– نُسجّل اولاً للبعض من الذين لا يدركون طبوغرافيا المنطقة بقضاء سنجار , الى أنّ هنالك طريقين يتجهان الى هذه ” المدينة ” , أحدهما طريق ” الموصل – سنجار , والآخر هو الطريق الممتد من سنجار الى الحدود السورية – العراقية .
لابدّ من التذكير او إعادة التذكير أنّ قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني او حتى قيادة البيشمركة قد اعلنت ” عبر الإعلام ” بأنها في صدد الشروع بالهجوم على معاقل الدواعش في سنجار, وذلك قبل يومين من البدء في المعركة , وهنا , فمن الطبيعي او ” حتى اقلّ من ذلك ” أن تراود افكار الجميع ” او معظمهم ” أنّ القيادة الكردية قد جرّدت نفسها من عنصر المباغتة والمبادأة , وجعلت قيادة داعش في سنجار لتتنبه وتتخذ استعداداتها وتأخذ احتياطياتها الدفاعية لمواجهة الهجوم الكردي المعلن عنه مسبقاً .! , لكنّ ذلك ليس صائباً , فالقيادة الكردية العسكرية والأستخبارية ليست بساذجة لتعلن عن نواياها او نيّاتها المسبقة للهجوم كي تُلفت انظار الدواعش لذلك .!
وقبل البدء بالهجوم , كان ان جرى الإعلان عن قطع الطريقين الوحيدين المتجهين الى سنجار بواسطة قوات البيش مركة , وبذلك تكون المعركة قد حُسِمَت بالنصر المؤزّر قبل بدء القتال .! ومن الطبيعي ايضا أنّ مقاتلي داعش قد عرفوا بذلك دونما حاجة للإعلان عنه . وإذ لازلنا نتحدثُ ” هنا ” من البَرّ , فجوّاً كانت طائرات التحالف قد نفّذت اعداداً مرتفعة جدا من الغارات والضربات الجوية هناك , وهي المرة الأولى التي يقوم بها الأمريكان في استخدام مقاتلاتهم بهذا العدد حسبما قيل , لكنه < لمْ يجرِ عرض الصور الجوية لنتائج هذه الغارات على الدواعش .! > وهذه نقطة قد تدعو للتفكر والتأمّل .
والى كلّ ذلك , فلم يحدث في تأريخ الحروب أن لا يترك الطرف المنهزم ” في اية معركة ” خسائراً وآثاراً مرئيةً وملموسة سواءً في جثِ قتلاه , او من الأسرى والجرحى , ومن الأسلحة التي لايمكن نقلها في مثل تلك المواقف , والأمرُ لا يتوقف على ذلك فحسب ! , بل لم تظهر في سنجار ” بعد التحرير ” اية عجلاتٍ او مركباتٍ داعشيةٍ مدمّرة ! ولا سليمة ايضا ! , ولم يُرَ اية اجهزة حربية ولا مخازن او اكداس ذخيرة و وقود , فماذا وكيف يمكن تفسير ذلك .؟
الأمر الوحيد في ذلك وهو كأستنتاجٍ وحيدٍ وافتراضيٍّ متبقٍّ ” والذي لا نريد تبنّيه ” هو أنّ اتفاقا مسبقا قد جرى مع الدواعش للأنسحاب من سنجار واعطائهم الوقت الأكثر من كافٍ كي لا يتركوا خلفهم أيّاً من معداتهم , واللهمّ سوى احتمال ترك وزرع عبواتٍ ناسفةٍ مدفونة , والعكس قد يغدو صحيحا ايضا . ثُمَّ ومع وعبرهذه المؤشرات الملازمة للمعركة , فهل تمّت المعركة من دون معركة .! , هنالك نقطةٌ اخرى , وهي خارج نطاق العمليات الحربية , هي نقطةٌ تضيفُ ضباباً آخراً الى ضبابية المعركة , إذ لمْ يكن من مبررٍ او مسوّغ لأن ترفض قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني وبيش مركتها دخول وسائل اعلامٍ اخرى من ” الأتحاد الوطني الكردستاني او غيرها ” لتغطية وتصوير الأنتصار بعد الأنتهاء من المعركة ودخول قوات مسعود اليها .!
ثُمَّ , وإذ نحاول الإحاطة بكل او معظم جوانب التغطية لمعركة سنجار , فننتقل من الجانبين العسكري والإعلامي الى الجانب السياسي والذي هو الأخطر مما سبقاه .! فبعدَ تصريح الرئيس البرزاني بأن لا عَلَمَ سوف يرفع في سنجار سوى علم الأقليم , وبعدما ووجِهَ هذا التصريح بأنتقادات حادّة من اوساطٍ عراقية مختلفة , وكان اشدّها على الأطلاق تصريح السيد ” قيس الخزعلى ” من أنَّ تنظيمه المسلح وفصائل اخرى سوف تنتزع وتسترجع سنجار من بيشمركة البرزاني , وحيث لوحظَ صدور وبث تصريحاتٍ كردية ” بعد ذلك ” تخفف من مسألة علم الأقليم ” على استحياء ” وتحاول تفسيرها على انها سوء فهمٍ لاغير , لكنّ ذلك لمْ يكن له من صدى ولم يجرِ تقبّله في عموم العراق , ولو صدقت قيادة الأقليم في ذلك فلماذا لم تُعِد سنجار الى الدولة العراقية .! وهذا اصلاً غير متوقّع من السيد البرزاني .
نجدُ أنّ السيناريو العسكري والإخراج الإعلامي لمعركة سنجار لمْ يكن مستوفياً للشروط المتعارف عليها وفيه ما فيه من الثَغَرات الكثار , ولسنا هنا بصددِ توجه نقدٍ الى قوات البيشمركه البطلة ولا الى القيادات السياسية المعتبرة في الأقليم , لكنّه في ” الإعلام ” فالمطلوب عرض وتقديم ادلّة مصوّرة ومثبته لإقناع الرأي العام عن الكلمات والأخبار التي اُذيعت عن المعركة …