منزلة علي (عليه السلام) منزلة عظيمة، في الأرض والسماء، وله أسماء كثيرة، فعند العرب يسمى مليا، وعند الروم بطريا، وسمي في القرآن عليا، وفي التوراة إيليا، وفي الإنجيل بريا، وفي الزبور أريا، وورد إسمه بلغات عدة، ففي العبرانية قياطيس، وفي السريانية شروحيل، والعبرية حزبيل، وبلغة أهل السماء شمساطيل، وبلغة أهل الأرض حمحاميل، ولكل منها معنى كبير عميق، لا يفقهه إلا الراسخون في العلم، الذي إستوطن حبه في قلوبهم، فهو يعسوب الدين، وإمام المتقين، وأمير المؤمنين، فعم تتساءلون؟ عن النبأ العظيم!
حمل الرسالة الإسلامية، وتحمل المسوؤلية، في زمن لم تهدأ النفوس المريضة والفئة المنافقة، إلا أن تحرف الدين عن مساره المحمدي، لذا نهض بموقفه التاريخي، وواجبه الإلهي تجاه الأمة، فلم نجد في دولته تناقضاً، أو نفوراً أو بيئة متقلبة، وإنشرحت القلوب، بعيداً عن عوامل التشويش الفكري، والتعصب الديني والإنحراف العقائدي، ناضل من أجل الفقراء، لأنهم لا يملكون جاهاً، أتحف الملايين المعذبة، بدروس التقوى والزهد، وقد تطاحن العملاء والخوارج، للنيل منه على مدى الدهور، ولكن يأبى الخالق ذلك، ورسوله ولو كره المشركون.
(علي مع الحق، والحق مع علي، يدور حيثما دار) حديث يؤرخ زمناً خالداً، لميلاد أمة عظيمة، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام فلقد رسخ الإمام علي (عليه السلام)، مفهوم التقوى، بأنها الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والإستعداد ليوم الرحيل، وبهذا فالإمام علي، قضية رأي عام عالمي، لا تختص بالشيعة فقط، حسبما يدعي الأمويون الإرهابيون، بل إنه أعرض عن الدنيا بقلبه، وأمات ذكرها من نفسه، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه، فهو العلي عند العلي القدير أفلا تؤمنون؟
من المفروض أن نتذكر اليوم المولود الوصي والمرأة التي ولدته، فألتمس عيداً لأولنا وآخرنا، هو الإحتفال بالطاهرة المؤمنة، التي أنجبت الوصي الناصح، والولي المجاهد، إنها فاطمة بنت أسد (عليها السلام)، وهي جدة الحجة المنتظر (عجل البارئ ظهوره وسهل مخرجه) إنها السيدة الجليلة التي تشرفت الكعبة الشريفة، بوضع وليدها البار الإمام علي (عليه السلام) فيها، وعندها سندرك معنى نشيد العدالة، الذي أرسى أصوله أبن فاطمة بنت أسد (عليها السلام)، في أن الإسلام دين الأمن، والأمان، والتسامح، والكرامة، فالنور يولد من النور.