المعروف بالتراث العربي ان دوام الوصل مع مانريد لأنفسنا يقينا سماع كل قالةٍ قبيحة من الناس أو يكثر بيننا القيل والقالا . وهذا مايحدث في هذه الأيام التي تتساقط فيها أعواد الأبراج الكهربائية العراقية على يد وعلٍ مخرّب مثلما تتساقط المدن الأفغانية على يد وعل طالبان , ولا كلب نراه ينبح على الوعول المخربة في العراق , ولا بعير او بغل من قطعان السياسيين بالعالم تشنج جلده لرؤية خلق الله الأفغان وهم يتسكعون جياعآ ويهيمون بالعراء تحت قرون وعل طالبان التي أنِقوا بها بعد عشرين عامآ من سفكها للدماء , بل وراقتهم ان تنشر غبرة الرماد والدخان ثانية في عموم افغانستان .
وبين طرفي هذا الحبل المفترض الممتد من العراق الى افغانستان مازال الوعل المخرّب بعصمة صياد ثمل ماله من فواق .
اما مدن افغانستان فقد مزقتها صنعة الطائفية والقبلية التي زادت بتكفير طائفة وتفضيلها على أخرى , فضلآ عن الولاءات الخارجية وأمراء الحرب الأذناب , اللاهثين وراء الزبرقان الأصفر على حساب الفقراء الذين لايملكون سوى رزم الريح تحتهم ليناموا في اجواف الأحجار والكهوف بلاطعام لأيام .
وفي العراق الذي تعلّق به الإرهاب كتعلّق النواة بالتمر كلما دنا الشتاء أوأشتد به القيظ , فقد منحت غرائز السياسيين الطبيعية قذى العين لهم فتراهم لايعرفون الى من يعطون ودهم او بمن يرون هواهم في حكمهم , فعزموا على اللجلجة بالحديث العقيم كعذر عن إيجاد الحلول الواقعية التي تسردق (=تحيط ) الأبراج على الأرض قبل تهتكها كما تفعل طالبان بالمدن .
ويظل الوعلان المخرّبان يتناسلان على طرفي الحبل مكتنزي اللحم , صعبان على الشواء دون ان يكشف عن ذيلهما أحد بالرمح , لأن من يسردق الأبراج هنا بالعراق ليس بطيّب النفس وليس على السكة وهو ربما ينتظر أن يستكرش الوعل المخرّب ويغلظ طرف حبله وتتساقط مدنه كما أنتظر بايدن من دون أن يندم او يستر وجهه حياءآ على مافعل من جهل في إنسحاب قواته غير المدروس أخلاقيآ أن يغلظ طرف حبل طالبان ليرمي بأفغانستان في هوّة النار , ويكيل لها جزاء مافعلت بأسلافه تحت كركرات الرياح من تساقط للمدن مع الدم الأحمر , ليفك رهنها وأسرها . عدم الندم هذا إنما هو درس تشفٍ وعدم إنكسار من الحزن لما سببه ذلك الإنسحاب . وقد أمعن بايدن في عرض عدم اهتمامه بقضية افغانستان امام العالم عندما طلب التهدئة بين قوات تيغراي والحكومة الاثيوبية وهو الفاتك بأفغانستان واهتمامه بمايجري في تونس التي لاتحتاج الى وقفته الكاذبة تلك .
على هذا الشكل يظهر الشبه بين الوعل المخرّب بالعراق وبين وعل طالبان لأنهما من رحم واحد , لاثواب ترجوه مما ينجباه ولا نِعم . فهل يطمع العالم من طالبان كما يطمع السياسي العراقي من الوعل المخرّب ان يدخلهما جنة النعيم إذا تأخرا عن تركه يستكرش على طرفي هذا الحبل ؟!
وهل يثق السياسي العراقي بالرئيس بايدن بعد الإنسحاب من العراق ويظفر منه بالخير بعدما اطلق وعل طالبان , وفي بطن البلاد وعل مخرّب ليس فقط لم يكشف عن ذيله بالرمح أحد , بل لم يقطع اذنه أحد من السياسيين حتى الآن ؟!