23 ديسمبر، 2024 3:10 م

علقوا كل شئ ..حتى الحج

علقوا كل شئ ..حتى الحج

ماتعرض له العراقيون على مر التأريخ وخلال الحقب والعقود والسنين المتأخرة  من نوازل وزلازل واجتياح بربري وتتاري مغولي واحتلال عقب احتلال ،وما اصابهم من هزات كارثية ومآس وجور واضطهاد،وما لحقهم من ظلم واستبداد ،وحرمان  وتشريد ومقابر جماعية ،على يد السلطة الصدامية البائدة ..كل ذلك في كفة مثقلة معتمة ،وما يتعرضون له اليوم وعلى مدى عشر سنين ليست عجافا فحسب بل سودا قاحلات مسمومات متلفعات بالتراب والوباء ،تعج بالنواح والعويل ،وتنزف دما وارواحا وحشرجات.. في الكفة الاخرى!. ما نتعرض له اليوم طوفان كارثي جارف ، جانبه المرئي تكالب مسعور لجهات عربية ودولية مستعينة بحثالات الشعوب وعتاة مجرميها – ولكل جهة اهدافها –  تظافرت مصممة على اسقاط التجربة الوطنية الديمقراطية وتجزئة العراق وتمزيقه، حتى اذا اقتضى الامر ابادة العراقيين جميعا!. هذا الجانب المرئي من الطوفان ،اما جانب الظل شبه المرئي له فيتمثل بجهات داخلية فقدت امتيازاتها وتسلطها السابق تحلم بعودة تلك الامتيازات والتسلط ،ولذا فهي على استعداد تام لدعم الخراب الوافد – بعد ان تخلت عن وطنيتها وباعت ضميرها وشرفها ومقدساتها- حتى وان لم يتحقق لها ما تريد، المهم لديها اسقاط التجربة الديمقراطية ولو بمحو العراق عن خارطة العالم !.
ما نتعرض له اليوم طوفان كارثي بكل المعاني ..ترون اعداد العوائل النازحة اضطرارا وهلعا وفرارا من الموت، تاركين البيوت والممتلكات ،وبعضهم نسوا اطفالا نياما وفروا هلعا ..تسمعون بالاطفال والشيوخ والنساء الذين يموتون كل يوم ،بل كل ساعة… 300طفل ماتوا بسبب اكلهم اوراق الاشجار وهم يتضورون جوعا  . الجهد الحكومي وحده لا يكفي .. لا يكفي لصد الهجمة المغولية وطوفان البرابرة،ولا يكفي لاستيعاب واحتواء ازمة المهجرين والنازحين .المطلوب تظافر الجهود وتعليق كل المشاريع وحتى فريضة الحج المشروطة بالاستطاعة.
وما اروع ان يبادر الوقفان الشيعي والسني الى اعادة رسوم الحج الى الاشخاص الذين فازوا بقرعة الحج لهذا العام لينفقوها على العوائل النازحة المنكوبة مع الاحتفاظ بحقهم للحج في العام القادم ان شاء الله على ان يكون الامر طوعيا. اعتقد انهم سيحجون هذا العام وهم في بيوتهم حجا مبرورا .وللذين لم يسمعوا بحكاية علي بن يقطين العراقي فانه كان متأهبا للحج،وقد اشترى ما يلزم لذلك من طعام وملابس ،وهيئ المال الكافي ،وقبل السفر بيوم رأى امرأة بائسة تلتقط دجاجة ميتة من كومة الازبال ،فتأذى ،وساءه ذلك المنظر وسألها ماذا تفعلين بهذه الدجاجة المتعفنة ؟!. قالت لأطعم اطفالي اليتامى !.فقال اتركيها وتعالي معي فسلمها كل تجهيزات الحج من طعام وملابس واموال ولم يذهب الى الحج في ذاك الموسم .وحين عاد الحجاج من مكة ذهبوا للسلام على علي بن يقطين وتهنئته بقبول الحج ،فقال متعجبا : انا لم اذهب للحج اصلا ولم اغادر المدينة !.فقالوا ان الامام زين العابدين عليه السلام حين سأله الناس بعد انتهاء طقوس ومراسيم الحج ،كيف كان موسم الحج هذا العام يا ابن رسول الله؟.قال : انا ، وعلي بن يقطين ، وناقتي !!.