23 ديسمبر، 2024 1:59 م

عليكم بالمطعم الهولندي ..وكفاكم شحا يا أعداء بشندي !!

عليكم بالمطعم الهولندي ..وكفاكم شحا يا أعداء بشندي !!

ما أكثر ما تمتم الأسيوطي – عم بشندي – متذمرا من البخل وأصحابه بأبيات حفظتها عن ظهر قلب لكثرة ما رددها على مسامعنا  في كل موقف يمر به  مع أحدهم،  يوم كان يعمل  أجيرا في أحد مقاهي منطقة “المربعة ” وسط بغداد :إن جاءه المسكين يطلب فضله… فقد ثكلته أمه وأقاربه

يكر عليه السوط من كل جانب…وتكسر رجلاه وينتف شاربه
يومها  لم أدرك المضمون العميق لأبيات بشندي المستلة من كتب الأدب العربي التي حفلت بذم الشح  ولعل كتاب ” البخلاء ” للجاحظ من أشهرها وأكثرها تداولا الى  يومنا هذا ، وها أنذا استذكر البخل وضحاياه متأثرا  بالمقاطع الفيديوية المؤلمة الى حد البكاء التي تبث تباعا عن معاناة نازحي الموصل وهم بعشرات الألوف
( 100الف حتى الان ) من الريح الصر ، والليالي القر  وتزاحمهم على شاحنات المساعدات الإغاثية التي تصل اليهم بـ….القطارة للحصول على ما يسد رمقهم ويطفئ جوعهم بعد ان فقدوا كل شيء وتركوه خلف ظهروهم .واضيف ، ما دمنا نعيش اليوم في زمن ” الشح المطاع والهوى المتبع وإعجاب كل ذي رأي برأيه ” فلنتفق إذن على ان الحكمة  هي ضالة  المؤمن ، فخذ الحكمة ولو من اهل النفاق  ” ، كما جاء في الأثر ، بمعنى ان العمل الصالح والقول الطيب يؤخذ من أي اناء نضح منه لطالما انه لا يتقاطع مع مبادئنا ومثلنا العليا وبالأخص في جانب التطبيقات الميدانية والتجارب العملية التي سبقنا اليها آخرون حول العالم .لقد بحت أصوت الخيريين وهم ينادون على مدار خمسة أعوام بإستحداث مطابخ مجانية للفقراء والمعدمين قريبة  من مخيمات وكامبات النازحين  ولكن من دون جدوى ، حشرجت حناجر الخيريين وهم ينادون الصيادلة واصحاب المذاخر لتخصيص جزء ولو يسير من أدويتهم للفقراء ممن لا يجدون ثمن الدواء وتحديدا لأصحاب الأمراض المزمنة والسرطانية وكبار السن – ما كو فايدة – !!  لطالما خنقتهم العبرة  وهم ينادون بتخصيص يوم واحد اسبوعيا في عيادات الأطباء الاختصاص لعلاج الأرامل والأيتام والمعاقين مجانا ، كذلك الحال مع أصحاب مختبرات التحليلات المرضية والإشعاعية والسونار والمفراس الحلزوني – يا أخي فلتكن  زكاة لمالك ، صدقة قليلة تدفع بها مصائب كبيرة ، عطاء تطفيء به غضب الرب وتتحاشىى به  مصارع وخاتمة السوء لكل ولعيالك . 
خفتت ان لم تكن قد اختفت وتلاشت أصوات الخيريين لكثرة ما أهابوا   بالمضمدين لتخصيص ساعة في الأسبوع لتضميد جراح فقراء المرضى وقياس الضغط والسكري والحرارة وزرق الإبر وختان الأيتام مجانا ، وهم ينادون التجار وأصحاب المحال والأسواق  والبقالين بإسقاط الديون – ديون الدفاتر- التي يلجأ اليها المحتاجون ولو لمرة واحدة في الشهر وما نقص مال من صدقة !!  أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياء ولا حياة لمن تنادي ، ودعونا نطلع على  تجربة انسانية في هذا المضمار لعلنا نقتبس من نورها شيئا  نقلده  من باب الحكمة ضالة المؤمن ، وان كنت اشك باقتباسها محليا مع سبق الإصرار والترصد .
 الأديبة والإعلامية السورية ، ماجدولين الرفاعي ، نشرت قبل أيام على صفحتها في “فيس بوك ،” مشروعا خيريا جديرا بالإهتمام من هذا النوع فيما اشارت الى مشروع آخر مشابه له في مكان آخر – دقيقة ، لا تفرح ، مو عبالك بالعراق ، تره بهولندا أغاتي ، أي داكلك أخاف تتوهم ! تقول الرفاعي مرفقا بصور لمطعم جميل ينافس مطاعم  الدرجة الأولى  :  ” هذا المكان ليس صالونا أدبيا برغم مظهره الفني الأنيق ، انه مجرد مقهى افتتحه أحد الهولنديين وزوجته كانا يعملان في المجال الانساني في دول عدة قررا  الاستقراربعدها  في هولندا واقامة هذا المكان الجميل الذي يقدم المشروبات الساخنة ووجبات الطعام و خدمة الانترنت وعنوان ثابت لتسلم البريد لمن ليس لديه عنوان ، كل ذلك مجانا للفقراء “، مضيفة ، ان ” كل من يعمل في هذا المكان انما يعمل بشكل طوعي من دون مقابل مادي  لمساعدة الفقراء على إيجاد أماكن لهم للترويح والتعارف فيما بينهم ولخلق علاقات اجتماعية ودية  يفتقر اليها  الفقير بسبب عوزه!”.  وأردفت شاعرة الياسمين السوري ، ان ” هناك تجربة هولندية أخرى حدثت في حديقة كبيرة وسط أمستردام خلاصتها ان  بعض المشردين كانوا يعيثون فسادا بها ويمضون يومهم فيها  من دون عمل ، فعقدت  البلدية معهم اتفاقا على تقديم المأكولات والمشروبات الساخنة لهم مجانا في اوقات محددة مقابل تنظيفهم واهتمامهم بالحديقة ، فأصبحت من أجمل وانظف الحدائق في عموم هولندا ، بمعنى  انهم استثمروا جهود المشردين  والعاطلين ونظموا امورهم مقابل خدمتهم لبلدهم “،  لا أعلم  لماذا ومع المقترح الأخير تذكرت أمانة بغداد التي نرفع مع كل زخة مطر تغرق بسببها شوارعنا ومنازلنا وأحياؤنا ،  يافطة نحملها ونحن نقف وسط برك المياه الآسنة  مكتوب عليها ” عاشت امانة العاصمة ولتسقط …الأمطار” ، شكرا للرفاعي ابنة سورية  الغالية ، فرج الله همها وكشف الكربة عن شعبها وشعب العراق ، وتبا  للبخلاء ممن لاتحرك ضمائرهم ولا جيوبهم   كل تلك  المآسي المفجعة التي يمر بها العراق ، ولله در الأديب اللبناني الشهير ، نصيف اليازجي،  القائل في ذم البخل والبخلاء وما اكثرهم في عراقنا الجريح :قد قال بعض إن خبزك مالح…والبعض أثبت بالحلاوة حكمه
كذب الجميع بزعمهم في طعمه…من ذاقه يوما ليعرف طعمه؟؟
اودعناكم اغاتي