استوقفتني عبارة للسيد عمار الحكيم في الملتقى الثقافي الاسبوعي حين قال عليكم بالوضوء يوم الانتخابات , ونحن نعرف ان الوضوء يسبق كل عبادة خالصة لله , ذكرني هذا الموقف حينما كنا نعمل في اصعب الايام من 2006 -2007 لنشر مفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان والتثقيف للحث على المشاركة في الانتخابات , كان الخروج للشارع في منتهى الخطورة وتتهم الديمقراطية بالعمالة ويهدر دم الفرد دون ذنب , كنا نتوقع القتل في اي لحظة, احد اصدقائي قال علينا ان نتوضأ ونودع عوائلنا حينما نخرج صباحاّ لأننا في واجب مقدس وربما لا عودة منه وندفع فيه حياتنا وبالفعل استشهد احدنا بسلاح غادر , الديمقراطية التي وصلت العراق بعد 2003 من تجارب شعوب تختلف عنا كأغلبية مسلمة وربما بعضها بلا اديان , ولكن يمارسون القيم الانسانية بكل المعاني التي تحترم حقوق الاخر وكأن الوطن بيتهم جميعاّ , دون ان يعرفوا ان الوضوء طهارة للأبدان , الانتخابات حينما نعود بها فنجد انها لم تكن مستوردة ( مسلفنة ) , الدين الأسلامي اكد على احترام الرأي بالشورى ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) بل لم يقف النص القراّني الى هذا الحد ليتصبح الشورى إلزام (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ) .
الرسول الكريم اول من اسس للبرلمان حين المأخاة بين الأوس والخزرج فقال من بين 120 اخرجوا لي اثنى عشر نقيباّ واختار الرئيس من الأوس ( سعد بن معاذ ) لكونهم اغلبية 90 شخص , وقال ( عليكم بالسواد الاعظم ) اي الأغلبية الصالحة , فالديمقراطية حكم لرأي الأغلبية ومن مشاركة الاقلية واحترام رأيها وبالنتيجة هي مشاركة للجميع بصنع القرار لتوكيل من يقوم عن خدمتك بالنيابة عنك مقابل اعطاءة جزء من الصلاحيات , الانتخابات مدخل الى الديمقراطية لأدارة الشؤون للناس ,انتخابات مجالس المحافظات التأسيس لسلطة ترتبط بحياة المواطن مباشرة خدمياّ واجتماعياّ وسياسياّ واقتصادياّ وثقافياّ … الخ , من خلال تجربة 10 سنوات للأنتخابات تكشفت الكثير من الاوراق واختزن المواطن الكم من المعلومات وظهر القوى التي تعمل لمصالحها الشخصية الفئوية الحزبية , بعض القوى زيفت العمل الديمقراطي كونه سبيل بناء الدولة بتبادل سلمي وتعددية دفعت المواطنين لفقدان الثقة بالطبقة السياسية وتصاب بخيبة الأمل ويكون رد فعلها عكسي بالعزوف عن الانتخابات , وهذا ما يحقق غاية بائعي الضمائر ومشتري الاصوات الانتهازيون للوصول مرة اخرى لسدة الحكم , او افتعال الازمات من قوى نفعية تمتص قوت المواطن من وجودها بالسلطة , لتدفع نحو تأجيل الانتخابات لتبقى اطول فترة في السلطة بالازمات وتوؤسس لقوى تستحكم بالقوة بكسب الولاءات بالمال العام والوظائف الحكومية , التعجيل بالانتخابات اصبح مطلب شعبي انساني لتردي الخدمات ومشاكل اصبحت كارثية في حياة المجتمع اليومية , وصلت بالبعض ناقم سائم قانع ان الوجوه لا تتبدل لأمتلاكها كل الادوات التي لا يستطيع عليها , وقد تستخدم اساليب للتشويش على العقلية لغرض التصويت بلا وعي , ومن هنا اصبحت ضرورة لقراءة تجربة السنوات السابقة والدورة الحالية واستخدام مبدا الثواب والعقاب مع المسؤولين وابحث بدقة متناهية , خيارات مفتوحة امام الناخب بين قائمة جيدة ومرشح جيد وبين قائمة سيئة بالأغلب ومرشح جيد وهنا في الثانية الجيد لا يستطيع التغيير لسطوة حيتان كبيرة على القرار , اذأ الانتخابات عمل مقدس لضمان الحاضر والمستقبل يحدد فيه الناخب خياراته بكل طهارة بعيدة عن الأغراءات من عشيرة ومال وسلطة وعرق وطائفة وقومية , وحينما يتطهر الانسان من تلك الادران التي دفعت باتجاه العصبية يصدق الخيار, و بذلك عليه ان يتوضأ ويكون بنية خالصة بأختيار من يستطيع خدمة المجتمع الأكفأ في مجال عمله القريب من الناخب والمتطلع للواقع بمستقبل مشرق .