23 ديسمبر، 2024 3:31 ص

علي .. غياب العدالة

علي .. غياب العدالة

قبل ايام لاتتجارز أصابع اليد الواحدة وبينما اقلب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) وصلني إشعار بطلب إضافة من صفحة تحمل اسم شخص ليس بيننا اي معرفة سابقة فترددت بقبولها، لكن الفضول دفعني للدخول الى صفحته لعلي اجد مبررا لقبول الإضافة وقد يكون أصدقاء مشتركين في “اضعف الايمان” لكنها لم تفلح ايضا وبعد عدة ثواني من الصمت قررت الموافقة على طلبه بالإضافة وإغلاق باب التساؤلات، فمواقع التواصل وجدت لخلق تقارب بين المجتمعات ولا تقتصر على الاقارب فقط.

وقبل مغادرة الصفحة بعد الاكتفاء من التصفح ومعرفة احوال “عُبَّاد الله” وصلتني رسالة على تطبيق ماسنجر من الشخص ذاته يعرفني بنفسه بعد التحية والسلام بعنوان مناشدة من والد شهيد يبحث عن حقوقه بعد “نحر” نجله على يد تنظيم (داعش) واعتقاله ومصادرة منزله خلال فترة سيطرة التنظيم على قضاء الشرقاط التابع اداريا لمحافظة صلاح الدين في العام 2016، ليكمل حديثه بان نجله كان ضمن المجموعة التي انزلت راية (داعش) من برج للاتصالات في الشرقاط ورفعت العلم العراقي وهي حادثة تناولتها وسائل الاعلام في حينها كضربة نوعية استهدفت التنظيم واثارت “جنونه” والدليل طريقة معاقبة المنفذ الرئيس للعملية الذي القاه داعش من اعلى البرج بعد اعتقاله مع مجموعته. 

لكن الغريب انه بعد تحرير قضاء الشرقاط من سيطرة تنظيم داعش وعودة الامور لطبيعتها تجاهلت الجهات المسؤولية جميع التضحيات وأغلقت الأبواب امام حصول عوائل الخلية الذين نحرهم عناصر (داعش) امام المواطنين على حقوقهم كجزء من رد الجميل، ليختتم “والد الشهيد” رسالته معاتبا اصحاب المناصب السياسية على طريقة “وهل جزاء الإحسان الا الإحسان”.

لا اعلم كيف سيستقبل “السادة” من اصحاب المناصب الرفيعة في عمليتنا السياسية العشرات من تلك القصص التي تتحدث عن “ظلم الرعية” وهم يتغنون بفضائل الامام علي بن ابي طالب (ع) ويرفعون شعارات عن ميزان عدالته في التعامل مع الجميع بعيدا عن درجات القرابة، وكيف تصرف مع أخيه عقيل بن ابي طالب حينما طالبه بأموال من بيت مال المسلمين، ليرد عليه الامام علي بان وضع بيده قطعة من حديد ملتهبة بالنيران، لإيمانه بان الخلافة لا تمنحه حرية التصرف بحقوق المواطنين ومصالحهم فهي مسؤولية قد تؤدي بصاحبها الى “التهلكة” اذا لم يحسن ادارتها ولهذا كان يردد الامام علي (ع) امام أصحابه “يادنيا غري غيري قد طلقتك ثلاثا” فكان يرفض السكن بقصر الإمارة ويختار منازل لفقراء ليكون قريبا منهم وفقا لنظام المساواة بين الجميع، تلك الأحكام التي وضعها الامام خلال فترة خلافته التي لم تتعدى الأربع سنوات، استخدمها “الساسة” كجواز مرور لتحقيق غاياتهم واذا ماسالتهم عن تطبيقها سيعتبرونها نوعا من المثالية التي لا يمكن تحقيقها الا بالأحلام او في مخيلة الشعوب.

الخلاصة.. ان النهج الثقافي والمنجز الفكري وميزان العدالة الذي ورثته الانسانية عن الامام علي بن ابي طالب (ع) يحمل رسالة بان رفاهية “عُبَّاد الله” لا يمكن تحقيقها بوجود طبقة سياسية تتجاهل نظام المساواة في التعامل مع الرعية وتتغاضى عن محاسبة الفاسدين من اجل الاستمرار بالسلطة في حين يرفع “قادتها” شعار المظلومية عند احياء المناسبات الدينية ويتجمعون على مائدة معارضي الامام علي في أوقات تقسيم المناصب “لدسامتها”، اخيرا، السؤال الذي لابد منه… هل نعزي العدالة باستشهاد ابى الحسن؟..