منذ سقوط النظام البعثي في العراق عام 2003 و الساحة العراقية تموج بالتقلبات السياسية. تقلبات افرزت تكتلات و تجمعات سياسية و ميليشياوية اقل ما يقال عنها انها غير متجانسة ومعظمها ذات طابع غير وطني. فعراق اليوم وبفضل الفكر البعثي الذي عمل على مسخ الشخصية العراقية لعقود اصبح عبارة عن تركيبة يصعب تعريفها او فهم ماهيتها الفكرية والثقافية. حينما حكم صدام العراق استطاع وبنجاح لامثيل له من أن يفعل مقولة ((انا العراق والعراق أنا)) فقد زرع صدام نفسه وخلقُه وفكره المريض في الكثير من نفوس العراقيين كالخلية السرطانية التي تاكل ماحولها واصبح صدام عبارة عن فكرة وميزة وشخصية وتصرف ووجهة نظر يحملها الكثير من العراقيين وللاسف الشديد. وعلى سبيل المثال أنك عندما تتابع القنوات العراقية الكثيرة , ولااعرف ان كان علينا ان تشكر الله على ذلك ام لا, ماتنفك تلك القنوات ان تجعلك تشعر بالغثيان لضحالة الطرح في تأليه الرموزأعتمادً على ثقافة التأليه التي أوجدها صدام مما يقودك الى ادراك الحقيقة المرة ان صدام قد رحل جسديا وخلف لنا الف صدام يعبدهم ألاف الصداميون. و مما يثير الخوف هو ان النسخ الصدامية الجديدة اصبحت محوُرة ومعدلة جينياَ بحيث انها صدامية الجوهر ولكنها بمظاهر متعددة وهي بذالك تشبه فايروس نقص المناعة المكتسبة الذي يدخل الخلية فيهجن بصمتها الوراثية الى بصمة الفيرويس وعندها تبدئ الخلية بأنتاج النسخ المنقحة من الفايروس الاصلي. وفي عراقنا اليوم يظهر الصداميين المعدلين وراثيأ بمظهر شيعي وسني وكردي والخ من الفسيفاء الاجتماعي العراقي والتي تجعلك تشعر وكان صدام يقول لنا (( اني الحاضر الغائب وعلى طول معاكم ياحبايب)).
ان التحالف البرزاني العلاوي المقتداوي يجعلني اتمنى ان اجد ذلك المصباح السحري لكي اُخرج الجني واطلب منه مطلب واحد وهو ان يجد لي مفتاح لغز هذا التحالف. لقد قلبت كل الاحتمالات فالم اجد من قاسم مشترك بين تلك الشخصيات الثلاثة سوى انهم مصابين بالسرطان الصدامي الفايروسي المزمن. وهم يشكلون محور اقل مايقال عنه انه محور شروبلاء أو شربلائي .
أضلاع المحور.
الضلع الاول: مسعود ((مسعور)) البرزاني, او صاحب السمو الامير المفدى ابو مسرور والاقزام الاربعة, هو الرجل الوحيد في هذا المحور الذي لديه ملامح واضحة من ناحية المبدئ. فهو يسعى لبناء امارة برزانستان وسوف لن يؤل جهدا في تحقيق ذلك. وكذلك كان من قبله والده الذي اسس علاقاته التاريخية مع اسرائيل ومن اجل الوصول الى نفس الغاية. فالرجل صدامي بأمتياز. ومن يريد ان يرى صدام بالزي الكردي ولكن اقصر بكثير فما عليه الا ان ينظر الى هذا الرجل واولاده ولابناء عمومته البرزانين وكيف يتصرفون مع الشعب الكردي وينهبون الاخضر واليابس. ولو كان صدام حسين على قيد الحياة لاستحق ان يقال له “نعم التربية ونسخة طبق الاصل أغاتي ولحصل صدام على جائزة نوبل للاستنساخ البشري”. لقد ذهب عدي و قصي و جاء نجيرفان و مسرور وقائمة المقارنة طويلة لايسعني ان ادخل فيها. ومن هنا نجد ان البرزاني يعادي الحكومة المركزية لانها تعكر سير عملية بناء امارة المهربجية. بغض النظر عمن يرئس تلك الحكومة.
الضلع الثاني: الرفيق علاوي ((ابو خدود الوسيعة)), رجل يجادل على انه صاحب الحق بقيادة العراق. فهذا الرجل لم يترك باب مخابرات الا وطرقها من اجل التأمر على العراق لكي يصل الى كرسي الحكم الذي جربه لفترة قصيرة ويريد ان يعود أليه ليحمي البوابة الشرقية للوطن العربي ضد الريح الصفراء القادمة من قم وطهران. ان المعروف عن البعثيين انهم اناس لايستحون و قطرة الحياء عندهم ليست فقط مفقودة بل لايعترفون بوجود شئ اسمه حياء وهذه الحقيقة قد تجلت في هذا الرجل خير تجل. فهو رجل معروف عند المخابرات البريطانية و الامريكية والاردنية والسعودية و القطري و مخابرات سعيدة ام القيمر ومخابرات كل دولة تامرت او لازالت تتامرعلى العراقيين. ومن هنا نجد ان الرجل سوف يتأمر على اي شخص سلب منه حقه الذي ناظل وتسكع وتأمر من اجله لسنين. لذلك للرجل دوافعه التي تحركه من اجل افشال العملية السياسية في العراق لانها ((كما يعتقد)) يجب ان تكون تحت امرته وامرة الاخوة الرفاق بقيادته من امثال الرفيق الشركسي طارق التركي. وكما يقول المثل العراقي (( لو العب لو اخرب الملعب)).
الضلع الثالث: وما ادراك ما المضلع الثالث! يصفه محبوه بانه رجل لايستهان به. فهو لايعُرف بخاصية معينة. فهو مثل الماء ينجمد بدرجة صفر, ويتبخر بمائة درجة. يأخذ شكل الاناء الذي يوضع فيه ويملئ الفراغات النتوئية. فهو سماحة السيد والقائد والمرجع وابن السلالة العريقة والنسب, قاهر البدريين ومدوخ الدعوجية والمراجع الصامتين. يجمع التضادات في الدين و السياسة ولايطمح للجلوس على كرسي الرئاسة, ففي ايران الصفوية له مكتب, وعند ال سعود الوهابية له مقعد, تستقبله الرؤساء والامراء و الملوك وتعجز عن وصفه الأداب والسلوك, في الكويت له سطوة وفي قطر له حظوة, يأمر و ينهى من خلال سؤال و يحلل الامور ولايخفـى عليه حال, مكتبه في كل حي وزقاق واعوانه لاتعرف الرياء ولا النفاق. له جيش يخمد النار الضروس ويكره السراق والفلوس ,هو بكل شئن خبير ويعشق عبارة ” أذا صح التعبير” و الذي من أجل المواطن و البلاد قد اعلن الحرب على الفساد. وأذا اردت ان تسمع المزيد من الصفات فما عليك الا ان تشهاد مقابلة مع احد اتباع التيار المتقلب وبالاخص الدكتورة ((دكتوراة من سوق مريدي)) مهى الدوري. وهنا نحن لا نعرف سر تحالف هذا الرجل مع مسعود وعلاوي ضد ابناء جلدته وياليتني وجدت المصباح والجني لأعرف الجواب.
ان المتناقضات في اطراف المحور الشربلائي هو ان الضلع الثالث و الضلع الثاني كانا عدوين لدودين. فعندما اصبح السيد اياد علاوي رئيس للوزراء اعلن الحرب على جيش السيد القائد (قبورنا له الفدى) وهدم قبور النجف على راس جيش السيد القائد وعلى نزلائها من الاموات الذين لم يخلصوا من معمعة البعثيين لافي حياتهم ولافي مماتهم. واحتمى جيش القائد الضرورة بحرم امير المؤمنين عليه السلام وحوصر لمدة اسبوع ولولا تدخل المرجعية الصامتة لتنقذ اتباع المرجعية الصارخة (( والي مدوخة العباد بصراخها)) لحدثت المعركة داخل الصحن الحيدري الشريف. وكان السبب الرئيسي لاعلان علاوي الحرب على جيش السيد هو انه يرفض ان تتحدى ميليشيا السيد الضرورة سلطة الحكومة المركزية. وها هو علاوي اليوم يقف مع البرزاني وميلشياته البيشمركية ضد سلطة الدولة المركزية متحديا كل العراقيين وبكل صلافة (( عجيب امور غريب قضية)).
ومن رحم هذه المتناقضات ولد محور الشربلاء الذي والعياذ بالله سوف يجهز على اخر نفس لهذا البلد الجريح. فكلهم يريدون السلطة وكلهم يعملون مع بعضهم البعض من مبدئ عدو عدوي صديقي اليوم ولكن غدا يرجع عدوي وألعن سلف سلفاه. فهولاء يجمعهم كره المالكي اليوم وغدا تفرقهم عداوتهم لبعضهم البعض. ينتقدون المالكي على الفساد وهم غارقون فيه حتى النخاع. فهل ياترى يعي الشعب العراقي مدى خطورة اللعبة و حجم المؤامرة التي تحاك ضده بتمويل العربان وبقيادة السيد ابو مسرور وبرعاية علاوي وببركات السيد المنصور؟ وهل سوف يهرول للتصويت لنفس الوجوه الممسوخة التي جعلت من العراق أضحوكة؟ المستقبل هو الكفيل بالرد على هذا السؤال.