يخضع العمل السياسي في العراق لسيطرة بعض المواقف والأحكام والأتجاهات بين الفترة والأخرى ، تلك المواقف بشكلها العام ربما أُعدت سلفاً بهدف حجب وتجاهل وتزييف الواقع المُرّ الذي يعيشه العراق ، ويُفترض أن يسعى العمل السياسي بمضمونه المجرد الى خلق نوع من السلام والتفاهم بين الاحزاب والكتل السياسية المختلفة ولكننا نجد عكس المضمون الفعلي العملي للعمل السياسي القائم في العراق . وعلى هذا الأساس ومن منطلق تحقيق السلام بين القوى السياسية المتخاصمة يجب أن تتوفر تسوية سياسية قائمة على أساس تبادل المصالح الحزبية وتوزيع المهام والأخذ بالرأي والرأي الأخر بالشكل الذي يضمن أستقرار البلد والحيلولة دون الانحدار الى مستوى ضيق وحين ذاك لا تنفع شفاعة الشافعين . أن الخروج بحالة من التسوية تدفع دفة العمل السياسي الى حالة أشد أستقراراً وهي حالة التوازن التي لا تسمح بخروج طرف سياسي ساخط على طرفاً أخر وعندها نجد فسحة من الرضا السياسي لا تسمح للغير بالأطاحةُ بها . وبالطبع عند وصولنا الى تلك المرحلة من التسوية ومن ثم التوازن نجدها تعتمد على قاعدة متينة عريضة وهي ( المفاوضة ) تلك الكلمة الساحرة التي تحقق المعجزات لكل من يُجيد التعامل بها ، قيمة تلك الكلمة تأتي من مدلولاتها الكبيرة لأنها وفي سبيل الوصول الى حل لا تسأل عمن أخطأ ومن أصاب ، ومن هو القوي ومن هو الضعيف ، وربما ترمي بثقلها أحياناً الى الجانب الضعيف كي تحقق عملية التوازن عندما ترى أن ميزان التوازن قد بدأ يختل بغض النظر عن أية أعتبارات أخرى . فالعراق مرّ بحرب أستنزاف باردة نوعاً ما خلال عقد التسعينيات وصولاً الى عام ٢٠٠٣ م ، وكانت لها تأثير سلبي للغاية على شعبه وولّد فيه حالة غليان داخلية في نفوس العراقيين لدرجة أنهم كرهوا النظام القائم لدرجة الخلاص منه بسبب الحصار الأقتصادي القاسي وأنهيار البناء الداخلي المجتمعي العراقي الذي أعتبرهُ أحد الأسباب المهمة التي أوُصلت العراق الى ما وصل أليه اليوم ، وبالتالي أنساق الشعب العراق وبكل سهولة نحو الأيديولوجيات الهدامة المتنوعة الأتجاه ، ومن هذا المنطلق نجد أن أهمية العمل السياسي العراقي القائم ونجاحه يجب أن يقوم على مبدأ المفاوضة البناءة ومعرفة علّتها بحيث ترتبط تلك الأهمية أرتباطاً وثيقاً بالحفاظ على العراق أرضاً وشعباً .