المرجعية الدينية في مدرسة أهل البيت، تمثل امتداداً موضوعياً للإمامة في عصر غيبة المعصوم، وما يترتب على ذلك من مسؤوليات وحقوق وواجبات علمية ودينية واجتماعية ومالية تقع على عاتق المرجع الديني. وعلى أساسها تكون للمرجع الديني بصفته النوعية، ولاية حصرية على جملة من شؤون المجتمع الشيعي، كالولاية على إصدار الفتاوى والأحكام الشرعية، والولاية على الحقوق والأموال الشرعية، جباية وتوزيعاً، كالخمس والزكاة والصدقات ومال مجهول المالك وغيرها، والولاية على القضاء والتحكيم بين أفراد المجتمع، والولاية على الأُمور الحسبية والنظام الاجتماعي العام. ويتوسع بعض الفقهاء في إعطاء مساحة أوسع للفقيه؛ لتشمل الولاية على الحكم والدولة. ومردّ الخلاف بين الفقهاء بشأن ولاية الفقيه هي هذه المساحة فقط، وهو ما شرحناه في الفصل السابق.
وبالتالي؛ فإنّ المرجعية الدينية وولاية الفقيه مصطلحان مرادفان؛ فكل مرجع هو ولي فقيه أيضاً، بناء على إجماع الفقهاء، ولكن هناك ولي فقيه ذو مساحة مقيدة تقتصر على الفتوى والأموال والقضاء والحسبة، ولا تشمل الحكم، وهناك ولي فقيه ذو مساحة عامة تشمل ولاية الحكم أيضاً. وهذه الشمولية لا يختارها الفقيه بناء على رغبته الشخصية أو رؤيته السياسية؛ بل هي قضية علمية فقهية، يتوصل إليها الفقيه عبر الاستدلال والاستنباط العلمي الفقهي. وخلال هذا الجهد العلمي قد يتوصل الفقيه إلى شمول ولاية الفقيه على الحكم أو لا يتوصل. وحينها يحدد موقفه الواقعي حول نوعية تصدّيه للشأن العام؛ أي بناء على قناعته العلمية الفقهية.
وبصرف النظر عن القول بالعموم والخصوص؛ فإنّ المرجعية الدينية الشيعية ظلت ما يقرب من 1200 عام، أي منذ غيبة الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر، تقف على رأس النظام الاجتماعي الديني الشيعي، وهي التي أوجدت هيكلية هذا النظام بالتدريج وبلورته، وحفظت من خلاله الشيعة من الضربات المتوالية والانهيار. وتشكل الحوزة العلمية الشيعية ـ منذ تأسست ـ مركز هذا النظام؛ فهي ليست جامعة لتدريس العلوم الإسلامية وتخريج علماء الدين وحسب؛ بل هي مركز النظام الاجتماعي الديني الشيعي. ولذلك يقف المرجع الأعلى على رأس الحوزة العلمية والنظام الاجتماعي الديني الشيعي، ويقودهما على كل الصعد.
إنّ النظرة إلى المرجعية الدينية تتجاوز القناعات الفكرية والاجتماعية والسياسية، لتندك بالواقع ومتطلباته. وأهم قواعد هذا الواقع:
1ـ إنّ المرجعية الدينية العليا ليست مرجعية علمية فقهية وحسب؛ بل هي منظومة دينية اجتماعية، تقف على رأس النظام الاجتماعي الديني للطائفة الشيعية الإمامية في العالم. ولهذه المنظومة معادلات ثابتة وسياقات عمل ونظم فرعية وتقاليد، أهمها الموضوع العلمي الديني المرتبط بالفتوى، والموضوع الاجتماعي الديني المرتبط بإدارة الشأن العام الشيعي وحفظ النظام العام. ويترشح عن هذه القاعدة ثلاث قواعد فرعية:
أ ـ إنّ المرجعية وحوزتها العلمية هما الوجود الأصيل والثابت والجوهري الوحيد في النظام الاجتماعي الديني الشيعي منذ بداية عصر الغيبة وحتى الآن.
ب ـ إنّ الوجودات والكيانات الشيعية الأُخر، سواء كانت سياسية أو علمية أو اجتماعية أو علاقاتية، مهما بلغ شأنها، هي وجودات عارضة متغيرة، ولا يمكن أن تتساوي مع المرجعية الدينية في مساحة القيادة والصلاحيات الدينية والاجتماعية والمعنوية.
ت ـ إنّ الإطار الذي ينبغي أن يضم جميع الكيانات الشيعية الفرعية العرضية، هو إطار النظام الاجتماعي الديني الشيعي الذي تقوده المرجعية العليا. وفي داخل هذا الإطار تكون علاقة الكيانات الشيعية بالمرجعية الدينية هي علاقة المتغير بالثابت، والفرع بالأصل، والتابع بالمتبوع.
2ـ إنّ منظومة المرجعية الدينية بطبيعتها هي منظومة تقليدية في بناها وأساليب عملها وحركتها. أمّا المحاولات الإصلاحية في الحوزة فلم تلامس ثوابت هذه المنظومة يوماً، ولن تستطيع ملامستها؛ بل تلامس التفاصيل والمتغيرات. وما حركات المراجع المصلحين المعاصرين في الحوزة النجفية والقمية وغيرهما؛ إلّا موجات وتيارات تأتي وتؤسس، ثم يبقى منها ما يتوافق مع ثوابت المنظومة المرجعية التقليدية. وهو ما ينطبق على المشاريع الإصلاحية التأسيسية المعاصرة في حوزة النجف في عهد مرجعية السيد محسن الحكيم (1)، وكذا ما أنجزه الشيخ محمدرضا المظفر (2)، والسيد محمدباقر الصدر (3).
وحتى منظومة ولاية الفقيه؛ بالرغم من قوتها المعنوية والمادية، وكونها أكبر مرجعية دينية في إيران؛ فإنّ تدخلها في منظومة الحوزة ظل مقتصراً على التوجيه ومأسسة النظم الفرعية العامة، ولم تتدخل في الثوابت التقليدية لمنظومة المرجعية ونظمها الخاصة؛ فبقيت المنظومة تقليديةً في ثوابتها، ومنظمةً ومؤسَسِية في متغيراتها، ومستقلةً في شأنها الإداري والمالي.
3ـ إنّ المرجعية تمثل دائماً الأبوّة لكل الوجودات الثقافية والسياسية والاجتماعية الشيعية، وإن كان بعضها ناقداً للمرجعية أو متمرداً على جزء من ثوابتها ومتغيراتها، أو كانت المرجعية لا تتوافق منهجياً مع هذه الوجودات المتغيرة العارضة. وبالتالي؛ فإنّ المرجعية العليا هي (أم الولَد) التي تستوعب أبناءها وتحتضنهم وتخشى عليهم الضرر، وتعمل على الحؤول دون إنكفائهم خارج النظام الاجتماعي الديني الشيعي، حتى وإن أخطؤوا بحقها أو بحق الواقع الشيعي (4).
تطوّر المفاهيم التدبيرية العقلائية
تستند أغلب المصطلحات والمفاهيم المتداولة في وصف ظواهر الاجتماع الديني الشيعي إلى قواعد عقلية، وليس لها أُصول تشريعية نقلية، وهي مصطلحات عرفية تدبيرية تنظيمية عقلائية. ولعل مبدأ ولاية الفقيه هو من المفاهيم القليلة التي تمتلك أصلاً تشريعياً، بوصفه الأساس لكل تفاصيل النظام الاجتماعي الديني الشيعي؛ ما يعني أنّ ولاية الفقيه هي الأصل التشريعي لكل المصطلحات والمفاهيم التنظيمية العقلية المذكورة، وفي مقدمها الاجتهاد والتقليد والمرجعية الدينية والأعلمية.
ويقترن مفهوم (الأعلمية) بتولي الفقيه موقع المرجع الأعلى الذي تقلده أغلبية الشيعة في فروع دينها، وتناط به قضايا الشأن العام. كما أنّ مفهوم (الأعلمية) لصيق بموضوع التعدد في مراجع التقليد؛ فالفقيه الأعلم وفق معايير أهل الخبرة (المجتهدون العدول)، هو الأعلم في الفقه والأكثر قدرة وعمقاً على استنباط الحكم الشرعي الأقرب إلى الخطاب الشرعي الحقيقي، وهو صاحب الحق في تسنم منصب المرجعية العليا للشيعة وقيادتهم الدينية. ولا يعني هذا أنّ الإجماع سيحصل لدى أهل الخبرة؛ بل لدى أغلبهم، وهو ما يؤدي إلى استقرار رأي الأقلية من أهل الخبرة على مراجع آخرين، وبالتالي؛ تتعدد المرجعيات الرديفة؛ برغم وجود مرجع أعلى يؤكد أغلب أهل الخبرة مرجعيته.
وقد وُضع شرط (الأعلمية) ضمن شروط مرجع التقليد؛ ليكون تدبيراً عقلياً لفرز المرجع الأكبر المتصدّي، وحل مشكلة تعدد المرجعيات المتصدّية لزعامة الحوزة أو الشأن العام، والحيلولة دون تشتت قرار الحوزة والمجتمع. ونظراً لتفاوت المعايير واختلاف المخرجات؛ فإنّ (الأعلمية) تُعدّ أمراً نسبياً وإحرازها مستحيل. وبالتالي؛ فإنّ أهل الخبرة يختارون المرجع الأعلم بحسب قناعاتهم، وهي قناعات بشرية خاصة. بل إنّ متطلبات مأسسة المرجعية تتطلب إضافة معايير في الأعلمية تتجاوز الفقه والأُصول، ومن بينها الأعلمية في وعي مقاصد الشريعة ونظام الإسلام العام، والأعلمية في تشخيص المفاسد والمصالح وتشخيص الموضوعات ذات العلاقة بالشأن العام، وهو ما سيأتي شرحه في الفصول القادمة.
أمّا مصطلح (المرجع الأعلى) فهو الآخر مصطلح عرفي وإجراء تدبيري وليس رتبة علمية. وقد أوجده بعض علماء الحوزة العلمية خلال القرن العشرين الميلادي لفرز المرجع الأعلم المتصدّي للشأن العام عن غيره من مراجع الصف الأول. وهو تمييز مقبول، بل ضروري. ولم يكن الفقهاء حتى زمن السيد أبوالحسن الموسوي الإصفهاني والسيد حسين الطباطبائي البروجردي يحملون هذا اللقب؛ بل يحملون توصيفات «زعيم الشيعة» (لقب الشيخ المفيد)، و«شيخ الطائفة» (لقب الشيخ الطوسي)، و«الشيخ الأعظم» (لقب الشيخ الأنصاري). وربما يكون السيد محسن الحكيم أول مرجع حمل صفة «المرجع الأعلى».
وبالتالي؛ لا يوجد ما يمنع من استحداث مصطلحات وهياكل عقلائية مقبولة شرعاً، وتفي بالأغراض التدبيرية والتنظيمية، كما هو الحال مع مصطلح «الحوزة العلمية» في عصر الشيخ الطوسي، ثم مصطلحات «ثقة الإسلام» الذي استحدث في عهد الشيخ الكليني قبل أکثر من ألف سنة، و«العلّامة» الذي لقب به الشيخ الحلّي. ثم تمت استعارة لقب «حجة الإسلام» من الشيخ الغزالي، وبعدها استُحدث لقب «آية الله» للدلالة على المجتهد كرتبة علمية. وحين اضطرت الحوزة للتمييز بين عموم المجتهدين (آيات الله) وبين المرجع؛ أضافوا مفردة «العظمى» إلى آية الله؛ ليختص لقب آية الله العظمى بمراجع التقليد فقط. ثم تم استحداث مصطلح «زعيم الحوزة» و«المرجع الأعلى» للتمييز بينه وبين سائر مراجع التقليد؛ بوصفه المرجع العام الأول لكل الشيعة.
وليست هذه الإجراءات التدبيرية العرفية تقتصر على الشأن المذهبي والديني؛ بل يعمل بها كل البشر منذ بدء الخليقة وحتى الآن. وكلما اتجهت الكيانات الدينية والعلمية والأكاديمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية نحو تطوير هيكلياتها ومأسسة سياقاتها وأدواتها؛ ازدادت الحاجة إلى المصطلحات والرتب والعناوين. ولكن ينبغي التنبه إلى حساسية الشأن الديني في مجال استحداث المصطلحات والرتب والعناوين العامة والخاصة؛ بوصفه شأناً يربط بين الدنيا والآخرة، ويختلف عن الشؤون الدنيوية البحتة، ولا يمكن التسامح في الاستحداثات التدبيرية؛ بل يحتاج على الدوام إلى إقرار من الشريعة، أي إلى مقبولية شرعية ودقة فائقة في الدلالات، ولا سيما في العناوين الخاصة ذات الدلالات المقدسة.
المرجع المتصدّي وتعدد مرجعيات التقليد
إنّ الجعل الشرعي، بأنّ يكون لكل الفقهاء ولاية الفتوى والقضاء والحسبة وتداول المال الشرعي، يخلق إشكالية لا تزال مدار بحث ونقاش. فإذا كان الفقيه منصوباً من قبل الإمام المعصوم نصباً عاماً، ومعيّن تعييناً نوعياً؛ فهذا يعني أنّ الولاية هنا تكون لجميع الفقهاء، ولهم حق إعمالها في الزمان والمكان نفسيهما؛ لأنّهم معينون تعييناً نوعياً دون استثناء. وهو ما جرت عليه العادة؛ إذ يطرح المرجع الديني نفسه، ويؤكد أعلميته في الساحة العلمية من خلال دروسه وأبحاثه، ومن خلال تلامذته وحاشيته؛ فيكون مرجعاً يقلّده قسم من الشيعة، دون أن يكون لهم دور في تعيينه، ودون أن يكون للكفاءة القيادية والقدرة على تلبية الحاجات الاجتماعية أثر في التعيين غالباً.
والرجوع إلى الفقهاء وتقليدهم لا يدل على رجوع الأُمّة في زمن معيّن إلى فقيه أو مرجع بعينه؛ بل لكل من اجتمعت فيه الشروط المثبّتة في كتب الفقه والحديث، ولا سيما الفقاهة والعدالة. حتى إنّ الأعلمية غير مشروطة بجعل الولاية للفقيه؛ بل تتحقق الولاية لكل فقيه، كما تدل ظاهر الأحاديث، وهو ما أدّى إلى تعدد مراجع التقليد في كل عصر (5).
وحيال إشكالية تعدد مراجع التقليد؛ يرى المعنيون بالنظام الاجتماعي الديني الشيعي ضرورة حصول إجماع نسبي لدى أهل الخبرة في الحوزتين الشيعيتين المركزيتين (النجف وقم) لطرح أحد المراجع وفق شرائط معينة؛ ليكون هو المرجع المتصدّي أو المرجع الأعلى؛ للحيلولة دون التعارض بين المراجع في قضايا الشأن العام والنظام المجتمعي، وهو أمر أساس ومصيري للنظام الاجتماعي الديني الشيعي؛ لأنّ ممارسة جميع الفقهاء لولاية الحسبة في الشأن العام في وقت واحد ومكان واحد يؤدي إلى الفوضى وانهيار النظام العام. ولذلك؛ يمكن إضافة شرطي الكفاءة والمقبولية العامة إلى شرطي الاجتهاد والعدالة؛ ليكونا شرطين مرجِّحين في هذا المجال. أمّا إذا تحقق شرط الأعلمية النسبية؛ فستكون الشروط متكاملة في المرجع المتصدّي أو الأعلى الذي تكون له ولاية على النظام العام، كما الحاصل اليوم مع مرجعيتي السيد السيستاني والسيد الخامنئي.
وفضلاً عن أنّ هناك عرفاً موروثاً بحصر المرجع الأعلى والمرجعيات عامة، سواء في النجف أو قم؛ فإنّ دليل حصر المرجعية العليا المتصدّية للشأن العام وولاية الفقيه، كما هو السائد دائماً؛ هو الدليل العقلي التدبيري المقبول شرعاً؛ بل الواجب بالعنوان الثانوي، والذي يفرض وجود مرجعية عليا تتولى حصراً شؤون حفظ النظام؛ لدرء المفاسد عن النظام الاجتماعي الشيعي، والحيلولة دون تمزق قراره وتشظيه، ودون تمرد الجماعات الدينية الخاصة على زعامة النظام المتمثلة بالمرجع الأعلى المتصدّي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإحالات
(1) أُنظر: أحمد الحسيني الأشكوري، «الإمام الحكيم السيد محسن الطباطبائي». صفاء الدين تبرائيان، «سيد محسن حکيم: إحياگر حوزه نجف». السيد محمد باقر الحكيم، «مرجعية الإمام الحكيم: نظرة تحليلية شاملة». عدنان إبراهيم السراج، «الإمام محسن الحكيم». محمد هادي الأسدي، «الإمام الحكيم». هاشم فياض الحسيني، «الإمام المجاهد السيد محسن الحكيم». علي المؤمن، «سنوات الجمر»، ص53 ـ 131.
(2) أُنظر: محمد رضا القاموسي (إعداد وتعليق)، «من أوراق الشيخ محمدرضا المظفر 1904 ـ 1964م». الشيخ محمد مهدي الآصفي، «الشيخ محمد رضا المظفر وتطور الحركة الإصلاحية». د. علاء حسن مردان اللامي، «تجربة الشيخ محمد رضا المظفر في الإصلاح الديني»، علي المؤمن، «سنوات الجمر»، ص34 ـ 76.
http://alhudamissan. com/index. php/2013ـ03ـ05ـ21ـ25ـ16/2013ـ03ـ05ـ21ـ25ـ11/5388ـ2019ـ01ـ09ـ13ـ39ـ41. Html
(3) أُنظر: السيد كاظم الحائري، مقدمة كتاب «مباحث الأُصول»، و«حياة وأفكار الشهيد الصدر». السيد محمد الحسيني، «الإمام السيد محمد باقر الصدر: حياة حافلة وفكر خلاق». أحمد أبو زيد العاملي، «السيد محمد باقر الصدر: السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق». نخبة من الباحثين، «محمد باقر الصدر: دراسات في حياته وفكره». علي المؤمن، «سنوات الجمر».
(4) علي المؤمن، جدليات الدعوة، ص178 – 186.
(5) للتفصيل حول موضوع الأعلمية وإشكالياته؛ أُنظر: الفصل التاسع من کتاب “الاجتماع الديني الشيعي” للكاتب نفسه.