الأنهماك المتسارع والمكثف للأتحاد الأوربي بالأيعاز ومنح الضوء الأخضر لأعضائه من الدول في توريد الأسلحة الى قوات البيشمركه الكردية بغية مواجهة داعش , له اكثر من دلالة , وملفتٌ للنظر من الزاوية الحادّه .! , فقد ذكرنا في مقالٍ سابق في مطلع الأسبوع الماضي وفي هذا الموقع تحديدا , ونشرته مواقع الكترونية اخرى , بأنّ اسلحة الجيش العراقي الذي انسحب من الموصل وكركوك ومن مناطق اخرى , والتي استولت عليها قوات البيشمركه وصادرتها ” ومعظمها اسلحة امريكية حديثة ومتطورة ” , كما اشرنا الى أنّ اسلحة الجيش العراقي السابق وبكمياتٍ هائلة والتي ايضا استولت عليها البيشمركه إثر الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 , بالأضافةِ الى كميات السلاح التي تمّ الأستيلاء عليها ايضا في حرب 1991 , فكلّ تلك الأسلحة الثقيلة والدروع والمدفعية والأجهزة العسكرية ذات العلاقة , فأنها بمجموعها ونوعيتها فهي اكبر بكثيرٍ من استيعاب البيشمركه وفوق طاقاتها العسكرية والبشرية , وقد لفتنا الأنتباه في مقالتنا تلك الى التصريحات الكردية بالطلب الى الولايات المتحدة بتزويد القوات الكردية بالسلاح الأمريكي فور تحرّك داعش لأحتلال سنجار , ولم تكن الأسلحة التي بحوزة البيشمركة قد جرى استخدامها بعد , وما ان بلغت الطلبات الكردية مسامع الأدارة الأمريكية ” والتي بدت وكأنها بأنتظارها على احرّ من الجمر .! ” , حتى اعلن الأمريكان عن استجابتهم الفورية وبدأوا بشحن وتوريد اسلحتهم للقوات الكردية , وبالتزامن مع اعلان البنتاغون عن تكليف طائرتين او مقاتلتين فقط ” وإحداها بدون طيار ” بقصف مواقع داعش , واعلنت القيادة العسكرية الأمريكية انّ طائرتيها قد دمّرت مدفع مورتر ” هاون ” لداعش , ثم قالت انها في احدى غاراتها الجوية قد قصفت عجلة فيها اشخاصٌ من داعش , ولتأكيد مصداقيتها .! قامت القيادة الأمريكية بتكرار عرض مشاهد قصفٍ لداعش ولكنها عبر افلام وكأنها من الغرافيك المضلل المشابهه لألعاب الفليبرز والألعاب الحربية الأخرى في الكومبيوتر ..!!! , وإذ باتَ وامسى سهلاً للأدراك والأستنتاج والفهم بأنّ توريد وشحن الأسلحة من مختلف دول الأتحاد الأوربي فضلا عن الولايات المتحدة وربما من دولٍ اخرى لا يُراد الأعلان عنها , هو ليس إلاّ لتثبيت اركان واُسس دولة كردية جديدة سيتم الأعلان عنها لاحقا وقريبا , فأنّ علامة الأستفهام الوحيدة غير المقلوبة هي : لماذا لا تقوم مقاتلات وقاذفات دول الأتحاد الأوربي ومعها الصواريخ والطيران الأمريكي بقصف وتدمير قوات داعش ومسحها عن بكرة ابيها وانهائها خلال ساعات , بدلاً عن التطبيل والتزمير الغربي عن خطر داعش على المنطقه والعالم .!؟
إنّ احتلال داعش للموصل اولاً , ثمّ نزولها الى مدنٍ ومحافظاتٍ اخرى , واقترابها نسبيا من مشارف بغداد , كان قد جعل الدنيا تقوم ولا تقعد ولا سيما على صعيد الإعلام , فأيّ فلسفةٍ عسكرية , وايّ’ ستراتيجية حربية , واية تعبئةٍ وتكتيك , يجعل داعش لتغيّر من خطّ سيرها لتنتقل بين لحظةٍ وضحاها الى اقصى الشمال , الى سنجار وضواحيها واطرافها .!؟ لولا ان جرى توجيه قيادة داعش عبر الريموت كونترول لتغيير خط سيرها الى الأتجاه المعاكس الغريب والمبهم , تمهيدا وتهيئةً لأرضية اعلان الدولة الكردية المستقله في الوقت الذي ترتأيه الأدارة الأمريكية ملائما ومناسباً .. إنّ السيناريو الأمريكي لمْ يعد مكشوفاً فحسب , بل غدا رخيصاً ومبتذلاً ويستخفُّ بالعقول ..! , ونلفتُ الأنظار هنا ايضاً , الى انّ السيدة ” اشتون ” منسّقة السياسة الخارجية للأتحاد لأوربي لمْ تُدلِ بأيّ تصريحٍ او رأيٍ حول اندفاع الأتحاد الأوربي بالأيعاز لأعضائه بشحن الأسلحة للبيشمركة الكردية , حيث يبدو انّ السيدة ” اشتون ” لا تريد ان تتحمّل مسؤوليةً تأريخية في تجزئة وتقسيم العراق , حسبما يبدو ممّا يبدو ..!