل وبغداد داخل محمية خضراء فساد العملية السياسية يصالح الملفات مع الملفات ويُترك الوطن بحيرة معاناة يغرق فيها العراقيون.مع ان الوطن لا زال يعاني نقطة ضعفه في مواجهات قاسية مع دولته ورؤساء احزاب ايمانها لا عقل له وكياناتها لا روح فيها ولا رحمة ترفع رايات تنتحل فيها اسماء الله لتعاقب عباده, الوطن المحاصر لازال يحاصرهم بشعبه وحشده وجبهة اصلاحه ويحاصرهم بالحق والتاريخ والمنطق ومن عتمة النكبة سيشرق العراق ليضع الفاسد المناسب في الحفرة المناسبة.
حاضر ومستقبل العراق يقفا الآن على ثلاثة ركائز وطنية, حركة جماهيرية واعية لأهدافها ومطاليبها المشروعة وحشد شعبي يستمد نسيج هويته من القيم التاريخية والحضارية لمجتمعه وجبهة اصلاح راسخة الجذور في عمق الهوية, هنا على المخلصين من مثقفي وسياسيي الوطن ان يثقوا في العراق ويبدأوا من نقطة الوعي على جميع اصعدته وساحات مواجهاته ولا مقدس يجمعهم غير المصالح العليا للشعب والوطن ويتجنبوا الوهم في ان الفرج سيأتي من تحت ذيول اطراف حكومة تخمر الفساد فيها وتصالحت ملفاته.الحالمون من خارج التاريخ, يستطيعون استغفال انفسهم عندما يعتقدون انهم امتلكوا السلطة والوطن, هكذا قالها نوري السعيد قبلهم “دار السيد مأمونة” وقالها صدام حسين “ان العراق سيحكمة ابن حلى” وسذج رؤساء احزاب الأسلام السياسي قالوها بطريقة مضحكة “اخذناها وما ننطيها” السماحات وكوجبة سريعة استهلكوا مرحلتهم وستؤخذ منهم في مفاجئآت غير محسوبة والقضية التي اثارها وزير الدفاع ما هي الا اول الغيث.ان تواصل ونضح التجربة للحراك الشعبي وعملية سلخ قوات الحشد الشعبي عن تبعيتها لأحزاب الأسلام السياسي في طريقها للأنجاز الى جانب انبثاق جبهة الأصلاح من داخل السلطة التشريعية قوة مؤثرة في وجهة المتغيرات, كل هذا وكثير غيره ما هي الا الثمرة القادمة التي سيجنيها العراق.