ليس علينا ان نتحمل آثامنا في كل موقف وتقييم بعد ان أخذتنا السياسة في دروب الولاءات المختومة والجاهزة ،طالما ان في الطريق الى التقييم وقول الحق فرصة يمكن من خلالها البوح باعترافات حقيقية تستند إلى الواقع وتنمي الى منهج الحرية والرجولة دون وجل او خوف.
ولأنني أتحدث عن منهج الانتماء في عالم السياسة فانه في الغالب يكون الحديث عن الأخر أمرا محذورا لكن مع ذلك سأخوض في حكمة وواقعية السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى كما أراه انا من منظار العراق بعيدا عن الانتماءات والولاءات.فعلى مدار السنوات التي أعقبت سقوط نظام البعث في عام 2003 مثل ال الحكيم عنصر قوة واسناد وامل للعراق بما يتعلق باستمرارية العملية السياسية وتثبيت تجربته والخروج به من أمراضه وعلله، ولم يسجل على ال الحكيم خلال مساهمتهم بدعم العملية السياسية الا التأييد المطلق والبحث عن مخارج للازمات والاختناقات التي تحدث بين فترة واخرى.وخرجوا بثوب ابيض من كل الفتن والاصطفافات التي شلت العملية السياسية وكادت ان تعصف بها.
منهج الاعتدال والتفاعل والتضحية من ال الحكيم استمر من الآباء الى الأبناء ..وإذا ما أردنا ان ناخذ الشاب عمار الحكيم نموذجا فاننا سنكون اما تجربة غنية بكل الاتجاهات والمفاصل،فالرجل وان كان شابا الا ان تجربته ونشأته منحته قدرة القيادة والتقدم في رهانات توقع لها الكثير ان تكون خاسرة الا ان صلابته وقوة إرادته أطاحت بكل أمنيات الآخرين.
ان اهم ما يميز قيادة الشاب الحكيم في زمن التسابق وغياب البناءات والثقة هو قدرته على الاستيعاب ومد جسور الثقة بين الجميع فلم يسجل على منهجه وسياسته وكتلته اي خلاف مع اي مكون من مكونات الشعب العراقي مع ان هذه الخصلة تحمل في جوانبها عوامل سلبيه في مساحته الشيعة والتي لا زالت ترى في الاقتراب من الاخر جريمة تستحق الوأد والتعزير الا ان ما يصبوا اليه الحكيم تتجاوز نظرة البعض القاصرة حتى وان كانت مواقفه تجعله يخسر الكثير من استحقاقاته في الزمن الاني الا ان قناعته ان النصر سيكون حليف العراق ومنهجه في القريب الاجل.
الحكيم اظهر في الفترة الأخيرة وجها قاسيا لم يتمكن اكثر السياسيين من التقرب منه او الوصول اليه رغم ان الرجل كان ناجحا سياسيا وكان يكفيه هذا النجاح حتى وان لم يعلن عن مواقفه وقوته التي أضافت الى المواجهة مع مجرمي داعش صلابة وهيبة.
الحكيم لمن لا يعرف فانه يمتلك ثاني قوة عسكرية شعبية استجابت لنداء المرجعية وذابت في تشكيلاتها وشاركت في كل المعارك وقدمت مئات الشهداء والجرحى وساهمت في تحقيق الانتصارات وفي سحق جرذان داعش لكن الرجل لم يكتف بذلك بل خلع ثوب السياسة وارتمى في لهوات الحرب حتى كان قاب قوسين او ادنى من ان يقدم نفسه قربانا للعراق في تكريت كما هو ديدنهم ال الحكيم لكن شاءت ارادة الله ان يبقى شامخا مكرما يواصل نهجه في زرع الثقة والشجاعة في نفوس مقاتليه ويواصل جولاته التفقدية لجميع ابناء الشعب العراقي في كل مكان.
ان مشاركة الحكيم إخوته وأبناءه من رجال القوات الأمنية وأبطال الحشد الشعبي وأبناء العشائر وتفقد العوائل النازحة والمهجرين والجرحى يزرع الف وردة أمل وينبت ألف بذرة خير ويساهم في رفع المعنويات ويسجل في نفس الوقت نفسه كقائد لا يرتقي بمجده على تضحيات الآخرين .