بعد أن کان النظم الايراني خلال الاعوام السابقة يحرص على أن تلتزم الاحزاب والميليشيات العميلة المسيرة بأمره، بالقوانين المرعية في بلدانها ولاتخالفها إلا في الحالات الاستثنائية، فإن الاشهر والاسابيع الاخيرة قد طرأ تغيير واضح على هذه القاعدة وصارت مخالفات وإنتهاکات هذه الاحزاب والميليشيات تتزايد بصورة ملفتة للنظر کما صارت التدخلات غير العادية لهذا النظام في هذه البلدان تتسع دائرتها ونوعيتها، وهو أمر يمکن تفسيره بتخوف النظام وقلقه من أن الاحداث والتطورات القادمة من وراء الازمة القائمة بينه وبين الولايات المتحدة الامريکية ولاسيما فيما لو أخذت إطارا وسياقا غير الذي ينتظره ويتصوره النظام الايراني.
النشاطات والتحرکات غير المسبوقة للميليشيات والاحزاب التابعة للنظام الايراني وخصوصا في العراق والتي باتت وتائرها ملفتة للنظر وخصوصا من حيث إستغلال الاوضاع الاقتصادية والحصول على أکبر الفوائد والارباح شرعية أم غير شرعية، والذي يجب أن لايفوت أحدا هو إن للنظام الايراني حصة الاسد من صفقات النهب والسلب التي تقوم بها هذه الميليشيات ولاسيما وإن معظم التوقعات قد أکدت بأن النظام الايراني وفي تصاعد أزمته الخانقة من جراء العقوبات الامريکية فإنه سيلجأ لإستغلال العراق إقتصاديا وماليا من خلال الاحزاب والميليشيات التابعة له.
هذا الاستعجال في النهب والسلب والاستغلال هو أکبر دليل على تخوف ليس النظام الايراني لوحده بل حتى عملائه في بلدان المنطقة عموما والعراق خصوصا ولذلك فإنهم منهمکون ومشغولون بالطريقة والاسلوب ذاته، ولاريب من إن الدور السلبي للنظام في بلدان المنطقة ونشاطات الاحزاب والميليشيات العميلة له فيها لم يعد المجتمع الدولي ينظر لها بعين الراحة والاطمئنان بعد أن تجاوزت الحدود المألوفة لها ويجب أن لاننسى بأن هذا الدور والتدخلات والميليشيات العميلة هي من ضمن النقاط ال12 التي وضعتها وزارة الخارجية الامريکية للتفاوض مع النظام الايراني من أجل التوصل الى إتفاق نووي جديد.
هذه الاحزاب والميليشيات المکروهة في بلدانها والممقوتة من جانب الشعب الايراني، تعيش هي الاخرى حالة من القلق والحيرة وتتوجس ريبة من المستقبل الذي صار غامضا بالنسبة لها خصوصا وإنهم يعرفون جيدا بأن النظام ليس هو مستهدف من جانب الولايات المتحدة بالدرجة التي هو مستهدف فيها من جانب الشعب الايراني والمقاومة الايرانية حيث يتربصان به الفرصة المناسبة من أجل الانقضاض عليه وإسقاطه کما فعلوا مع النظام السابق، وإن معظم تحليلات وآراء المراقبين السياسيين ترى بأن فرص بقاء وإستمرار النظام الايراني من جراء هذه الاوضاع وتداعياتها، أقل من قليلة وإن مصيره وفي أحسن الاحوال قد صار على کف عفريت.