عندما نتحدث عن ” بيع الرمادي” فاننا لا ننطلق من فراغ لأن الانسحاب كان أشبه بقضية ” استلام و تسليم” حسب تقديرات ” ضباط الدمج” ، الذين لم يتفقهوا بالعقيدة العسكرية على درجة من المهنية المكتسبة ، فلا العدو كان يشكل تهديدا خطيرا و لا الظروف الجوية تسمح بعملية واسعة، ما يعني أن أمرا قد دُبر بليل ضد مصلحة العراق و آهله على قاعدة الكسب غير المشروع المعمول بها على مختلف المستويات، ما يتطلب جراءة في اتخاذ القرار للحفاظ على المتبقي من سمعة المؤسسة العسكرية و معنويات المقاتلين، الذين وجدوا أنفسهم بلا قيادة في غفلة من الزمن ، ما تسبب بردود أفعال نفسية يصعب أحتوائها، مثملا تؤسس لانعدام ثقة بينهم و القيادة في ادارة المعارك وحسن الأداء التعبوي.
ويتفق الجميع على خطورة الانسحاب غير الدفاعي في الرمادي و يؤشرون خطا بيانيا واضحا في الخيانة على اعتبار أن ما جرى خارج اعادة تعريف خطوط الدفاع الكبرى عن المدن و حماية طرق التمويل و افقاد العدو عنصر المبادرة، ما يتطلب جرأة في التشخيص و القرار لأن القضية تتعلق بسمعة مؤسسة تاريخة لا علاقة لها بالتوافقات السياسة و سيناريو” غطيني و أغطيك” الذي كسر ظهر العراق.
أن أيّ انتكاسة في منطقة قريبة من بغداد على مستوى السوق العسكري تنعكس كارثيا على معنويات المرابطين في العاصمة، لذلك لا يجوز مجاملة الطرف المتورط بالنكبة مهما كانت عائديته السياسية أو علاقاته الاقليمية خاصة مع تسريبات عن تورط اقليمي عراقي في الانتكاسة مقابل ملايين عدا و نقدا، لاعلاقة لها بالخوف على معنويات المقاتلين و سمعة الجيش العراقي، الذي أصابه خيار ” الدمج ” بمقتل تتزايد خطورته يوما بعد آخر، مع صعوبة استعادة السيطرة على الموقف في الميدان بعيدا عن التضليل الاعلامي..
ولا يستعبد المختصون في قيادة المعارك منح مسلحي داعش ورقة كبيرة في المناورة و مباغتت القوات في معركة بديلة بجوار بغداد بعد كسب التنظيم معدات و معلومات عن امكانيات القوات العراقية، و الأخطر من ذلك وقوف التزكيات السياسية حجر عثرة أمام اي تحقيق محايد لمعرفة الخلل رغم أن معلومات تتحدث عن هوية قائد معروف هدد أقرانه و أجبرهم على الانسحاب.
ويقول مراقبون ان بغداد باتت في مرمى النيران وأن أي هجوم لداعش لا يمكن استبعاده سيما و ان خطط اعادة الانتشار لا تتفق مع المعطيات على الأرض، مؤكدين أن 150 من عناصر داعش قد نفذوا الهجوم مقابل الاف الجنود ومئات الآليات، لكن الانسحاب المفاجي قلب المعادلة رأسا على عقب، ما يثير تساؤلات عن علاقة التنظيم بجهة أقليمة أو دولية و أمتثال الضابط الكبير لأوامر خارج سياقات الدولة العراقية، ما يتطلب من العبادي موقف جريئا في المحاسبة العسكرية و فضح المخطط لكي لا يكون شاهد زور على هيبة المؤسسة العسكرية العراقية.