18 ديسمبر، 2024 11:53 م

علل ما يلي: انتصار الاعلام الخفي

علل ما يلي: انتصار الاعلام الخفي

عند دخولك المدرسة الابتدائية ووصولك الى المرحلة الرابعة، تتكرر على اذهانك كلمة (لماذا؟) وهي كلمة استفهامية يراد منها معرفة السبب، وعندما تكتب تلحق بعلامة الاستفهام(؟)، وعند وصولك الى المرحلة المتوسطة وما بعدها تضاف اليها عبارة (علل ما يلي)، وهي ايضاً عبار استفهامية، يراد منها معرفة كينونة بعض الاشياء، والاسباب التي ادت في النهاية الى ان يكون الامر على ما هو عليه الحال.

مواقع التواصل الاجتماعي، اصبحت من اهم مصادر الاعلام الاليكتروني الحديث، التي من خلالها يمكنك ان تروج لأي شيء كان، سياسي, تجاري, علمي, ثقافي او غيرها، لأنها وسيلة اعلامية مجانية, يرتادها الكثير من الناس بكافة مستوياتهم، ليطلعوا من خلالها على الاخبار والاحداث الجارية، حتى الأميين اللذين لا يقرؤون ولا يكتبون، فهم يستشرفون الاخبار من خلال الصور والفيديو الموجودة في التواصل الاجتماعي، وكلاً حسب اهتمامه، ومن اهم تلك المواقع هو (الفيس بوك) بالدرجة الاولى، بالنسبة للمجتمع العراقي.

الفيس بوك هو اكبر موقع الكتروني يرتاده العراقيين، يومياً وبصورة مستمرة، ومن كلا الجنسين وبكافة الاعمار، فعندما تدخل اليه اول شيء يصادفك هو الصراعات السياسية الشيعية الشيعة، وكأن العراق يسكنه ويحكمه الشيعة فقط، وان السنة والاكراد وباقي المكونات العراقية المحترمة، لا وجود لهم في هذا البلد، وكأنهم يسكنون الفضاء الخارجي، او يقطنون في كوكب آخر، بعيداً عن الكوكب العراقي.

في هذه المسألة نجح الاعلام المأجور، في التأثير على العقل الباطن، وجعل المتلقي لا يرى امامه سوى الحكام الشيعة فقط، وكأن الآخرين لم يحكموا مع الشيعة, ولم يقاسموهم الوزارات والمناصب الحكومية, وكأن الاكراد لم يستغلوا الخلافات الشيعية السنية في الاستحواذ على المناطق المتنازع عليها, ولم يفرضوا امر واقع الحال في سيطرتهم على النفط, ولم يستغلوا الخلافات فيما بينهم وبين الحكومة ليجوبوا الدول الغربية والاوربية لكسب التأييد، من اجل المشروع الكردوسرائيلي ليفرضوه قسراً.

اما الشركاء السنة فلا يراهم ولا يسمعهم ابطال الفيس بوك، فالأعلام انساهم مجازر القتل على الهوية، كما ازال من اذهانهم مجزرة سبايكر وبادوش، وحجب نظرهم عن اللذين جاؤوا بداعش، ليهجر أهليهم ويذبح أبنائهم ويغتصب بواكرهم، كما اطرش مسامعهم عن صراخ الاطفال والنساء، من حر الصيف وبرد الشتاء في مخيمات النازحين، كما امسك بألسنتهم عن بعض القيادات السنية التي سرقت اموال النازحين، وغيرها من الجرائم والاخطاء التي ارتكبها بعض قادتهم، في حق اهليهم بصورة خاصة والعراقيين بصورة عامة.

والتعليل: هو من اجل توجيه الاعلام بصورة دقيقة, وحرفية عالية، اتجاه الشيعة, كي يستهدف بعضهم الآخر، وجعل الصراع شيعي شيعي بإمتياز، ليغفلوا عن اعمال وتصرفات الآخرين المشينة، التي يندى لها جبين الانسانية.

فلقد وجهوا الاعلام بصورة صحيحة، وحققوا من خلاله نجاحات باهرة ومتميزة، ووجهوا الشيعة بإتجاه واحد هو السيد (عمار الحكيم) وتيار الحكمة، فالأكثرية طبق الخطة بحذافيرها دون ان يدرك ذلك، فالحكيم لم يحكم العراق، وانما كان وما يزال الحكم بيد (حزب الدعوة)، وهم من اكثر الاحزاب التي امسكت بالوزارات الحكومية، قرابة الـ (28) وزارة، في الاربعة عشر سنة التي حكموا بها العراق، ناهيك عن المناصب الحكومية التي وصلت للمئات، ورئاسة وعضوية الكثير من اللجان البرلمانية لأربع دورات انتخابية، ونواب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس مجلس الوزراء، وغيرها من الهيئات الحكومية والامن الوطني والمخابرات، والكثير من التي لا يسع المجال لذكرها.

فترى اعلام مواقع التواصل الاجتماعي الاعتيادي منها والممول، جميعه موجه بإتجاه الحكيم، الذي لم يحكم هو وحزبه العراق مرة واحدة، ومغمض عينيه عن الجميع بدون إستثناء الا ما ندر، والسبب والتعليل واضح للمنصف، ولجملة من الاسباب اهمها: مقبوليته لدى غالبية الدول المجاورة والاقليمية, ولم يعطي ولائه لأي دولة عدا العراق، فلم يذهب لأي من دول الجوار او البعيدة لطلب الدعم، فلقد سافر الى النجف الاشرف، وغيره عبر الحدود الى دول الجوار، فغالباً ما يطرح الحلول والمشاريع الكفيلة بإنقاذ البلد، والتي استخدما البعض بالضد من خلال تشويه وتزييف حقيقتها.

لم يضع الحكيم وزير في وزارة الا ونجح فيها، كوزير النفط الذي ضاعف الصادرات النفطية خلال سنة وثمانية اشهر، وجعلها من (2500000000) برميل الى (380000000) الف برميل، وهو الوزير الوحيد الذي نجح في بيع الغاز المصاحب، منذ اكتشاف النفط الى يومنا هذا، ووزير النقل الذي احدث انتقالة في وزارته، وحولها من وزارة خاسرة الى وزارة رابحة، جنت ارباح مثالية في سنة وثمانية اشهر التي بقي فيها، تقدر بـ (8) مليار دينار عراقي، وهو الوزير الوحيد الذي اعادة اموال الطيران الدولي للأجواء العراقية وتقدر بـ (169) مليون دولار، والوزير الاخير الذي احدث انتقالة نوعية في وزارة الشباب والرياضة، حيث بنى قرابة الخمس ملاعب دولية، ناهيك عن عشرات الملاعب المحلية، في سنوات التقشف، التي عجز فيها الآخرين عن توفير ابسط الخدمات الضرورية في وزاراتهم، في سنوات الوفرة، وهو الوزير الوحيد الذي عمل بكل ما يملك من اجل رفع الحظر عن الملاعب العراقية، ويشهد له بذلك القاصي والداني، القريب والبعيد, العدو قبل الصديق.

هذه الاسباب وغيرها جعلت من الحكيم هدفاً للجميع، لأنه المنافس الاقوى في الانتخابات القادمة، ولأنه السياسي الانجح من بين جميع السياسيين الآخرين، ولأنه ذهب للنجف وغيره ذهب للجوار في وضح النهار، ولأنه لم يجلس في مؤتمرات اربيل والسليمانية، ولم يتنازل عن مبادئه الأخلاقية وثوابته الدينية، ولأنه صاحب ذلك الارث العظيم ارث آل الحكيم.