18 ديسمبر، 2024 9:11 م

عمائم النصر والشهادة

عمائم النصر والشهادة

وضعوا تيجانهم على رؤوسهم, وارتدوا لامة حربهم, وشدوا حيازيمهم للموت, فقد جاء اليوم الذي يتمنوه, والسعداء هم من أدركوه, فقد حان يوم الجهاد الكفائي .

قلوب لا تعرف الوجل, وابتسامات تعلوا الثغور, وأقدام تسابق الريح, وصدور تواجه الموت, لايرهبهم الخوف, حملوا بيارق الفتح والدفاع عن وطن, تكالبت عليه ذئاب البرية, فجالوا في الميدان كالأسود الضارية, يصولون على الأعداء, تراهم كأنهم ملائكة من السماء, يقدمون انهارا من الدماء, يتسابقون للشهادة, ففيها حياة السعداء .

فهب أصحاب العمائم السوداء والبيضاء, للجهاد ضد الظالمين, يسابقون الصفوف شبانا وشيبة, وماهمهم إلا نيل إحدى الحسنيين, أما النصر أو الشهادة, تاركين الأهل والعيال, لا تلهيهم تجارة أو مال, عن الجهاد في سبيل الله, طاعة للعمامة المباركة, في النجف الأشرف, التي قالت كلمتها, فكان ردهم ونحن رجالها, وأولى الناس بها, فكانوا أصحاب عزيمة لاتلين, وهمة لاتستكين  .

فسارت العمائم لابسة ثوب الجهاد, لتمضي وسط ركام الموت, تزيح الغمام الأسود, وتبعد رجس الشياطين,  يواجهون الموت ويغتالوه, يتصيدون فرصة الشهادة, لتحيا الأرض التي أنجبتهم, والأمة التي علمتهم, وأمهات وآباء وأيتام وأرامل, تدعو لهم وتنتظر أخبارهم, فلونوا السواتر بدمائهم, وعطروها بعطر الشهادة, وأعادوا للوطن لونه الزاهي, بعد أن أصبح باهتا .

وهكذا؛ ترك أصحاب العمائم, الدنيا وملذاتها, لتعلوا راية الحق, ويسحقون رأس الباطل, ويهزون الأرض بوقع خطواتهم, حاملين أرواحهم على عواتقهم, لبسوا القلوب على الدروع, محررين الأرض والعرض والوطن, فغيروا كل الموازين, التي راهن عليها المفلسون, واثبتوا للعالم؛ إن مدرسة الجهاد لازالت باقية, تخرج رجلا أباة, غايتهم النصر ومطلبهم الشهادة, فكانوا عند حسن ظن قائدهم صاحب الفتوى, ووريث الدوحة الهاشمية .

واقتربت ساعة الحسم, ولاحت تباشير النصر المؤكد, بفضل رجال ما هانوا وما إستكانوا, لم يطلبوا أجرا من أحد, أو جزاءا أو شكورا, فحيهم قد أدرك النصر والفتح, وميتهم شهيد عند الله في عليين, بصبرهم عادت الأرض الى أهلها, وبدمائهم الطاهرة, أزهرت ورود الحرية .