17 نوفمبر، 2024 3:50 م
Search
Close this search box.

عندما اغتالوا القرآن الناطق في المحراب أضاعوا السبيل

عندما اغتالوا القرآن الناطق في المحراب أضاعوا السبيل

{أَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}- سورة الأنعام: 153.. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “ياعلي أنت حجة الله، وأنت باب الله، وأنت الطريق الى الله وأنت النبأ العظيم، وأنت الصراط المستقيم، وأنت المثل الأعلى، وأنت إمام المسلمين، وأمير المؤمنين، وخير الوصيين، وسيد الصديقين.. أنت الفاروق الأعظم، وأنت الصديق الأكبر، وإن حزبك حزبي وحزبي حزب الله، وإن حزب أعدائك حزب الشيطان” – ينابيع المودة لذوي القربى – القندوزي الباب 95: ص و496 وفي ج ٣ – ص ٤٠٢، عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق – ج ١ – الصفحة ٩وج2 ص6 ب30 ح13، الإمام علي بن أبي طالب – أحمد الرحماني الهمداني – ص ٤٦، والفضائل لابن شاذان: ٦، والأمالي للطوسي: ١١٨ / ١٨٥.

لم تعرف الإنسانية في تاريخها رجلاً بعد الرسول الأعظم (ص) أفضل من الامام علي بن ابي طالب (ع) ولم يسجّل لأحد من الخلق من الفضائل والمناقب والسوابق، ما سجّل لأمير المؤمنين علي (ع)، وكيف تحصى مناقب رجل كانت ضربته لعمرو بن عبد ود العامري يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين، وكيف تعد فضائل رجل أسرّ اولياؤه مناقبه خوفا، وكتمها أعداؤه حقداً، ومع ذلك شاع منها ما ملأ الخافقين، وهو الذي لو أجتمع الناس على حبه – كما يقول الرسول الأكرم (ص) لما خلق الله (عزوجل) النار. والحديث عن أمير المؤمنين الأمام علي (ع) طويل، لا تسعه المجلدات، ولا تحصيه الأرقام، حتى قال ابن عباس “لو أنّ الشجرَ اقلامٌ، والبحرَ مدادٌ، والإنس والجن كتّاب وحسّاب، ما أحصوا فضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام” فكيف بمقالنا الصغير هذا يمكنه اعصاء حتى الجزء اليسير جداً منها.

قال النبي الاكرم (ص): عنوان صحيفة المؤمن : حب عليّ (ع) – المناقب لابن المغازلي 243، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي4/410 ، والجامع للسيوطي 2/145، وينابيع المودة؛ وقوله (ص): :علي بن أبي طالب باب الدين، من دخل فيه كان مؤمنا، ومن خرج منه كان كافرا”- ينابيع المودة ج 2 ص 61؛ وقوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه المنتجبين ايضاً: “يا علي! لو أن عبدا عبد الله عزو جل مثل ما قام نوح في قومه، وكان له مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله، ومد في عمره حتى حج ألف عام على قدميه ثم قتل بين الصفا والمروة مظلوما ولم يوالك لم يشم رائحة الجنة ولم يدخلها” – المناقب للعلامة الخوارزمي.

منذ بزغ شمس الإسلام على البشرية ببعثة الحبيب المصطفى خاتم الأنبياء (ص) برسالة السماء للمحبة والمودة، والصراط المستقيم، والعدالة والمساواة، ونفي الظلم والطغيان والعبودية لغير الله سبحانه وتعالى و.. كان الامام عليّ عليه السلام قرين الحقّ، بل صار هو الحقّ، والميزان الذي يعرف به الناس.. وقول رسول الله صلّى الله عليه وآله لازال يصدح في المعمورة حتى قيام الساعة “عليٌّ مع الحقّ، والحقّ مع عليّ” – تاريخ بغداد، للخطيب البغداديّ 321:14، ومجمع الزوائد للهيثميّ 235:7و.. غيرهما.

عشرات الآيات الكريمة نزلت في حق الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام بإجماع العامة قبل الخاصة، منها قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (*) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}- سورة المائدة: 55و56، كما جاء في تفاسير الخازن، والبحر المديد، والدر المنثور3/404، والمحرر الوجيز لابن عطية المحاربي، وبحر العلوم للسمرقندي، وابن أبي حاتم، وأبن كثير، وأبي السعود، والألوسي، والبغوي؛ وفي التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزى، وأخرج ابن جرير عن السدي وعتبة بن حكيم مثله، وفي تفاسير الكشاف للزمخشري و…

أمة الجهل والحقد والكراهية والتكفير والنفاق والتزييف وعبدة الأوثان وعقول الجاهلية المقيتة لم ولن تتحمل كل هذا الثناء والإطراء والمديح الحق والبين من قبل الله سبحانه وتعالى وخاتم المرسلين (ص) لعلي بن أبي طالب ابداً، أولئك الذين يطالبوه بثأرهم لتحطيمه أصنامهم وهو يقف على كتف الرسول الأمي يوم فتح مكة، وكذا لقتلاهم في بدر وأحد والخندق والأحزاب وخيبر والنهروان والجمل و… حتى أطلقوا عليه “قاتل صناديد العرب” تأكيداً لقول خاتم المرسلين (ص): “ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين: مال خديجة وسيف عليّ بن أبي طالب عليهما السلام” – شجرة طوبى للمازندراني ج2 ص20، وشجرة طوبى: 2 / 233، وتنقيح المقال: 3 / 77، وأمالي الطوسي: 463، وحلية الأبرار: 1 / 147، والصحيح من السيرة: 4 / 13.

عهده أبن عمه الصادق الأمين محمد بن عبد الله (ص) بعد أن أخبره بذلك جبرائيل عليه السلام بقوله: “إنّ الأُمّة ستغدر بك من بعدي، وأنت تعيش على ملّتي، تُقتَل على سُنّتي،.. وإنّ هذا سيُخضَب من هذا” – كنز العمّال، للمتّقي الهندي 617:11، والمستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوريّ ج ٣ – ص ١٤٢، ومستدرك الحاكم – كتاب معرفة الصحابة (ر) – ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (ع) – حديث رقم 4676 ورقم 4686، و ابن كثير – البداية والنهاية – سنة أربعين من الهجرة النبوية الجزء 11- ص 10/11، والبيهقي في (دلائل النبوة) (6/44)، والخطيب في (تاريخ بغداد) (11/ 216) عن أبي إدريس الأودي- أوالأزدي، وإسناد البيهقي الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية) (7/ 325)، وقال البخاري: في حديثه هذا نظر-كما في (الميزان) و(البداية والنهاية).

أيام معدودات قبل أن يلتحق الرسول الأكرم (ص) بالرفيق الأعلى شهيداً بمؤامرة اليهود الماكرين، وأبناء الطلقاء الحاقدين المارقين القاسطين الناكثين للعهود وهم مجتمعين في سقيفة بني ساعدة للتآمر على الأمة والعمل على عودتها للجاهلية الأولى “أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ..”- آل عمران: 144، والتخطيط للانتقام منها قائم على قدم وساق حتى يومنا لتبعيتها رسالة السماء السمحاء، حيث إراقة الدماء البريئة وشق الصف والتقتيل والتنكيل والأسر والدمار وأنهار الدماء والمساعي الحثيثة لعودة الناس الى القبلية الجاهلية الأولى؛ كان قد أخبر نبي الرحمة وصيه دون فصل وأبن عمه ونفسه الطاهرة علي بن أبي طالب ماسيجري عليه من بعده بقوله “يا علي كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس تدعو فلا تجاب وتنصح عن الدين فلا تعان، وقد مال أصحابك، وشنف لك نصحاؤك، وكان الذي معك أشد عليك من عدوك، إذا استنهضتهم صدوا معرضين، وإن استحثثتهم أدبروا نافرين،يتمنون فقدك لما يرون من قيامك بأمر الله عزوجل، وصرفك إياهم عن الدنيا…” من كتاب فزت ورب الكعبة.

وقوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الميامين في جمع من أصحابه: “أما علي بن أبي طالب (ع) فإنه أخي وشقيقي، وصاحب الأمر بعدي وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة، وصاحب حوضي وشفاعتي، وهو مولى كلّ مسلم وإمام كلّ مؤمن، وقائد كلّ تقي، وهو وصيي وخليفتي على أهلي وأمتي في حياتي وبعد موتي، محبّه محبي، ومبغضه مبغضي، وبولايته صارت أمتي مرحومةً، وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونةً.؛ وإني بكيت حين أقبل، لأني ذكرت غدر الأمة به بعدي، حتى أنه ليُزال عن مقعدي وقد جعله الله له بعدي، ثم لا يزال الأمر به حتى يضرب على قرنه ضربةً تخضب منها لحيته في أفضل الشهور {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} سورة البقرة:185- أمالي الطوسي 1/122وص الصفحة ١٧٥، والخصائص الفاطمية – الشيخ محمد باقر الكجوري – ج ٢ – الصفحة ٤٣٩، و

قبل سنوات من ذلك كان رسول الرحمة (ص) قد وقف في حشود يَخطبهم قُبيل حلول شهر رمضان المبارك، مذكِّراً بفضائل هذا الشهر الكريم: “أيّها الناس؛ إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة…، حتّى إذا بلغ مقاماً قام أمير المؤمنين عليه السّلام يسأله: يا رسول الله، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فيجيبه (ص): يا أبا الحسن؛ أفضل الأعمال في هذا الشهر الورعُ عن محارم الله.. وهنا يبكي رسول الله صلّى الله عليه وآله بكاءً شديداً، فيسأله الامام عليّ عليه السّلام: يا رسول الله ما يبكيك ؟ فيجيبه: «يا عليّ، أبكي لما يُستحلّ منك في هذا الشهر، كأنّي بك وأنت تريد أن تصلّي، وقد انبعث أشقى الأوّلين والأخِرين شقيق عاقر ناقةِ صالح، يضربك ضربة على رأسك فيخضب بها لحيتك” ـ ينابيع المودة، للشيخ سليمان القندوزيّ الحنفيّ 53 ـ الباب 7.

وقال رسول الله (ص): “لتنقضنّ عرى الإسلام عروةً عروةً، كلما نقضت عروة تشبّث الناس بالتي تليها، فأولهن نقض الحكم وآخرهن الصلاة- المصدر: أمالي الطوسي 1/189 و”يا علي !.. إنه ما اختلفت أمة بعد نبيّها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها ، وإن الله قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة” – كتاب سليم ص 72 قال الامام الشعبي عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار أبو عمرو الهمداني الشعبي : “ما ندري ما نصنع بعلي بن أبي طالب ان أحببناه افتقرنا وإن ابغضناه كفرنا.

وقال النظام: “علي بن أبي طالب محنة على المتكلم، إن وفي حقه غلا، وإن بخسه حقه أساء، والمنزلة الوسطى دقيقة الوزن، حادة الشاف (10)، صعب الترقي” – مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب – ج ٣ ، ص ١٦؛ وقال الفراهيدي: احتياج الكل إليه (علي بن أبي طالب) في الكل واستغناؤه عن الكل، فيما قال الواقدي: علي (ع) كان من معجزات النبي (ص) كالعصا لموسى وإحياء الموتى لعيسى بن مريم، أما ابن سينا فقال: إذا رأيت الناس مقربين إلى خالقهم بأنواع البر فترى علي «ع» يتقرب إلى الله بأنواع العقل – المناقب للخوارزمي .

الحقد والكراهية والبغض والعداء الدفين لآل الرسول (ص) دفع بأبناء وموالي هند آكلة الأكباد للتآمر على قتل سيد الأوصياء، فاغتاله أشق الأشقياء أبن ملجم المرادي لعنة الله عليه وهو قائم يصلي صلاة الفجر في محراب الصلاة بمسجد الكوفة وذلك صباح يوم الـ19 من رمضان المبارك وفارقت روحه الطاهرة الحياة بعد يومين أي في صبيحة يوم الجمعة 21 رمضان (40 هـ/ 27 يناير 661 م) كما ولد في جوف الكعبة من فجر الجمعة 13 رجب (23 ق هـ/17 مارس 599م).. وكسر أصناما لدى فتح مكة فأورث حقدًا كل من عبد الوثن فأبدت له عليًا قريشٌ عداوة فأصبح بعد المصطفى الطهر في محن يعادونه أن أخفت الكفرَ سيفُه وأضحى به الدين الحنيفي قد علن

أنهم تعمدوا اغتيال القرآن الناطق في محراب الصلاة لينقلبوا على أعقابهم، رغم وقوفهم على قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:”من أبغض عليا فقد أبغضني ومن فارق عليا فقد فارقني ان عليا مني وأنا منه خلق من طينتي وأنا خلقت من طينة ابراهيم وأنا أفضل من إبراهيم”- راجع ابن حجر في ص ١٠٣ من صواعقه، وص ٢٩٨ ج ٦ من كنز العمال، وص ١٨٥ من المراجعات، وراجع ص ١٣٤ ج ٣ من المستدرك، والذهبي والنسائي في الخصائص العلوية ص ٦، والإمام أحمد في مسنده ص ٣٣١ والحديث ٦٠٤٨ ص ٣٩٦ ج ٦ والحديث ٢٥٧٥ ص ١٥٥ ج ٦ وص ٣٩٧ ج ٦ من الكنز، وص ١٨٧ من المراجعات، وأبن ماجه ص ١٩٢ من سننه، والترمذي والنسائي في صحيحهما، وراجع الحديث ٢٥٣١ من الكنز ص ١٥٣ ج ٦، وص ١٦٤ ج ٢ وكذلك ص ١٥١ ج ١ من المسند.
[email protected]

أحدث المقالات