23 ديسمبر، 2024 3:46 ص

علي بين الواقع والطموح

علي بين الواقع والطموح

أنبثقت الرسالة الاسلامية لنغيير الواقع الاجتماعي الجاهلي، هنا يجب ملاحظة الواقع بكل ملابساته ورسوباته، وتخطيط للتغيير الشامل على المدى القريب والبعيد معآ، هكذا رسمت الرساله الخط الطبيعي الذي يفرضه المنطق التشريعي للمسيرة الاسلامية الرائدة.
تجلى ذلك في إرجاع الامة فكريآ وسياسيآ الى القادة الهداة المعصومين والمطهرين من كل رجس جاهلي، وذلك بعد تنصيب عليآ من قبل النبي صل الله عليه وآله وسلم، في السنة العاشرة بعد حجة الوداع وفي غدير خم، أميرآ للمؤمنين وخلفآ شرعيآ له، بعد أحكام الامر بأخذه البيعة لولايته وإمامته من عامة المسلمين، لكن اصطدم التخطيط الرائع بواقع كان متوقعآ للنبي صل الله عليه وآله وسلم، من قبل تيار قرشي استغل نقصان الوعي عند الامة التي كانت تشكل القاعدة الخصبة لحماية القيادة، حيث لم يتوقع ويدرك عامة المسلمين،أن الجاهلية بعمقها كانت تتآمر من وراء الستار عليهم وعلى الثورة الاسلامية الفتية، وأن القضية لاتتلخص في تغيير شخص قائد بقائد آخر، وأنما تغيير القضية قضية خط الاسلام المحمدي الثوري بخط جاهلي مشحون برواسب الجاهلية ولكنه يرفع شعار الاسلام.
هكذا أجهضت عاصفة السقيفة النخطيط الرائد لنبي الامة وقائدها، حينما كانت الساحة خالية منه، وتحققت نبؤءة القران حين قال: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات اوقتل أنقلبتم على أعقابكم!
لقد وقف الامام علي عليه افضل الصلاة والسلام، موقفا مبدئيا سجله له التاريخ حين قال: “فأمسكت يدي حيث رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام، يدعون الى محق دين محمد فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله؛ أن أرى فيه ثلمآ أو هدمآ تكون المصيبة به علئ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ماكان كما يزول السراب” .
استطاع الامام بعد عقدين ونصف من الصبر والكدح ان يقتطف ثمار سعيه، بعد أن تكشفت حقائق كانت وراء الستار وتجلى للامة بجيليها الطليعي والتابع أن عليآ عليه افضل الصلاة والسلام، هو الجدير بالخلافة دون غيره، وهو الذي يستطيع أصلاح مافسد بالرغم من تعقد الظروف وتبليل القلوب واشتداد زاوية الانحراف عن نهج الحق القويم، حتى قال: ” والله ماكانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية إربة، ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها “.
عاهد نفسه على أن يحقق بين الناس العدل الاجتماعي والسياسي وفي طريق لا التواء فيه، وان يسود الامن وتسود الحرية والرخاء ويتحقق الاستقرار مع الاحتفاظ بوحدة الامة مع السعي في تربيتها وتعليمها وإعطائها كامل حقوقها، وعزل الجهاز الفاسد واستبداله بالولاة والعمال الصالحين والمعروفين بالصلاح ومراقبتهم أشد المراقبة.
بدأت تتحرك كل القوى الطامعة والانتهازية الني خسرت مواقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ضد الإمام، حتى أخذت تتكاتف كل العناصر التي كانت تطالب بأزاحة عثمان والتحريض عليه بالامس، رافعة اليوم شعار المطالبة بدم عثمان مندده بسياسة الامام الحكيمة والنزيهة، فنكثت طائفة” اصحاب الجمل ” وقسطت مجموعة ” اصحاب، معاوية” ومرقة حفنة من ” الخوارج” واذا الامام بعد كفاح مرير يقع شهيدا مخضبا بدمائه في محراب عبادته وفي مسجد الكوفة وفي ليلة القدر، لسنة 40 من الهجرة النبوية، فائزا بالشهادة وبالثبات على القيم الرسالية الالهية والثبات على الحق وقطف ثمار الجهاد المتواصل في ارساء قواعد الدين.
اين نحن؟ اليوم من هذا الجهاد والعدل والاخلاص، من اجل ترسيخ قواعد الوحدة وتطوير المجتمع وبناء أجبال مخلصة تحمل في ايديها راية العقيدة، والبناء ونبذ التطرف، ومحاربة الفساد وتمكين الشباب على خطى علي عليه السلام حتى تسود الحرية والامن ويتحقق الاستقرار مع الاحتفاظ بوحدة العراق شعبآ واحدا لايتجزاء بكل قومياته.