22 ديسمبر، 2024 9:05 م

علينا أن نكترث اقتصاديا..ونبدأ بحلول سريعة وصارمة

علينا أن نكترث اقتصاديا..ونبدأ بحلول سريعة وصارمة

اولا : مؤشرات مقلقة:1. يخسر العراق 1.3 مليار$ سنوياً عن انخفاض دولار واحد لسعر برميل النفط ، فما بالك والانخفاض بلغ اكثر من 80 دولار في السنتين الأخيرتين.
2. اتساع عجز الموازنة لاعتمادها 95% على النفط من 22 مليار$ مع 45 دولار للبرميل المقدر في موازنة 2016 لتسع العجز الى اكثر من 42 مليار $ مع سعر بحدود 30$ للبرميل.
3. الانفاق الاستثماري هو الضحية دائما لأي هبوط في أسعار النفط حيث يضحى به أولا فيؤدي الى توقف عجلة الأعمار والتنمية ويخلق مزيد من الضغوط الانكماشية.
4. البنى التحتية الموروثة من نظام ديكتاتوري سابق سيئة جدا ، وحجم الاستثمار فيها لا يرتقي الى مستوى التخريب الذي أطالها من قبل الإرهاب بعد 2003 الى الآن ، فضلا عن الفساد في اختيار وتنفيذ المشاريع في ظل دولة قبضتها ليست قوية ومنهمكة بإطفاء الحرائق هنا وهناك، الأمر الذي يجعل كلف الإنتاج في القطاعات الحقيقية مرتفعة والسلع والخدمات المنتجة غير منافسة.
5. في الوقت الذي يحتاج فيه الاقتصاد الى تحفيز لمواجهة معدلات البطالة والانكماش تجد الحكومة نفسها مضطرة الى ممارسة إجراءات تقشفية ، فتكون الإجراءات بالمقلوب حيث تضغط الطلب الكلي في الاقتصاد في الوقت الذي يفترض عليها ان تزيده لإنقاذ الاقتصاد.
6. التحفيز المالي (مبادرة البنك المركزي ) من خلال 5 ترليون دينار للقطاعات الحقيقية (اسكان ، زراعة ، صناعة) وكذلك 1.5 ترليون للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ، لم يجد طريقه للتنفيذ لأنه معاق بعقبتين ، الأولى عدم وجود جهاز مصرفي قادر على خلق الائتمان بهذه السعة ، والثانية عدم قدرة القطاعات المستهدفة على امتصاص استثمارات بهذا الحجم وبفرص مربحة ما لم تتوفر عوامل مكملة كثيرة تخص تخفيض الكلف والمخاطر وزيادة الفرص المربحة ، وفوق كل هذه العقبات تدار لجنة الإقراض العليا وفق معايير غير اقتصادية ، حيث يتربع على عرشها غير المختصين.
7. القطاع الأمني والصحي وبرنامج الدعم الاجتماعي (يفترض ان لا يتأثر كثيراً) بالاجراءات التقشفية خشية التراجع في حربنا المقدسة ضد داعش ، وخشية تدني نوعية الحياة وتراجع مستوى المعيشة وتفشي الأمراض ، ولذلك يظهر الأثر التقشفي بشكل اكبر في مشاريع الزراعة والصناعة والخدمات.
8. إغاثة النازحين من الحروب هي الأخرى يفترض ان لا تتأثر، لا زمانيا ولا من حيث الحجم لأنها ضمن مفهوم الطوارئ ، وهنالك بحدود 3 مليون إنسان خرجوا من قطاع الإنتاج الى قطاع الاستهلاك بالمطلق.
9. أعمار المناطق المحررة من داعش سيكون تحدي كبيرة لأنها مدمرة بنسبة كبيرة قد تصل 80% في الرمادي – لأنها تحررت باستبعاد الحشد الشعبي – و20% في بيجي وتكريت وبعض مناطق ديالى – لان الحشد الشعبي هو الأساس في تحريرها – علما ان الثلاجة التي يفترض ان احد المحررين سرقها محسوبة ضمن التدمير 20% ، والموازنة الاتحادية تعاني عجز يتعاظم ، ودول مجاورة لديها أجندات سياسية إذا ما تبرعت بمنح ومساعدات لأعمار هذه المحافظات وقد صرحت بذلك مؤخرا (على غرار مشروع مارشال بعد الحرب العالمية الثانية ) لكسب ولاء هذه المحافظات وربما اقتطاعها او ترتيب وضع فدرالي لها تكون لهم اليد المطلقة فيه لإقامة مفاقس لأجيال جديدة من المتطرفين تعدهم لمرحلة لاحقة ، وهو أيضا أمر لا يتحمل التأخير من اجل إعادة النازحين وإلا يبقى الانفاق الاغاثي متواصل وهو استهلاكي بالمطلق ومكلف في ظل موازنة اتحادية خاوية اثر انهيار اسعار النفط المدفوع بعوامل هي الأخرى سياسية في الغالب.
ثانيا : إجراءات من الخطأ الإصرار عليها :
هنالك ثلاثة إجراءات الاستمرار عليها سوف يخلق أخطاء إستراتيجية على مستوى الاقتصاد الكلي يصعب تفاديها مستقبلاً وهي:
1- من الخطأ الاستمرار بتخفيض رواتب الموظفين أكثر من الحدود التي وصلت إليها، لان هناك (7 مليون) شخص يتقاضون رواتب 4 منهم موظفين و3 متقاعدين وشبكة حماية اجتماعية ، تخلق إنفاق يمثل أكثر من 80 % من الطلب الكلي في الاقتصاد، والاستمرار في التخفيض يعني الاستمرار في خلق ضغوط انكماشية تصبح غير محمودة العواقب بعد فترة.
2- من الخطأ الاستمرار بدعم سعر صرف الدينار العراقي لكي يبقى مرفوع بعكاز (مغالى فيه) لان ذلك يعمل بالضد من حماية المنتج الوطني ولدينا جهاز إنتاجي متهالك وغير مرن يحتاج الى تحفيز لكي يعمل ويصبح إنتاجه منافس وليس العكس، فضلاً عن ان ذلك سوف يجعلنا بعد فترة نخسر معظم احتياطي البنك المركزي العراقي ، وعلينا بالتخفيض التدريجي لسعر صرف الدينار لكي يبقى مدار في حدود معينة وليس معوم ، اي ليس متروك لقوى السوق (العرض والطلب ) بالكامل .
3- من الخطأ استمرار التوسع في الاقتراض سواء كان داخلي ام خارجي، لأننا نقترض لأجل دعم الموازنة العامة وسد العجز، ولان الموازنة هي في الغالب استهلاكية فأننا نقترض لنستهلك فكيف لنا مواجهة أعباء الدين العام مستقبلاً، علماً ان سعر النفط سيبقى منخفض خلال السنوات الثلاث القادمة او يتحسن نسبياً فقط ، كما ان تراجع الدخول الموزعة لعناصر الانتاج وحصول ضغوط انكماشية وعدم امكانية الدولة الوفاء بالتزاماتها المتراكمة
تجاه المقاولين لمشاريع منجزة بالكامل او بنسب انجاز متفاوتة ، يصبح من العسير بمكان تسويق الدين العام الداخلي (سندات حكومية للجمهور) ويبقى الاقتراض الخارجي اسير شروط ووصفات لا نستطيع الوفاء بها في أوضاعنا الحالية حتى وان كانت وصفات صحيحة وإصلاحية .
ثالثا : ما الحكمة ببقاء الدولة مهيمنة في اقتصاد سوق:
ترى ما الحكمة ببقاء الدومين العام (ممتلكات الدولة) بهذا الحجم الكبير في بلد دستوره ينص على التحول نحو اقتصاد السوق ، والدومين العام واحد من المصادر الاعتيادية في التمويل للموازنة ولا داعي من خضوعه للمهاترات السياسية، بينما الاقتراض هو مصدر غير اعتيادي تلجأ اليه الدول في الكوارث بعد ان لا تكفي المصادر الاعتيادية ومع ذلك ليس عليه سجال سياسي ، فاذا اردنا دعم القطاع الخاص علينا ان نجعله مالك ، وليس مقاول ثانوي لدى الدولة يفقد فرصه في التطوير لما يملك من جهة ، ويسلك انواع الطرق للحصول على حقوقه من موظفي الدولة بعد ان يخضع لكل انواع الابتزاز ، وبالمقابل ترفسه الدولة الى الهوامش في اوقات الرخاء المالي ، وتستنجد به في اوقات الازمات لتشحذ هممه ووطنيته التي قامت الدولة هي ذاتها بتدميرها وتخريبها اوقات الرخاء ، هذا الكيان الاقتصادي المشوه ناجم عن التعاطي الوقتي والجزافي والمصلحي ، واهمال الاستراتيجيات والخطط والرؤى عرضة لاتربة الرفوف ، وهنا ادعوا الى الاتي :
1. لدينا دومين عام يقدر بمئات المليارات من الدولارات ويمكن الاطلاع على الأراضي المملوكة للدولة في الورقة المرفقة ربطا.
2. يمكن جرد تلك الممتلكات ووضع قاعدة بيانات مفصلة عنها، ثم تصنيفها من قبل لجنة عليا في رئاسة الوزراء – تشكل لهذا الغرض- على أساس إمكانية التصرف الحالي فيها، سواء بالبيع، او الايجار، او الاستثمار، وغيرها…
3. هنالك لجان متخصصة في دائرة التسجيل العقاري تضع أسعار تقديرية للأراضي والعقارات يمكن الاستعانة بها لوضع أسعار تقديرية محددة بسقف أدنى واعلى تكون مؤشر جيد وشفاف عند فتح المزاد لبيع او تأجير العقارات.
4. يمكن المباشرة بالمزاد بعد شهرين من تشكيل اللجان ويتم جني الأموال للموازنة العامة للدولة على ان تكون عمليات البيع او التأجير ممتدة لعدة سنوات لتمثل مصدر تمويل مستدام على الأمد المتوسط (5) سنوات مثلاً.
5. بقاء الدولة مالك لكل شيء تشبث بالفكر الاشتراكي وخلاف الدستور الذي يدعو لتمكين القطـــــــــــــــاع الخاص والذي لا يمكن تمكينه ما لم يكن مالكاً، كما ان تملك القطاع الخاص سوف يخلق موردين للتمويل:
* عوائد البيع او الايجار
* عوائد غير مباشرة، حيث ان تزاوج الملكية والعائد الخاص بعد الاطمئنان الى ملكيته سوف تؤدي الى تطوير الأداء والإنتاج واتساع الاوعية الضريبية يجعل من الضرائب مستقبلاً مهمة جداً في تمويل الموازنة وتتحول الدولة الريعية الى دولة جبايات.
6. البنى التحتية تبقى هي مسؤولية الحكومة ، ولان الحكومة عاجزة عن التمويل ، فلا سبيل أمامها الا اللجوء الى عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص ( PPP) وكتبنا مسودة قانون جيدة بالتعاون مع البنك الدولي وهي اليوم في مجلس شورى الدولة يفترض الاستعجال في تشريعها لان الشروع بمشاريع كبيرة وفق هذا الأسلوب سوف يخلق محركات اقتصادية كبيرة تقي الاقتصاد من الانزلاق إلى أدنى قاع الركود ، وسوف يزيد من مرونة الجهاز الانتاجي العراقي في مواجهة صدمة العرض القادمة نتيجة تراجع الاستيراد متأثرا بعجز ميزان المدفوعات الذي يمثل اكثر من 80% من العرض الكلي في الاقتصاد .