22 ديسمبر، 2024 2:05 م

على أثر تداعيات الاغتيال…هذه نصيحة الجواهري

على أثر تداعيات الاغتيال…هذه نصيحة الجواهري

يبدو ان التاريخ يعود علينا باحداثه الصعبة وكأنه يقول لنا متى تأخذون العبر. ففي عام 1959م حدثت محاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم على يد اعضاء من حزب البعث وكان من ضمنهم صدام حسين.

قبل 62 عام حدثت محاولة الاغتيال في شارع الرشيد ببغداد وهذه الحادثة يعرفها الجميع، نقل قاسم على اثرها الى مستشفى دار السلام في شارع 52 بواسطة سيارته العسكرية، لم تكن اصابة الزعيم بالغة وتماثل للشفاء في حينها، وبينما كان عبد الكريم راقدا في المستشفى زاره الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري للأطمئنان على صحته والتهنئة بسلامته، وقد انشد عنده قصيدة محذراً اياه من التهاون مع البعثيين الذي يسعون لاغتيال ثورة الرابع عشر من تموز ، وجاءت هذه القصيدة على شكل نصيحة، ولا ادري لو تم الاخذ بها كيف كانت ستكون الامور ولكن بكل تأكيد كانت ستكون خالية من البعث الصدامي وما كنا 35 عاما تحت حكم دموي. والقصيدة بعنوان ( تحرك اللحد ) اقتطف منها الابيات الاتية:

هل ادَّخرتَ لهذا اليوم إهبَته
أم أنت بالأجل الممتَّدِ مُعتذر؟
أقدَمتَ إقدامَ من لا الخوفُ يمنَعُهُ
ولا يُنَهنِهُ مِن تَصميمهِ الخطر
وحَسْبُ امرِك توفيقاً وتوطئةً
إنَّ الطُغاةَ على الأعقابِ تَندحر
دبَّرتَ أعظمَ تدبيرٍ وأحسنَه
تُتلى مآثِرُهُ عُمراً وتُدَّكر
فهل تُحاوِل ان تُلقي نتائِجه
يأتي القضاءُ بها أو يَذْهب القَدَر
وهل يَسُرُك قولُ المُصطلين به
والمُستغِلين أنَّ الأمرَ مبتَسَر
وأنَّ كُلَّ الذي قد كانَ عِندَهم
على التبدل في الأسماءِ مُقْتَصر
وهل يَسُرُك أن تخفي الحُجُولُ به
ما دامَ قد لاحتِ الأوضاحُ والغُرَر
أُعيذُ تلك الخُطى جَبَّارةً صُعِقَت
لها الطواغيتُ وارتجَّت لها السُرُر
أنْ يَعتري وقْعَها من رَبكةٍ زَللٌ
أو أن يثبِّط من إقدامها الحَذَر
ماذا تُريد وسيفٌ صارِمٌ ذَكرٌ
يحمي الثغورَ و أنتَ الحيَّة الذَكر
والجيشُ خلفَك يُمضي مِن عزيمتهِ
فَرطُ الحماسِ ويُذكيها فتَستعِر
أقدِمْ فأنتَ على الإقدامِ مُنطَبِعٌ
وأبطُشْ فأنت على التنكيل مُقتدر
وثِقْ بأن البلادَ اليومَ أجمعَها
لما تُرجيِّه مِن مسعاك تَنتظِر
لا تُبقِ دابِرَ أقوامٍ وتَرْتَهم
فَهم إذا وَجدوها فُرصَةً ثأروا
هُناك تنتظِرُ الأحرارَ مَجزرةٌ
شنعاءُ سوداءُ لا تُبقي ولا تَذَر
وثَمَّ شِرذِمةٌ الفَتْ لها حُجُباً
من طُولِ صَفحٍ وعَفوٍ فهي تَستَتر
إنّي أُصارِحك التعبيرَ مُجترئاً
وما الصريحُ بذي ذَنبٍ فَيعتذر
إن السماءَ التي ابديتَ رَونَقها
يومَ الخميس بدا في وَجهها كَدَر
تَهامَسَ النفَرُ الباكون عَهدَهُم
أن سوفَ يرجِعُ ماضيهم فَيزدِهر
تَجري الأحاديثُ نكراءً كعادتِها
ولم يُرَعْ سامرٌ مِنهُم ولا سمر
فحاسبِ القومَ عن كلِّ الذي اجترحوا
عما أراقوا وما اغتلوا وما احْتَكروا
للآن لمْ يُلغَ شبرٌ من مَزارعِهم
ولا تَزحزح مّمِا شيَّدوا حَجر
ولم يزل لهمُ في كلِّ زاويةٍ
مُنوِّهٌ بمخازيهم ومُفَتخر
وتلكَ لِلحرَّ مأساةٌ مُهيَّجةٌ
يَدمى ويدمعُ منها القلبُ والبصَر
فضيِّقِ الحبلَ واشدُدْ مِن خناقِهمُ
فَربَّما كانَ في إرخائه ضَرر
ولا تَقُلْ تِرَةٌ تبقى حَزازتُها
فَهُمْ على أيِّ حالٍ كُنتَ قد وُتِروا
تَصوَّرِ الأمرَ معكوساً وخُذْ مَثَلاً
مما يَجرُّونه لو أنهم نُصِروا
أكانَ للرِفِقِ ذِكرٌ في مَعاجِمهمْ
أم كانَ عن ” حِكمةٍ ” أو صحبِهَ خَبَر
واللهِ لاقتِيدَ “زيدٌ ” باسم ” زائدةٍ”
ولاصطلى ” عامرٌ ” والمبتغى ” عُمَر”
ولانمحى كلُ رَسمٍ من مَعالمكُم
ولاشتَفَتْ بِكُم الأمثالُ والسِيَر
ولا تزالُ لهم في ذاكَ مأرُبَةٌ
ولا يزالُ لهم في أخذِكُم وطَر
أصبحتُ أحذرُ قولَ الناسِ عن أسفٍ
من أن يروا تِلكمُ الآمالَ تَندَثِر
تَحرَّكَ الَلحدُ وانشقَّت مُجدَّدةً
أكفانُ قَومٍ ظنَّنا أنَّهم قُبِروا

هذه كانت نصيحة الجواهري، كما ان العدالة تحتاج للشدة احيانا حتى تسود.