الحزن يلازمني، فلا أظن أن الحرب إنتهت، فالقلوب قد تمزقت، وبان منها حلم الشيوخ، بعطر السيادة والزعامة، وهم ليسوا بكفئ لها، ولاح الشر من بواطن العقول حول الخلافة، لكن المتصدي للإصلاح الديني، الذي حدث بعد إشتشهاد الرسول الكريم، محمد (صلواته تعالى عليه وعلى أله) لم يكتفِ بالنصح، بل نزل للميدان ليقود التغيير، مذكراً إياهم بيوم الغدير، وأمجاد العرب، التي سُطرت على يديه الكريمتين، إنه على بن أبي طالب (عليه السلام).ملك الموت ينام مستريحاً، عند أبواب المدينة المنورة، إلا باب فاطمة، فقد كان العصف التآمري، يعلن إنطلاقته، لتبدأ رحلة الغياب لكائنين، أقرب ما يكونا للنبي المختار، إنها فاطمة الزهراء وجنينها المحسن (عليهما السلام) والسبب يد خبيثة، وخشبة حقيرة، ومسمار لعين، وهذه الأشياء أرادت قرباناً، يستجيب للحدث، مع فارق بسيط للتغيير، لأن الجبت والطاغوت، رسما خارطة طريق جديد للإسلام، بعد وفاة محمد كما يدعون، لذا غادر الإستقرار باب فاطمة الى الأبد!هناك فوضى كبيرة أمام الباب، يمثل مشاهدها حطب ونار، ونفاق وحقد أموي، بدري حُنيني، على مَنْ أبعد الباريء عز وجل عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً، أما خلف الباب، فتشاهد سيدة نساء العالمين، من الأولين والأخرين، بين راكعة وساجدة، وتالية للقرآن، وباتت السماء قريبة من البيت، لتحقق إنتصارا سماوياً، يسبق بقية السماوات، في إستقبال بضعة الرسول، وطفلها المحسن عليهما السلام، لكن المشهد بدا مثل ساعة متوقفة، فحرق الباب كان البداية ليس إلا. السيدة الزهراء (عليها السلام) لاذت بالباب، ومسماره قد لاذ بها، فكسر ضلعها روحي لها الفداء، عندها صاحت: يا علي، لقد سرق الدهر طفلي، وقتل جنيني بسبب جريمة، لم يرتكبها لا هو ولا أنا، وبين عصرة الباب، وعسرة المصيبة، إستقرت راضية مرضية، تلك النفوس الأبية في زمن شح الضمير، والقلب، والعقل، على فاطمة ليكون أبن عمها، وزوجها علي (عليه السلام) خليفة هذه الأمة، إمتثالاً لأمر نبيها (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم)! ما الشيء المختلف في يوم الهجوم على الدار، وبين ما يحدث اليوم، على يد الدواعش، إنهم نسل الخلافة الجاهلية، التي شرعنت جرائمها، بكل مكر ودهاء، لتسوق الى العالم الإسلامي، أفكاراً منحرفة تخدم بها مصالحه،ا تاركة العروة الوثقى، في ظرف حساس تمر به الأمة، لكن إستشهاد الزهراء (عليها السلام)، كان التظاهرة الأولى، والإحتجاج الأقوى للمطالبة، بالحقوق والتمسك بالعترة، بدلاً من الضياع، فبيت فاطمة كان العمود الفقري، للجهاد والتحدي، ضد النفاق وأهله! مَنْ أراد تعريف الإسلام، وحريته وعدالته، فليعرفه عن طريق بيت فاطمة، فداخل هذا البيت، معدن الرسالة، وينبوع الحكمة، ومختلف الملائكة، لذا وجدت الصديقة الطاهرة نفسها، في قلب المجتمع وقضاياه، وكانت ملزمة لمواجهة التحديات، وتقديم الإجابات عن مظلوميتها، وحقوق بيتها، وبتجرد كبير عن حب الدنيا، قدمت الزهراء (عليها السلام)، أروع قصة للبطولة، والفداء، والشجاعة من أجل الدين المحمدي، ضد المنافقين، والناكثين، والناكثين، فسلام عليكِ يوم ولدتِ، ويوم متِ، ويوم تبعثين حيةً.