الآن ..وقد شغل العراق كله بحفلة زفاف جماعي ل325 نائبا , انفقت خلالها مليارات من الدنانير, وتطلبت العمل الدؤوب من قبل مئات الآلاف من الموظفين , وقوى الأمن , واستقطبت هذه (الهيصة ) اهتمام وسائل الإعلام العربية والدولية السوداء والبيضاء والرمادية والصفراء , والشخصيات السياسية الدولية حتى طال الأمر الرئيس الأمريكي , ووزير خارجيته فيما عملت غرف (الخباثة ) في ( ايران) و(السعودية) و(قطر), وذيولها في العراق على (موالاتها) , وملئت شوارع المدن العراقية ب (زبالة) الدعايات الإنتخابية , مما وفر الفرصة ل(العتاكة) لحيازة موارد لايستهان بها من (الحديد , والخشب , والنايلون ) من دون مقابل ! وقد ارتاحت انفاس اللآهثين خلف الأصوات المقادة والمؤثر بها , من خلال مغريات عينية ومادية و(روحانية ) ..فيما حاول بعض من توسل الصدق والموضوعية النفاذ من بين حيتان الإنتخابات , لأحتلال موقع ما , حتى لو كان في نهاية الصفوف , بعد أن شغلت المقاعد الأمامية في مسرح الإنتخابات , شخصيات هي ذاتها لم تكن لتصدق, ان الرياح قد حملتها الى المقعد النيابي , وقد جيرتها تجارب السنوات العشر الماضية ك(طبقة سياسية) , بينها وبين اهداف الشعب العراقي بون شاسع ! فقد عبرت هذه الطبقة عن مهارة في كل (الموبقات) , دون أن تعبر عن (مهارة) في تأمين وحدة العراقيين وأمنهم , وتطوير اقتصادهم , وترصين كيانهم السياسي , واستثمار ثرواتهم الوطنية من دون هدر او مغالاة !
كل هذا (النق والنقيق) ..ومسرحيات عرض البطولات , وحفيف اللحى والشوارب الكثة المخضبة بالأصباغ السوداء , و(السكسوكات من شتى الرسوم الهندسية المدورة والمثلثة والمربعة والإسطوانية ), وبرامج الفضائيات قبل وخلال وبعد الإنتخابات , ودعوات المرشحين الباذخة , واستنفاذ الخطوط الهاتفية , والمناكفات المقترنة بالصلافة والتسقيط والقصدية , والبحث عن الهوامش والفضائح الشخصية , التي جرحت الذوق العام , وأبانت عن ضحالة كثير من المرشحين المتهافتين على لقب (نائب) !
بعد كل ذلك لانجد نحن البسطاء من ابناء العراق, اية حصيلة حقيقية على الأرض , سوى تمتع 20 سياسيا اضافيا من (المجلس الإسلامي – المواطن) بصفة (النائب) , مع عدد لايزيد عن 20 (نائبا) دفعت بهم (الكتل) الصغيرة المتكابرة ! اما غير ذلك , فلا ورب الكعبة !
العراق اليوم يأن من جراح اثخنتها السنوات العشر الماضية , تمثلت في نتائج عجز امام تنظيمات تكفيرية دخلت العراق بفعل العجز الأمني ..وقصف واجراءات انتقامية من مدن كاملة , بسبب احتضان بعض سكانها لعناصر من الخارج , وفشل سياسة احتواء اطراف معارضة بالغت في طرح مطالبها , بناء على تدخلات خارجية , ومطامح لبعض الشخصيات المتقدمة في قيادة هذه المعارضة ..وهذا الأمر كان يمكن ان تحله الإتصالات المباشرة ,فهؤلاء يمكن ان يكونوا قد بالغوا أو ان دوافعهم كانت غير مدروسة .. وللحكمة هنا دور.. ولكن هذه الحكمة قد افتقدت , بل عولجت القضية باجراءات انتقامية ,طالت الآلاف من الأبرياء , وخلقت مشكلات اجتماعية جدية . وماتردد من اخبارعن مصالحة بين جهة معينة ذات تاثير كبير على القتال بينها وبين نوري المالكي , كان يمكن ان تحدث هذه المصالحة , او لايحدث هذا القتال مطلقا ..واذا كان مثل هذا الإتفاق قد حصل فعلا ,فكيف يمكن ان يتحول (القاتل ) الى وطني يعتمد في بناء العراق؟ وتامين وحدته .. معنى هذا ان جميع الإتهامات السابقة لهذا الإتفاق كانت كاذبة !
اذن فقد ارتكبت جريمة (ابادة جماعية ) , عندما تقصف مدن بالمدفعية بعيدة المدى والطائرات , (لتحرير) مدينة من قبضة (مجموعة متمردة) ..وهذا في اعراف (الدولة المدنية) ,غير جائز ولاتجيزه القوانين الإلاهية والوضعية !
السؤال المباح في زمن (الإنبطاح) ؟
ما الذي يمكن ان يفعله (المجلس) أو(التيار الصدري) أو(متحدون) أو (علاوي) أو(الفراطة) من النواب , ذوي الخمسة والعشرة وحتى العشرون في مواجهة من يملك مائة مقعد ؟ الذي تقف خلفه دولة اقليمية جارة , لم تهزمها الولايات المتحدة (بزرها ) ؟ وهل باستطاعة القوم المعارضون للمواقف والسياسات المنبوذة من غالبية الشعب العراقي ان يفعلوا شيئا ؟ وقد تراكمت ارتكابات حتى صارت جبلا , ليس بمقدوراية محاولات (اصلاحية) ازالته, من دون عمل استثنائي ينسف كل هذامن الأساس !
اليوم صار الفساد والإفساد ,ومجانبة هواجس الضمير , والإستهتار بالقوانين الناظمة للحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية ..صارت كل هذه الأمراض امراضا مزمنة ! استوطنت الطبقة السياسية النافذة ,الا من بعض محاولات الخروج عن هذه الأطر , وهي في الحقيقة على غير فعالية مؤثرة , غير اللغط وثرثرة المجالس والفضائيات !
لنا الحق في القول الآن , أن (ايران) هي اللآعب الأساس في العراق , وهذا ماتؤشره زيارات ابرز شخصيات العملية السياسية الى (ايران) قبيل حسم نتائج الإنتخابات وتشكيل الحكومة المقبلة !
وان (الولايات المتحدة) متواطئة أو راضية على (مضض) بما يجر في العراق ! واذا كانت للعراق بالنسبة ل(أميركا بوش الأب والإبن) أولوية في السياسة الخارجية , فان ل(أميركا) اليوم أولويات أخرى , نالت من مستوى اهتمامها بالعراق ! فقضايا مثل حسم الموضوع الفلسطيني لجهة نصرة الموقف (الإسرائيلي) , و(مجاراة) الدهاء الإيراني في قضية مشروعها النووي , والقضية السورية , والحفاظ على نفوذها الشكلي او الفعلي على الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط , من دون أن تجرها اي من هذه القضايا الى التضحية بالجنود الأمريكان ثانية , كما فعل (بوش الإبن) في حربه وغزوه العراق ! كل تلك قضايا ذات اولوية بالنسبة ل(اميركا) .. فقد اسقطت الأنظمة التي تصفها ب(الراديكالية) , أو تلك التي فقدت مبررات وجودها ..وصارت الساحة مهيئة لإبدال الوجوه القديمة بوجوه أخرى جديدة , كما فعلت في (مصر السيسي) ..والآن فقد اطلقت مرحلة (دعهم يتصارعون فيما بينهم ولنا الصافي ) !
اذن .. ليس من الممكن النظر الى مايجر برؤية تفاؤلية , يمكن ان تخرج العراق من محنته وضياع بوصلته ! فهذه الشخصيات المنتخبة ,هي ذاتها التي اوصلت العراق أو أسهمت في وصوله الى هذه المرحلة ,من التشظي والصراعات الظاهرة والدفينة ,والفشل في ادارة الدولة والمجتمع , واعاقة تطوره , وبنيانه واضاعة ثرواته, ونزيف دماء ابنائه , طيلة عشر سنوات ماضية ! واذا كان البعض ينتظر من هؤلاء (النواب) العمل المفيد , فاننا نسأله ..أين كان هؤلاء السادة من العمل المفيد ؟ ومن هو الذي منعهم فعلا من الإتيان به .؟ وما هو الجديد الذي حصل لكي نتفائل ؟ هل بصعود عشرون او ثلاثون نائبا اضافيا مثلا ؟ ام بنفاذ عشرون آخرون من كتل لم تكن بالحسبان قيل انها (مستقلة ) ؟ ولا شيء في السياسة ببلدان العالم الثالث يتمتع فعلا ب(استقلالية القرار والموقف)..لا أظن أن أمر الإصلاح او التغيير, يمكن أن يحدث , فيما اذا يقيت هذه (الطبقة) السياسية متحكمة بمواقع القرارات الحاسمة !
وانا لغد العراق القريب مترقبون !
ورود الكلام …
يتغنى بعض الكتاب , وشريحة واسعة من المواطنين, بانتخابات (مجلس النواب العراقي) في العهد الملكي ! نتيجة لما تذوقه العراقيون من ألام ومصائب نزلت على رؤوسهم ,منذ سقوط العهد الملكي عام 1958 حتى اللحظة !
وما عرف كثيرون ان انتخابات (مجلس النواب) في العهد الملكي ,كانت تجري خارج صناديق الأنتخاب في الغالب ! فقد كان الباشا نوري السعيد ,ذي اذرع ممتدة في جميع انحاء العراق, وخاصة بين العشائر العراقية النافذة , ومهما حاولت بعض الشخصيات المعارضة لسياسته الحصول على اصوات , فانها تاتي باهتة , لم يكن باستطاعتها الوقوف امام ارادة (السعيد) ! فهو من يعرف مصالح العراق اكثر من اي سياسي آخر ! حتى ان مؤسسة البلاط الملكي تدين بالرأي له !
على اننا ينبغي ان نذكر لتلك الطبقة السياسية المتمتعة بهامش من (الليبرالية) , رصانة المواقف , والتهذيب في طرح الآراء المعارضة , مع ان يعضهم ينزل عليه (سلطان النوم ) , فيغفو خلال الجلسات , حتى يصيح رئيس المجلس” من يوافق على هذا القرار ” ؟ ف (يدغّه ) مجاوره , ليصيح رافعا يده
” موافج” !