17 نوفمبر، 2024 3:31 م
Search
Close this search box.

علي وسهيلة وآدل

علي وسهيلة وآدل

لي صديقة من العالم الافتراضي شابة من أبناء جلدتنا اسمها آدل ربما يخال لمن يقرأ اسمها إنها كردية أو مسيحية لكن في الحقيقة هي فتاة من الديانة اليهودية، وآدل تحب أن يعرفها الناس على إنها عراقية سومرية بنت دجلة والفرات، فلا تهتم بالتصنيفات العقائدية والدينية، كما انها تملك إرث جميل من الذكريات والعادات والتقاليد وطبائع أهل العراق المتمسكة بها وتعدها جزء من هويتها الاصلية التي سُلبت منها من دون أي ذنب أو سبب مقنع، تقاليدها هذه ورثتها من أمها وجدتها اللتان ترعرعتا في مدينة الحلة قبل تهجير اليهود، فلم تزل تقسم بالإمام الكاظم (ع) حين يتطلب الأمر قسم أو عندما تحاول أن تثبت صدق كلامها فهي مؤمنة ان هؤلاء الذين تذكرهم في كلامها ينتمون الى عائلة قد ميزها الله بكرامات وفضائل لنسبهم الطاهر، تحترم كل الديانات والمعتقدات وتتمسك بهويتها وثقافتها المجتمعية وتقاليدها ولا تفرضها على الأخر أو تعيب وتنتقد المختلفين عنها وبهذا تكون قد تميزت كثيرا عن الشباب الذين اتخذوا الانفتاح والتطور عذرا لسلخ أفكارهم وموروثهم ومعتقدهم وتنكروا لها أو ذلك الذي ينتقص من المختلفين عنه ويشجع على معاداتهم أو قتلهم كما فعل الدواعش.

وهذه المقدمة ليست دعاية لديانة أو شخص بل هو محاولة لرفض الغرس الجهنمي الذي أنبتته الحكومات بقوانينها وتشريعاتها وما خبأته رؤوس الفتن المتنفذة الداعمة للتفرقة تلك البضاعة القذرة التي فصلت الإنسان حسب دينه وعرقه ومعتقده ثم حشدت الحشود لمجابهته ومحاربته وجعلته مطارد مطلوب القبض عليه ومحكوم بالقتل والتهجير والتعذيب، فالشاب علي الذي طورد من مكان لمكان وهو خائف ليقتل بأبشع الطرق هو ومن معه على أرضه وبين أهله في مجزرة سبايكر، والأيزيدية سهيلة التي سُبيت واغتصبت وتشابكت عليها صور الاحتقار والذل والاستعباد الجنسي كلما جن عليها الليل لا يختلفان عن آدل التي حكم عليها بالعيش بعيدة عن بلادها فلا تذق ماءه ولا تلتحف بسمائه ولا تشم هواءه، لقد دفعوا القتل والتهجير ثمنا لاختلافهم، وحرموا فرصة التعايش السلمي الركيزة الأساسية للامان والإخاء والبناء وعلامة التمدن والتحضر، فلم ينعموا بقيمته ولم يعرفوا جودة ثماره، فكانوا الضريبة لكي تتعادل كفة السلطة والمال لرؤوس التنانين التي بترت يد السلام الممدودة لكل الأطياف وغذت الإنسان البسيط بأفكار مسمومة فصيرتهم قبائل متناحرة داخل الحدود المحدودة، حتى أصبح المواطن يتوجس من المختلف عنه مؤمنا إن الأمان في العيش مع شبيهه فقط، ونشروا الاستبداد وكفنوا عقولهم بالجماد والمسلمات والسياط والدراهم ليسهل انقيادهم كالعميان والاجتزاء الكيفي لحقوقهم دون معارضة، أما الفطن فلا يملك القدرة ليدافع عن فكره في المحافل المختلفة فهو ملتحف بازدواجية التفكير، يتبعه الفطن الشجاع الذي طوقوا اتساعه الفكري والمعرفي وجعلوه في حالة توهان في زحمة العيش ومعضلاته.

أحدث المقالات