23 ديسمبر، 2024 5:04 ص

عمار الحكيم والقرار الصعب

عمار الحكيم والقرار الصعب

إن خروج عمار الحكيم من العنوان الذي عمل تحته طيلة السنوات الماضية, وإعلانه “تيار الحكمة الوطني”، أصبح موضع جدال سياسي وإعلامي, داخلي وخارجي, الكثير يعده نتاجاً للخلافات الداخلية بين أقطاب المجلس الأعلى، حول إدارة الملفات “التنظيمية والإدارية والسياسية”، ولكن الحقيقة تبدو أعمق وأكبر من ذلك، وإن النتائج ستكون هي الفيصل.

الحكيم الذي عرف عنه اتخاذ القرارات الصعبة، التي يرفضها الكثير, ولم يهضمها الأغلب، دائماً ما تواجه أطروحاته بالاستنكار والاستهداف، إلا انه يعتبرها غاية في الأهمية، ليحقق خلالها مكاسب مهمة، لا تصب في مصلحة الحكيم نفسه، ولا تياره، إنما كانت لمصلحة العراق كوطن، والتشيع كمذهب، لذلك يطرحها بقوة، ويدافع عنها بقناعة، فيقتنع من يقتنع، ويرفضها من يرفض، ولكن الحكيم يمضي بها.

أكثر من عقد ما بعد التغيير، كانت للحكيم علاقات متميزة، وتوصف بإستراتيجية مع الأكراد، وكانت الاتهامات توجه له بسببها، بعد عقدين ما قبل صدام وما بعده، بدأت تضمحل تلك العلاقة، السؤال هنا: هل أنهى الحكيم علاقات الخاصة مع الأكراد حسب ما يتهم سابقاً؟ أو إن الشيعة خلال تلك العلاقات، استطاعوا توطيد جذور حكمهم، وضمان حقوق الأغلبية المسلوبة طيلة 100 عام.

تصدى الحكيم لرئاسة التحالف الوطني، بالوقت الذي كان منافسيه يتربصون به المكائد، ويحاولون إفشال مهمته، وفعلاً كل الأحزاب الشيعية؛ وقفت صامته أو زلزلت وسائل الإعلام لضرب مشروع التسوية، الذي تبناه التحالف لأنه بالحقيقة من هندسة الحكيم، هنا نسال: لماذا كل ذلك التحامل عليه؟ ألم يقبل قادة الشيعة بمن يلم شملهم، ويجمع قوتهم، ويوحد خطابهم؟ فما مصلحة الحكيم من ترأسه للتحالف؟.

خلال التصعيد السياسي والأمني مطلع 2014، كان مستقبل العراق على شفى الانهيار، والتظاهرات تعم أربع محافظات، ومن كان يدفع بذلك، يريد تدمير العراق، وإسقاط حكومته!! طرح الحكيم مبادرة “انبارنا الصامدة”، وكان أحد بنودها تدفع الحكومة العراقية مبلغ 10 مليارات دولار لأعمار المحافظات الغربية، لامتصاص الأزمة، جوبهت المبادرة بالرفض، وكانت النتيجة حرب طاحنة، ودمار اقتصادي، فكيف يفكر الحكيم؟ وكيف يفكر غيره؟.
أعلن الحكيم تأسيس تيار الحكمة الوطني، كان القرار صعباً بلا شك، ومن يقول إن عمار الحكيم كان مخطئ بذلك، فهو واهم، لكن لماذا؟ أعجبني جواب أحدهم يقول فيه: ((لو لم يخرج عمار الحكيم في تلك الليلة، ويتخلى عن المجلس الأعلى، ويعلن عن تياره الجديد، لأجتمع القوم عليه، واتهموه بالخيانة العظمى، وقرروا عزله، كما عزل علي ابن أبي طالب يوم السقيفة)).
إذن الحكيم كان صاحب القرارات الصعبة، ولم يتخذ قرار تأسيس تيار الحكمة بلا حكمة، إنما كان الحكيم واثقاً من نفسه بقراره، فالتحديات الداخلية التي كشف عنها قادة المجلس الأعلى عبر الإعلام، والتحديات الأخرى التي ستكشف لاحقاً، كفيلة بإحقاق أحقية الحكيم باتخاذ القرارات المصيرية، ومن يعارضها للوهلة الأولى سيندم في الأخير.