يا سيدي المسيح!
أحييك ياسيدي وأهنئك بمولدك الأغر، وانت تولد للمرة التاسعة عشرة بعد الألفين..
أما أتعبتك الولادات سيدي؟!
وفي كل مرة تعمر الموائد بما طاب من مأكول ومشروب ويتبادل الهدايا المترفون وأشباه المترفين وتنفق الملايين من الدولارات على الزينة والألعاب النارية والمباهج البريئة وغير البريئة..
أما ملايين الفقراء من أتباعك ومحبيك في مشارق الأرض ومغاربها فلا يكون من نصيب لهم سوى الصلاة في الكنائس! وفق ما أحبت الزاهدةُ العابدة البصرية رابعة العدوية اللهَ لا طمعاً في جنة ولا رهبة من نار! وملايين من الفقراء ممن أحببتهم لايدرون بيوم مولدك فهم منشغلون في كدحهم من أجل لقمة عيش تقيم أوَدهم لتبقيهم أحياء .. و”رب عيش أخف منه الحِمام” كما قال أبو المحسَّد!
أما محبك العبد الفقير فقد أحبك حباً صادقا لا مَلَقا ولا كذباً ولا طمعاً في جنة ولا خوفاً من نار، أحبك مذ سمع كلمتك في البدء، ومذ عرف أنك محب للناس حباً صافياً لا شائبة فيه كلفك حياتك، ومذ أدرك أن الناس سواسية لا سيّد فيهم ولا مسود، ومذ عرف أنك قلت كلمتك وأديت رسالتك ولم تجبر أحداً بقوة سيف ولم تسفك قطرة دم! .. نعم تعلم منك أن الكلمة شرف، وزادها الرسول الأكرم بعدك: أن الكلمة الطيبة صدقة..لقد قاده هذا الحب الى حب بوذا وعلي والحسين وماركس وتروتسكي وجيفارا..وهؤلاء رسل كل على طريقته وزمانه ومكانه!
محبتك للفقراء وكرهك للظلم ألهمت تلك النخبة من القُسُوس الكاثوليكيين في أمريكا اللاتينية أن يجعلوا ويروا مبادءك السمحاء نواة لتبني الماركسية ومقارعة الاستعمار لا في قارتهم اللاتينية في خمسينات القرن الماضي وحتى نهاية ثمانينياته في حركة ثورية تقدمية هي “لاهوت التحرير”..التي كان من ثمارها تجربة الحركة الساندينية في نيكاراغوا والثورة الكوبية والثورة العالمية التي مارسها جيفارا ورفاقه.. وكل حركات اليسار في أمريكا اللاتينية والتي عبرت الى حركات التحرر في أفريقيا وآسيا..
والهمت كتاباً كباراً ليس بوسعي ذكرهم جميعهم وإنما دفعت بمثل دكتور علي شريعتي من إيران، ودكتور حسن حنفي من مصر ودكتور حسين مروة من لبنان ومالك بن نبي من الجزائر، نعم دفعتهم الى اليسار ولامسوا الماركسية وانحازوا لقضايا الشعب والوطن..
ويا سيدي المسيح؛
تمنيتك ياسيدي أن تعيش زماننا العراقي هذا لترى بأم عينيك أي حكّام لصوص لبسوا ثوب الدين ومارسوا الموبقات والنهب بلا وازع من ضمير، وقد ضربوا كل قوانين السماء والأرض عرض الحائط وراح يفتكون بالشبيبة المسالمة المطالبة بحقوقها قتلاً وضرباً بالحديد والنار والغاز الخانق.. فهل يمكن لنا سيدي أن نُحب أعداءنا؟!
أحسب سيدنا أن الظلم في زماننا أكثر فتكاً والجور أكثر عتوّا من أي زمان مضى، فكلما تمدن الإنسان زاد عامل الشر فيه إلا من رحم ربي!!
السلام عليك ياسيدي المسيح في يوم مولدك..
وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة..