18 ديسمبر، 2024 8:18 م

عمليات التخريب النفسي Psychological sabotage

عمليات التخريب النفسي Psychological sabotage

تُعَدّ عمليات التخريب النفسي، السلاح الرئيسي في الأساليب النفسية المعادية، الذي يستهدف، أساساً، التأثير في اتجاهات الأهداف وسلوكياتها، لخلق اتجاه عام لديها، ودفعها إلى القيام بالاضطرابات، ونشر الذعر والفوضى أو التقاعس، وسلبية الأداء. وعادة ما تقوم أجهزة الاستخبارات في الدولة بتخطيط هذه العمليات وإدارتها، وعادة ما تشمل:
(1) أساليب الضغط النفسيPsychological pressure methods تستغل حملات التخريب النفسي لتوجيه الصدمات المفاجئة، واللعب بالعواطف والانفعالات، مع التوسع في استخدام الآراء الزائفة، مستنده في ذلك على فلسفة اللاعقلانية، التي تعتمد على أن سلوك الأفراد، غالباً، ما تحكمها دوافع غير واعية، مثل الغرائز الوراثية، والعواطف والانفعالات، والمؤثرات الخارجية، (عقائدية ـ دينية). أي أنها تسعى إلى الأفراد وتستغل في هذه الأساليب شائعات الخوف والحقد على نطاق واسع.
(2)أساليب التخويف والردع Intimidation and deterrence methods
وتشمل كافة المجالات، الاقتصادية ـ السياسية ـ العسكرية. وتهدف إلى إجبار الدولة، أو المجموعات المستهدفة، إتباع سلوك معين، يخدم، هدف أو أهداف، الدولة المخططة. وأبرز الأمثلة على ذلك، في المجال الاقتصادي، الحملات التي تهدف إلى التخويف من تأثير نظام اقتصادي معين (رأسمالي ـ اشتراكي ـ تكتلات اقتصادية … إلخ)، على المجتمع، أو إحداث اضطرابات في النظام المالي للدولة الهدف، وذلك بتزييف العملة وتهريبها ـ عمليات غسيل للأموال.
أمّا في المجال العسكري، فتلجأ الحملات المعادية إلى الردع والتخويف بالقوة الهائلة والمزعومة للدولة، أو امتلاكها أحد وسائل الردع، المتمثل في الأسلحة فوق التقليدية. وأبرز الأمثلة على ذلك، أساليب الردع المباشر والغير مباشر، التي تشنها إسرائيل، حالياً، ضد الدول العربية بقدرتها وامتلاكها لسلاح نووي، يمكنها استخدامه طبقاً للمواقف. وتلعب الشائعات، بأنواعها، دوراً رئيسياً في نجاح هذا الأسلوب، إلى جانب إصدار الصور والوثائق المزيفة. كذلك الحملات المعادية والمرصودة، حالياً، بين الهند والباكستان، وهي تأخذ شكل الردع المباشر.
(3) الشائعات
وتُعَدّ الشائعات بأنواعها، من أبرز أساليب ووسائل وطرق العنف وأكثرها استخداماً وتأثيراً على الهدف المخاطب، بما لها من خصائص وقدرات على افتقاد الهدف/ الأهداف المخاطبة ثقتها، في قيادتها وسلاحها وقوتها، وكذلك ثقتها في النصر. ونشير هنا، إلى أن مثل هذا المستوى من الشائعات، يتم له التخطيط والصياغة واختيار وسائل النشر، بوساطة أجهزة العمليات النفسية، ومن خلال الحملات النفسية التي تهدف إلى تدمير/القضاء على الروح المعنوية، وإرادة القتال بين أفراد القوات المسلحة
(4) افتعال الأزمات Fabricating crises
ويتأتي هذا بالتخطيط والتنفيذ لبعـض الأحداث/عمليات التخريب المادي، التي تؤدي، في النهاية، إلى ظهور أزمة (سياسية ـ اقتصادية ـ اجتماعية … إلخ)، لخلق حالة من التوتر والقلق، تؤدي إلى الخوف، ومن ثم، الرضوخ لمطالب المخطط. ويتم ذلك من خلال الوقيعة واصطناع الأخبار المزيفة، وكذلك التحريض على أعمال التخريب، أو تنفيذ أعمال التخريب المتعمد، مثل قيام الإذاعة العراقية الموجهة، ” المدينة المنورة “، بالتحريض المباشر للعناصر المناوئة، في المملكة العربية السعودية، بإشعال الحرائق، ونسف محطات الوقود، والأهداف المهمة بها. كذلك افتعاله لأزمة التلوث البيئي، بضخ النفط في مياه الخليج، وإشعال آبار البترول في الكويت.
(5) أسلوب التقارب (الصداقة ـ الحب) Convergence style
ويُستخدم هذا الأسلوب، لمحاولة التقارب مع كافة جماعات وأفراد القوات المسلحة (خاصة في أسرى الحرب)، للدولة المستهدفة، بما يحقق إمكانية تحييد هؤلاء الأفراد (الأهداف)، وفتح قنوات اتصال معها، وضمان استمرارهم في استقبال الحملات النفسية، ومن ثم، تعديل سلوكهم وتغييره، بما يحقق هدف المخطط.
(6) أسلوب التشكيك وعدم الثقة Skepticism and mistrust style
ويهدف هذا الأسلوب، إلى بث الشك وعدم ثقة الأفراد والجماعات داخل الدولة الهدف، في قدرة القيادة السياسية والعسكرية وكفاءتهما، في تحقيق الأهداف والغايات القومية للدولة. كذلك بث عدم الثقة بين الضباط والجنود، في أسلحتهم ومعداتهم العسكرية، قبل، وأثناء، وبعد، الصراع المسلح. وهنا يبرز دور كل من الشائعات والسخرية والفكاهة والنكتة والرسوم الكاريكاتورية، كوسائل رئيسية في تنفيذ هذا الأسلوب.
(7) أسلوب التهكم ـ الاستهزاء ـ السخريةmethod of Cynicism – mocking – irony
ويهدف إلى النيل من بعض الفئات، أو الشخصيات، (سياسية ـ عسكرية ـ اقتصادية)، لتحطيم كبريائها وتحقيرها وتجريحها. وهنا يجب الإشارة إلى أهمية وصعوبة انتقاء الكلمات والألفاظ المناسبة، من الناحية الأدبية والأخلاقية، حتى لا يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية. ويُعَدّ ما ورد في القرآن الكريم من أمثلة، دليل إلهي للمخطط العربي في هذا المجال.
(8) عمليات غسيل المخ (الإقناع الإجباري أو قتل العقل)
هي أي محاولة تستخدم لتوجيه الفكر الإنساني، أو العمل ضد رغبة الفرد الحر، أي ضد إرادة الفرد وعقلـه. كما يطلق عليها “عمليات الإقناع الإجباري”، بهدف تحطيم الشخصية الفردية، وعادة ما يستخدم هذا الأسلوب ضد أسرى الحرب. وتتم عملية غسيل المخ من خلال مرحلتين أساسيتين هما:
(أ) مرحلة العزل Insulating phase
وتتم بعزل الهدف عن باقي الأفراد، وصور الحياة العامة (العالم الخارجي)، وإجراء عمليات الضغط الجسماني ـ التهديد ـ وأعمال التعذيب والإذلال النفسي، مع استغلال مؤثرات الجوع والعطش والآلام والعقاقير المخدرة، التي تضعف قدرة الفرد على التحكم في إرادته، وهو ما يعني (محو أي أفكار مكتسبة)، بما يفقد الفرد الثقة في النفس، وإيمانه بعقائده، وبما يجعله أكثر استعداداً لتنفيذ أي توجيهات تتطلب منه، أن يسلك سلوكاً معيناً.
(ب) مرحلة الغرس/ التحول The stage of planting / shift
ويتم من خلالها، تلقين وغرس الأفكار والعقائد الجديدة المطلوب توصيلها من المخطط إلى الهدف، مع حمل الهدف وتشجيعه على تعلم معايير سلوكية جديدة، وهو ما يعرف بـ “الإقناع بالواقع المزيف”، وعادة ما يستخدم هذا الأسلوب مع أسرى الحرب ـ العملاء والمساجين والمعتقلين.