23 ديسمبر، 2024 11:55 ص

على من يقرأ البعض مزاميرهم؟ على من يقرأ البعض مزاميرهم؟

على من يقرأ البعض مزاميرهم؟ على من يقرأ البعض مزاميرهم؟

الذين يتابعون تصريحات البعض من خارج حدود وطننا العراق وداخله من على شاشة الفضائيات هذه الايام.. يمكنهم ان يستنتجوا اي شيء الا صحوة الضمير عندهم وخشيتهم على مصير الانسان العراقي، لأن هؤلاء لا ضمير عندهم سوى تنفيذ تعاليم اسيادهم في الوقوف بهذه الذريعة او تلك بوجه نزعات التحرر والارادة العراقية في العيش الكريم وحفظ الكرامات والقيم….

وهؤلاء قد كشفوا بتصريحاتهم وكتاباتهم عن حقدهم وما يحملونه من مركبات نقص وعقد نفسية على زيف شعاراتهم ومبادئهم الخاصة بحقوق الانسان والديمقراطية والشرعية… من الشعارات التي باتت تبعث في النفس الغثيان لكثرة ما رددوها كذباً ونفاقاً…

فتصريحاتهم ليست سوى ترديد لمزاعم وتلفيقات تطلقها ادارات اسيادهم لخدمة اهدافها السياسية المعروفة…

العراقيون من جانبهم لا يؤخذون بمثل هذا النفاق السياسي، فهم يعرفون جيداً الهدف منه وبالتالي هم مستعدون لافشال اهدافه الاجرامية بكل وجوهها مهما كلفهم الامر.

ان النفاق السياسي جريمة سياسية ووطنية ودينية واخلاقية، وهو جريمة جبانة، لان الطعنة من الخلف وفي الظلام المتآمر يقدر عليها اي صبي مراهق. والثوريون من الرجال الذين يجاهدون في سبيل مبادئ وقيم مهما تكن حيوية هذه المبادئ ونوعية تلك القيم، يرفضون تعففا وتأبيا وكرامة، النفاق السياسي كوسيلة.

وقلما نجد في تاريخ السياسات الدولية نفاقاً نجح في اسقاط نظام او تغيير مجتمع… فالنفاق السياسي يخفق تماماً ولا ينجح الا في اشاعة الفوضى والرعب بين ربوع اي وطن آمن.

وفي ضوء هذا الطرح، يصبح من الضروري عرض بعض الحقائق البديهية التي قد تكون غرقت في زحمة التطورات المتلاحقة والتفاصيل اليومية… لذلك يبدو ان هناك ضرورة ماسة حالياً الى نبش بعض هذه الحقائق الغارقة بين خلايا عقول البعض من العراقيين.

ولعل اهمها وابرزها على الاطلاق، الحقيقة التي كانت حتى وقت قريب من البديهيات في المواقف السياسية، وهي المصداقية في النية والفعل، ولا سيما في الشأن الوطني.

ففي العقائد وحملتها ودعاتها، ينظر الناس الى صدق الالتزام اكثر من نظرتهم لبلاغة الكلام. ويهمهم ان يكون الداعية واحد متحد في القول والفعل، لا يكذب لسانه قلبه ولا تنفصل خطاه عن منهجه وطريقه… فالذين يحسنون تزويق الكلام كثيرون لكن الذين يلتزمون بما يدعون اليه الناس قليلون.

ولعل بسبب من ذلك قلَّ اقبال جماهيرنا الواعية على سماع او قراءة خطب واحاديث هذا النفر ومن يساندهم هنا وهناك حول قضايا الدين والوطن والامة والسياسة والتاريخ بعد ان تكشف لهم بالتجربة والممارسة حقيقة هؤلاء الذين يحدثونهم عن مثاليات الحياة ومكارم الاخلاق وشرف التضحية من اجل العقيدة والمجتمع والامة في الوقت

هم انفسهم ينفلتون عن هذه المبادئ وينقلبون عليها ليتفرغوا الى مكاسبهم وشهواتهم وراحتهم ورفاهم في الدنيا وكأنهم ما دعوا الى الخير او مكرمة…

فأننا لم نسمع او نقرأ لواحد من هؤلاء حمل راية المبادئ في احاديثه وكلماته ثم نلقاه بعد ذلك في اسلوب حياته وفي تعامله مع افراد شعبه وامته أبعد ما يكون عن صراط هذه المبادئ.

وقد يسمح الواحد منا او يقرأ لهؤلاء دعواته لرفع لواء الوحدة الوطنية او القومية العربية ثم اذا هو في ممارساته حامي حمى الفدرلة والمناطقية لأن فيها مكسبه ومصلحته ومنصبه.

وقد نسمح ونقرأ لهؤلاء تنظيراً في التكافل الاجتماعي حتى ليخيل اليك والينا انه لديه التزاماً حقيقياً بهذا الامر، ثم نسأل عنه فاذا هو غارق في الثروة حريص عليها حتى آخر شعرة في رأسه.

بعد هذا… هل من الممكن ان تأخذ جماهيرنا الواعية ما يقوله ويكتبه ويصرح به هؤلاء واولئك مأخذ الجد؟!

ان الكلمة الموجهة التي لا تستمد قوتها من التزام صاحبها، لا يمكن ان تكون اكثر من بالون فارغ سابح في الفراغ. فالنفس البشرية مرآة صافية شفافة ترى في الكلمات والاقوال أبعد واعمق من حروفها. وليس صحيحاً ان الناس لا يحاكمون هؤلاء، انهم يميزون بين الابيض والاسود ويحفظون لصاحب الفضل، ويسقطون من حسابهم كل مراوغ مخادع كاذب… وستظل واعية لألاعيب بهلوانات السياسة الذين باعوا دينهم وانتمائهم وشرفهم بدنياهم.

*[email protected]