القائد اذا ما اراد ان تستمر مسيرته فعليه ان يهيء من يخلفه بعد رحيله حتى يضمن استمرار المسيرة وهذا الهدف هو مشترك بين كل من يؤمن بالمسيرة ، واما ما يحمل القائد من افكار فهي ليست حكرا عليه فهنالك من يحمل فكرا وثقافة رائعة ولكن الاشكال في ترجمتها على ارض الواقع لتكون مسيرة ثابتة يقودها جيل من الناس قادر على تحمل الصعاب اذا ما اعترضته .
الهدف الحفاظ على تراث اهل البيت عليهم السلام ونشر ثقافة اهل البيت عليهم السلام لتشريع قانون يحقق العدالة للبشرية وهذه الاهداف لها ثوابت يجب توفرها حتى تتحقق ، وهنا قد يختلف القادة في كيفية تهيئة الارض السليمة لتحقيق هذه الغايات .
لا يوجد اي اختلاف في المفاهيم التي تاملها المرجعية في النجف الاشرف منذ تاسيسها والى يومنا هذا الكل متفقون على ما ذكرته اعلاه واخص بالذكر اتفاق علمائنا في الستينيات والسبعينيات بخصوص الاهداف التي تعمل عليها الحوزة العلمية في النجف .
لا احد يستطيع او يتجرا في التشكيك في عبقرية السيد الشهيد محمد باقر الصدر في فلسفته واستقرائه للواقع وتشريع الحكم المطلوب ، نجزم لو قدر للسيد الشهيد ان يحكم مجتمع مختلف المذاهب والاديان لاستطاع ان يحقق العدالة بينهم بالقدر الذي يتمكن منه لان تحقيق العدالة بالكامل مرهون بظهور الحجة عليه السلام ، ويبقى السؤال الحكم العادل يجب ان تكون له ادوات لصدوره والامتثال له ووضعه في مكانه الصحيح اي تطابق الحكم وموضوعه والجهة التنفيذية للحكم .
اي اشكال يعترض المرجعية في ذلك الزمن انا اجزم كل المراجع متفقون على نوعية الحكم حتى وان اختلف بجزئياته ولكن بالعموم الحكم واحد والاختلاف في امكانية الصدور والتطبيق .
هل يرى السيد الصدر زندقة البعث وظلم الطاغية ولا يراها السيد الحكيم او السيد الخوئي ؟ هل يامل السيد الصدر بحكومة اسلامية ولا يامل بها السيد الحكيم او السيد الخوئي ؟ هل درس السيد الصدر الخطاب الاسلامي بعمق ولم يدرسه السيد الحكيم والسيد الخوئي ؟وغيرها من الثوابت المشتركة .
اما الاحزاب فان كثر الجدل حولها وعدم قناعة الاطراف فيما بينهم والكل لديه بينة فيما يدعي قد يصبح الحق ضبابيا في ذلك الزمان ولكن الان اصبحت الاجواء متاحة للاحزاب لتظهر قيادتهم اولا وتعامل الجمهور معهم وترجمة ما يدعونه من افكار نادى بها السيد الصدر.
هل هنالك قائد تمكن مواصلة مسيرة السيد الصدر بعد استشهاده ؟ اغلبهم ترك العراق ، هل هنالك جماهير بالمستوى الذي كان يامله السيد الصدر وقفت الى جانبه قبل وبعد الاستشهاد ؟ هل هنالك ممن يدعي انه يحمل افكار السيد او ينظر لثقافة السيد استطاع ان يبرهن هذا الامر على ارض الواقع ؟
حقيقة تنظيرات وثناءات وفلسفات كل من كتب عن السيد الشهيد الصدر تصطدم بالواقع الذي هو عليه العراق بعد السقوط وكل كتاباتهم كانت قبل السقوط ، الخلاف ليس على اصل الفكرة او عبقرية السيد الصدر الخلاف على كيفية تهيئة ارض سليمة لتطبيقها على ارض الواقع .
هنالك كاتب ما ، يريد ان يلقي اسباب الفشل على المرجعيات لانها لم تؤازر السيد الشهيد ، اقول عجبا هذا رايك ، اما راي من يقلد المرجعيات يقول العكس .
هنا لا نريد ان ننكر وجود عناصر كان لها دور سلبي في تلك الفترة والله العالم بنواياها فانها بثت الاشاعة بين صفوف المؤمنين ونالت ما نالت ،وهنالك من حسبها على جهة معينة دون دليل ، واعود لاكرر القول حديثنا عن فكرة ومبادئ ونعتقد كلها موجودة بين طيات عقول كل مراجعنا بدون استثناء
تاريخ الائمة عليهم السلام ومواقفهم من الثورات العلوية هي بعينها نص يستدل به لقراءة واقعنا اليوم .
المسالة المهمة ان ماجرى ويجري في العراق ليس شان داخلي بل هنالك تدخلات خارجية في الشان العراقي لم تكن في حسابات من يقرا الواقع العراقي هذه التدخلات احدثت شرخا في المجتمع العراقي والثقافة العراقية جعلت الارض بور يعمل مراجعنا على استصلاحها لاستنهاض الهمم وزرع المفاهيم التي تثبت مجتمع اسلامي تحت قيادة حكومة اسلامية .
عندما يرحل المرجع ترى ياتي من يكمل المسيرة من بعده وهذا هو خط المرجعية منذ الغيبة الكبرى والى يومنا هذا .